تعيش البحرين هذه الفترة المراحل النهائية من الاستعدادات للانتخابات البلدية والنيابية الثالثة منذ مشروع الإصلاح السياسي في البحرين، وهذا المعترك الانتخابي الذي سيجرى بعد شهر، يأتي في ظروف مختلفة عن انتخابات 2002 وانتخابات 2006.
تأسست غالبية القوى السياسية الرئيسية (ذات الجذور التاريخية) مبكراً، والخريطة السياسية البحرينية تبلورت بوضوح في العام 2002 حين جرت الانتخابات وسط انقسام سياسي وأجواء مشحونة على إثر الاختلاف على تفسير طبيعة التعديل الدستوري، وبسبب ذلك قررت جمعيات المعارضة الرئيسية مقاطعة الانتخابات.
وأدت المقاطعة إلى اختلال ميزان تمثيل مكونات المجتمع البحريني داخل المجلس النيابي، فيما كان الوضع خارج المجلس ملتهباً ومشحوناً على الدوام، ولكنها حافظت على تماسك القوى المقاطعة، وكان الخيار الوحيد لامتصاص حماس الشارع (جماهير الجمعيات) وإرضاء الصقور في أوساط تلك الجمعيات.
ولكن بعد سنين أربع، عدلت الجمعيات الأربع (الوفاق، وعد، أمل والتجمع القومي) رأيها السابق بشأن المقاطعة بعد مراجعة حسابات الربح والخسارة وقراءة المستجدات، وقررت خوض الانتخابات، ومثلت تلك المرحلة «عرساً وطنياً» بامتياز، لأن المشاركة تنبئ عن رغبة حثيثة في التوافق والتلاقي والعمل المشترك من خلال المؤسسات حتى من دون الاتفاق على جميع مفاصل المشروع السياسي.
قرار المشاركة خلق أجواء إيجابية كبيرة، وتمكنت المعارضة من إيصال صوتها بقوة تحت قبة المجلس النيابي من خلال قيادة اللجان البرلمانية الفاعلة وطرح الملفات الساخنة، والتواصل مع جميع القطاعات المؤثرة في القرار، ولكنه ونظراً إلى تركيبة المجلس وحدود صلاحياته لم ينل الحصاد البرلماني على رأي بعض الجماهير التي أصابها التململ؛ لأن المجلس لم يرقَ من وجهة نظرها إلى السقف المنشود من التطلعات.
أما الانتخابات الحالية (2010) فإنها ستجرى في ظل واقع جديد؛ لأن الاستراتيجية الأمنية الجديدة (التي بدأت في شهر رمضان المبارك) ألقت بظلالها بقوة على الوضع السياسي. وانخفض سقف الخطاب الذي كان سائداً ما قبلها. فلم تعد الملفات السياسية الكبيرة مطروحة على النقاش الآن، لأن موضوعات أخرى فرضت نفسها على الساحة وأخذت موقع الصدارة من الاهتمام الرسمي والشعبي.
وبقراءة أولية لصورة المشهد الانتخابي في البحرين، فإن المثير في هذه الانتخابات هو قلة عدد المرشحين، فإذا كان مفهوماً إحجام الناخبين ولكن قلة المرشحين تحتاج إلى دراسة أسبابها بشكل أكبر، كما أن فوز خمسة نواب في دوائر مهمة في مختلف المحافظات بالتزكية (مع أنباء متواترة عن مزيد من التزكيات في دوائر أخرى)، وهو أمر لم يحدث سابقاً ويتعين قراءته بتأنٍ.
مجلس النواب يتجه نحو تغيير طفيف في تشكيلته، وسيكون للمستقلين (المقربين من الحكومة) نصيب جيد من مقاعد المجلس، وسيكون ذلك على حساب حصة قوى الإسلام السياسي السني (الأصالة والمنبر الإسلامي) اللتين ظلتا مسيطرتين بقوة طيلة دورتين برلمانيتين. ورغم ذلك ستحافظ جمعية الوفاق (التيار الإسلامي الشيعي) والتي تهيمن عليها العناصر الشبابية والتكنوقراط، ستحافظ على نفس عدد مقاعدها على الأرجح ما لم تحدث مفاجآت في دوائر مدينة حمد، حيث يتنافس زعيما المنبر الديمقراطي والتجمع القومي.
قوى اليسار (وعد، المنبر التقدمي، التجمع القومي) هي الأخرى تسعى لموطأ قدم هذه المرة، ولكنها تواجه تحديات كبيرة. فجمعية العمل الوطني الديمقراطي لن تصل للمجلس قبل أن ترسل إشارات للسلطة عن نواياها المقبلة، وخصوصاً في ظل الحملة الشرسة المفروضة عليها من أوساط محسوبة على التيار الرسمي. أما الجمعيتان الأخريان (التقدمي والقومي) فتخوضان تحدي سحب البساط من أرجل «الوفاق» في عدد من الدوائر.
رغم حملة «حطي الكسرة وغيري» التي أطلقها المجلس الأعلى للمرأة هذا الأسبوع، فإنه لا مؤشرات حقيقية على وصول سيدات للمجلس النيابي عدا البرلمانية لطيفة القعود التي فازت بالتزكية للمرة الثانية، والمرأة الأخرى هي الناشطة منيرة فخرو إذا حالفها الحظ واستطاعت تخطي «معضلة المراكز العامة».
إذاً، لا تغيير كبيراً ينتظر برلمان 2010، وبذلك سيكون نسخة مطورة من 2006.
إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"العدد 2946 - الأربعاء 29 سبتمبر 2010م الموافق 20 شوال 1431هـ
خالد الشامخ : المشاركه الشعبيه بالانتخابات ظاهره صحيه.
(قرار المشاركة خلق أجواء إيجابية كبيرة، وتمكنت المعارضة من إيصال صوتها بقوة تحت قبة المجلس النيابي من خلال قيادة اللجان البرلمانية الفاعلة وطرح الملفات الساخنة )
الصالحي
التغير جاي جاي ما في مفر
في أن المقاطعة هي الحل - فهمي هويدي 3
إذا سلمنا جدلا بأن للإخوان مصلحة شكلية فى المشاركة فالثابت ان للوطن مصلحة اكيدة فى ان يلقوا بثقلهم إلى جانب دعاة المقاطعة، تعبيرا عن الاحتجاج على سياسة تزوير الديمقراطية ومصادرة الحريات العامة فى ظل استمرار الطوارئ.
وقد سبق ان قلت ــ وقال غيرى ــ أن المقاطعة الفعالة من وسائل الضغط على النظام وإحراجه كى يضطر إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق الإصلاح السياسى المنشود. وعلى الإخوان ان يختاروا بين مصلحة الجماعة ومصلحة الوطن.
في أن المقاطعة هي الحل - فهمي هويدي 1
أعترف بأنني عاجز عن فهم أو تفسير موقف أحزاب المعارضة المصرية التي قررت الاشتراك في الانتخابات النيابية التي يجري «طبخها» الآن،أتحدث عن المعارضة الحقيقية المشغولة بهم الوطن وصاحبة المصلحة في التغيير والإصلاح السياسي، وليس تلك التي حولت المعارضة إلى متجر للبيع والشراء وعقد الصفقات، وصارت في النهاية أجنحة للحزب الوطني وأداة لضرب المعارضة الحقيقية وإجهاض مساعيها لتصحيح الأوضاع وإخراج الوطن من أزمته.
التغيير قادم
العالم كله في تطور دائم وتغير ولن يستطيع أحد ايقافه