دعت منظمة الشفافية الدولية إلى أن تبني سياسات وآليات لمكافحة الفساد والمحسوبين وتعزيز النزاهة والمساءلة والحكم الصالح كجزء لا يتجزأ من استراتيجية التنمية وخصوصاً استراتيجية تحقيق أهداف الألفية للتنمية من قبل كافة الأطراف المعنية لهذه الاستراتيجية. وتشمل هذه الأطراف وكالات الأمم المتحدة المعنية، ووكالات الإقراض والمساعدات الدولية والدول المانحة من ناحية والدول المتلقية لهذه المساعدات والمنح، والمنظمات والمؤسسات الأهلية، والجهات الحكومية والشركات المناط تنفيذ خطط وبرامج تنفيذ أهداف الألفية للتنمية والتي تصب في مجرى التنمية الشاملة والمترابطة.
في تقريرها الخاص والمعنون «مكافحة الفساد عامل أساسي في تحقيق أهداف الألفية للتنمية 2015»، أكدت منظمة الشفافية الدولية على وقائع كون الفساد وكحقبة رئيسية للوصول لأهداف الألفية للتنمية، وأن على المسئولين إدراك ذلك ومعالجته بدمج أجندتي تحقيق الأهداف ومكافحة الفساد في أجندة واحدة وفي هذا التقرير أثبتت المنظمة أن تقرير الشفافية والمحاسبة والنزاهة انعكس إيجابياً على تحقيق هذه الأهداف والعكس صحيح حيث أحبط الفساد والمحسوبية والحكم الفاسد تحقيق هذه الأهداف لو توافرت لها الخطط والتمويل والإمكانيات البشرية.
درست المنظمة أداء ونتائج 48 بلداً في عملها لتحقيق أهداف تعميم التعليم والصحة والمياه، في ارتباطها بالفساد والشفافية والنزاهة والمساءلة.
وتوصلت إلى الاستنتاج أنه في ضوء التجارب السابقة في مختلف مجالات التنمية وتجربة العشر سنوات الماضية فيما يتعلق بالأهداف الثمانية، بالتحديد، فإن على الدول الالتزام الفعلي باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 2003، وإعلان باريس حول فعالية المساعدات من أجل 2005، وخطة عمل أكرا 2006 وإعلان الدوحة لتمويل التنمية 2008، وطبعاً الالتزام باستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وتقرير الشفافية والنزاهة والحكم الصالح. ولا يقتصر ذلك على الدول بكافة أجهزتها بل يشمل أيضاً القطاع الخاص والمختلط والقطاع المدني والسياسي.
وقد حللت المنظمة أداء مختلف الدول في تحقيق كل هدف لى حدة بارتباطه بالفساد وغياب الشفافية والمساءلة أو عكس ذلك، ووجدت ما يلي:
هناك ترابط وثيق بين الفقر ومن ثم الجوع والفساد.
ويلاحظ هنا باستثناء الدول الريعية والتي يتوافر لديها مداخيل جيدة من تصدير النفط أو الغاز أو الصادرات المنجمية فإن الكثير منها يعاني من الفقر النسبي أو المدقع. لقد تحول عدد من هذه الدول مثل مصر والسودان وباكستان من بلدان مصدرة ذات فائض غذائي إلى بلدان مستوردة للأغذية خصوصاً الحبوب. ويرجع ذلك إلى الفساد في القطاع الزراعي والقطاعات المرتبطة به مثل المياه والنقل والتخزين والتسويق ويمكن جذر المشكلة في تهميش سكان الريف والمزارعين خصوصاً ودعوة القطاع والمرابين والمحتكرين. إن تراجع إنتاج الحبوب مثلاً في مصر يرتبط بصعود طبقة المضاربين المستوردين والفساد في أجهزة الدولة والشركات والبنوك التي تتعامل مع الفلاحين.
وجدت دراسة المنظمة لـ 42 بلداً علاقات سببه ما بين نسمة المتعلمين في الشباب (15-24 سنة) ومستوى الرشوة لغالبية الدول التي جرت دراستها لقد وجدت في بلدان جرى درستها ميدانياً مثل غانا ومدغشقر والمغرب والنيجر والسنغال وأوغندا وسيراليون أن الفساد يتباين من بلد آخر ويتخذ أشكالاً مختلفة في كل بلد لكن ما يجمع هذه البلدان هو أن الفساد وفي قطاع التعليم العام قد أدى إلى تزايد الأمية المعرفية وتدهور مستوى التعليم ونوعيته، وقد دلت مسوحات ميدانية أن الكثير من العائلات تدفع رشاوى لتأمين التحاق أبنائها بالمدارس الحكومية والتي يفترض أن تكون مجانية ومفتوحة للجميع أو بمدارس جيدة أو الالتحاق بالجامعات والتخصصات المرغوبة، أو الحصول على منح وبعثات دراسية، وقد أدى الأمر انتشار ظاهرة رشوة المسئولين والمدرسين لتأمين النجاح.
وقد أدى تدهور قطاع التعليم العام إلى ازدهار التعليم الخاص والذي بدوره يعاني من الفساد بسبب استناده إلى الربح وانعدام أو ضعف المعايير الخلقية والأكاديمية.
وجدت الدراسة في دراسة ميدانية لعدد من الدول بينها أذربيجان وليبيريا وأوغندا والصين أن الفساد في القطاع الصحي والرعاية الاجتماعية يتخذ أشكالاً كثيرة وله انعكاسات متباينة. وتدل الإحصاءات عن وجود علاقات سببية ما بين مستوى الرشوة ووفيات الأطفال حديثي الولادة ووفاة الأمهات عند الولادة للعديد من البلدان وليس كلها. ويتجلى الفساد في تسرب أموال مخصصة لبناء أو صيانة أو تجهيز المستشفيات أو إمداداتها بالمعدات والأدوية وغيرها. كما يتجلى الفساد في الصناعات الدوائية، وإنتاج أدوية غير المستوفية للمواصفات المطلوبة، ورشاً مترافقة مع إنشاء وصيانة وتجهيز وإمداد المستشفيات والمراكز الصحية، وتوظيف الأطباء والممرضين والفنيين وترقيتهم وأدائهم لمهامهم، كما أن الرشوة وسيلة سائدة في إدخال المرضى القاردين إلى المستشفيات وحرمان غير القادرين على ذلك وإذا كانت الآثار المدمرة للفساد والرشوة تستغرق وقتاً طويلاً نسبياً لتبين نتائجها كما يستدل عليها في هبوط نسبة المتعلمين أو ضعف مستواهم، فإن الرشوة والفساد في القطاع الصحي ينعكس مباشرة في زيادة نسبة الوفيات، أو عدم تعافي المرضى والمصابين خلال فترة زمنية معقولة فقد وجد أن ما يتراوح ما بين 200 إلى 300 ألف يموتون في الصين بسبب الأدوية الفاسدة.
في دراسة المنظمة على عدد من الدول النامية وشمل مسحاً إحصائياً للعلاقة ما بين الرشوة ونسبة السكان التي تحصل على مياه شرب صالحة، أنه كلما زادت نسبة الرشوة هبطت نسبة من يحصل على مياه صالحة للشرب. كما وجد أن كلفة الحصول على مياه شرب صالحة في بعض بلدان العالم الثالث مثل الفلبين مثلاً أعلى منها في بلدان متقدمة أوروبية وأميركية. إن رداءة مياه الشرب في بلدان العالم الثالث أدت إلى ازدهار صناعة تعبئة مياه الشرب المعدنية، وهذا القطاع بدوره يشهد فساداً يترتب عليه عدم صلاحية الكثير من إنتاجه للاستهلاك الآدمي، وتعاني ما يعرف بمدن الصفيح وأحياء الأطراف في المدن وغالبية القرى والأرياف من غياب شبكات مياه الشرب والصرف الصحي.
والأخطر هو تسرب مياه الصرف الصحي إلى مياه الشرب في الكثير من المدن.
كما يتجلى الفساد في رمي النفايات الصناعية وغريها في مياه الأنهار وتسربها إلى المياه الجوفية، وتلويثها لهذه المصادر من مياه الشرب.
ومن المفارقات أن بلداناً غنية بالأنهار والمياه الجوفية مثل مصر والهند والمكسيك ومنيامار تعاني من عدم وصول مياه الشرب الصالحة إلى الملايين من سكانها.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 2945 - الثلثاء 28 سبتمبر 2010م الموافق 19 شوال 1431هـ
الفساد يزعل
كلمة فساد تزعل لذلك مزقت لوحات منيرة فخرو . هل الحل في اختيار لفظة أخرى ؟!
ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس
هذا مقطع من آية قرأنية ويعزوا الخالق عزّ وجل هذا الفساد لسبب معين بذاته وهو كسب أيدي الناس أي أن الناس بما يقومون به من أعمال هي التي السبب الأساسي للتخريب والفساد ولا يقف
الفساد عند تخريب الشيء ذاته وإنما أحيانا انتشار بعض أنواع الفساد لها عواقب دنيوية أيضا كما لها عواقف أخروية لذلك الرسول الأعظم يحذر من ظواهر معينة لأن انتشارها يؤدي إلى ظهور امراض وأوبئة جديدة مثل ربط انتشار الزنى وربطه بكثرة موت الفجأة وغيرها من الظواهر