عكست النتائج الأخيرة التي حققها منتخبا الأولمبي والناشئين لكرة القدم حجم الفروق الشاسعة التي أمست تفرق بين منتخباتنا العمرية ودول الخليج، إذا ما رأينا أن المنتخبين شاركا في بطولتين خليجيتين ونافسا فيهما على المراكز الأخيرة، على رغم نظام البطولة السهل الممتنع الذي يضمن لك فيها فوزا وحيدا التأهل إلى الدور نصف النهائي والبقاء ضمن الأربعة الكبار، غير أن المنتخبين خرجا بخفي حنين، ولعبا على المركزين الخامس والسادس.
لعل النقطة الأبرز في خروج المنتخبين هي عدم تمكنهما من تسجيل أي هدف في 3 مباريات لعباها، الأمر الذي عجل بخروجهما من البطولة التي كانت تعتمد على تحقيق الانتصارات بحسب نظام البطولة - إخراج المغلوب -، لذلك كان الوضع غريبا بعض الشيء مع اعتماد المنتخبين اللعب الدفاعي كسلاح للخروج بنقاط المباريات والتأهل عبرها إلى الدور التالي، وهذا ما شاهدناه تماما مع خلو مباريات المنتخبين من هجمات صريحة تماما إلا ما ندر على مرمى المنتخبات الخصم.
لقد أصبحت المنتخبات العمرية تعتمد وبشكل كبير على اللعب الدفاعي البحت الذي يجلب نقطة واحدة على أقل التقادير بدلا من خطف النقاط الثلاث كاملة التي لا تتأتى إلا بالاعتماد على الهجوم، فخير وسيلة للدفاع الهجوم كما هو معروف، ليبقى تأثير هذه الطرق على المنتخبات ومشاركاتها المتعددة في مختلف الاستحقاقات، فقد أصبح الأسلوب الدفاعي السمة البارزة التي تلصق بجل منتخبات كرة القدم لدينا في مختلف البطولات الخليجية والآسيوية، وأتذكر حين كانت جميع الجماهير تسعد حين يسجل المنتخب الأول أي هدف في بطولات الخليج مثلا، لماذا، لان تحقيق المنتخبات الأخرى لهدف في مرمانا يصبح صعبا حينها، في المقابل فإن تسجيل أحدها في مرمانا لهدف يضع الجماهير في حالة بؤس، لصعوبة تسجيل منتخبنا لهدف التعادل مع عدم إدراك لاعبينا للأسلوب الهجومي.
لقد أمست الأجهزة الفنية المختلفة المتعاقبة على المنتخبات الوطنية تأتي فقط للبحرين لتدريسنا الطرق الدفاعية فقط، ونسيان الأمور الهجومية، الأمر الذي ينعكس سلبا من دون شك على تعاقب هذه المنتخبات، وليمسي ذلك واضحا لدى منتخبي الأولمبي والناشئين مع عدم تسجيلهما لأي هدف، الأمر الذي سيؤثر سلبا على عطاء هؤلاء اللاعبين حال وصولهم للمنتخب الأول، وما قلق مدرب ريال مدريد البرتغالي جوزيه مورينهو من غياب القدرة التهديفية لفريقه والتي من شأنها خسارة الكثير في المنافسة، إلا دليل واضح على أهمية الدور الهجومي لأي فريق، وبالتالي التوازن في اللعب يكون السبيل الوحيد للمنافسة على الألقاب، وليس التركيز فقط على الدفاع.
أصبح لاعبو الفئات السنية وفقا لهذه الرؤية - الدفاع فقط – لا يعرفون شيئا عن الهجوم، فعلى رغم وجود المهارات الفردية لدى بعضهم، إلا أن الخطط التكتيكية التي يجلبها المدربون تنسي هؤلاء قدراتهم التهديفية التي تتواجد في المنافسات المحلية، الأمر الذي يؤثر على هذا اللاعب الصغير حين يتأهب لخوض دوره في المنتخب الأول، بمعنى أن هذا اللاعب سيفقد ثقته القادرة على التسجيل، وحينها يكون ضعيفا في مواجهة مدافعي المنتخبات الأخرى، لأنه كان منذ المنتخب الأصغر يلعب للدفاع فقط، هنا كان لزاما على مدربي المنتخبات العمرية التركيز على هذه النقطة، وتعويد اللاعب منذ تواجده في المنتخبات الصغيرة على إحداث التوازن في لعبه، لأنه سيفتقدها حين يكبر، وبث هذه الثقة فيه من الآن، وخصوصا أن هذه البطولات جاءت لصقل الموهبة.
يتذكر الجميع لقاء المنتخب الأول في الدور نصف النهائي لبطولة كأس آسيا 2004 مع اليابان والتي انتهت بخسارتنا بنتيجة 4/3، يتذكر الجميع كيف نافس الهداف علاء حبيل على لقب هداف القارة، نتذكر كيف غير المدرب حينها الكرواتي ستريشكو من عقلية اللاعب البحريني من الدفاع إلى الهجوم، حتى بعث فينا الأمل بالقدرة على التسجيل حتى لو تقدمت المنتخبات الأخرى علينا، ذلك بسبب الفكر الهجومي للاعبينا حينها، والذي بدا في الانكماش مع مغادرة هذا المدرب وعودة المدربين الذين لا يعرفون سوى الدفاع مع البحرين.
نحتاج إلى أن تتوافر لدينا أجهزة فنية قادرة على صقل المواهب الصغيرة القادرة على فعل الكثير، من دون بذل الوقت في التبرير للهزائم بأسلوب البطولة المتعب الذي يسري على الجميع، لكي تتمكن هذه الأجهزة من وضع الشكل الأمثل الذي يحفظ لمنتخباتنا المنافسة الحقيقية على البطولات، وإلا ليست هناك فائدة في المدرب الأجنبي الذي تصرف له الأموال، لأن المدرب المحلي بإمكانه تعويد اللاعبين على اللعب مدافعين في حال كان اللعب فقط دفاعا.
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 2945 - الثلثاء 28 سبتمبر 2010م الموافق 19 شوال 1431هـ