يشهد العالم اليوم تحولاً تدريجياً، لكنه متواصل من الثقافة التقليدية، نحو الثقافة الإلكترونية. نلمس ذلك في النصوص التي تتعاظم أحجام منتجاتها الإلكترونية، وفي المواد الثقافية المسموعة - المرئية، التي تجسدها الأفلام السينمائية وما هو على شاكلتها من مواد ثقافية أخرى. وتماماً، وكما كانت عليه الحال بالنسبة للتأهيل الثقافي التقليدي، تبرز اليوم الحاجة للبدء في مسيرة توفير مقومات التأهيل الثقافي الإلكتروني. وتتداخل متطلبات إرساء قواعد الأعمدة الثلاثة التي ترتكز عليها خطة ذلك التأهيل، وهي: المنتج (بكسر التاء) الثقافي، وأوعية حفظ المادة الثقافية، والمستهلك النهائي لذلك الإنتاج الثقافي، لكن لكل منها أيضاً بعض المتطلبات الخاصة التي تميزه عن الآخرين. والحديث هنا يشمل الثقافة بميادينها المختلفة من فنون وآداب، ويغطي أيضاً هيئاتها المتعددة من كتب ودوريات وصحف إلكترونية، وأشرطة تسجيل وفيديو، وأقراص مضغوطة... إلخ.
ولو بدأنا بالحلقة الأولى في دورة صناعة الثقافة الإلكترونية، وهي الإنتاج الثقافي، لوجدنا ضرورة تأهيل منتجي المادة الثقافية الإلكترونية بشكل مكثف ومتواصل، يختلف تماماً عما هو متبع في تأهيل نظرائهم من منتجي مواد الثقافة التقليدية، إذ لابد لمن يريد أن ينتج مادة ثقافية إلكترونية، أن يكون ملماً، ولو بشكل أولي، بما تتيحه له الأجهزة والمعدات الإلكترونية، سوية مع البرمجيات، من آفاق واسعة في التدوين والإبداع على حد سواء، تجعله قادراً على إنتاج مادة غزيرة كمياً، غنية نوعاً، ومتميزة عن ما يمكن أن ينتجه بالوسائل التقليدية، سواء كان ذلك متعلق بالمادة الثقافية ذاتها، أو بالوقت الضروري لإنجازها، أو الكلفة التي تحتاجها كي تصبح صالحة للتسويق، أو الوقت الذي تستغرقه كي تصل إلى الأسواق التي تحتاجها. وما لم يمتلك منتج المادة الثقافية المؤهلات التي تعينه على تلمس تلك المميزات، وإدراك مكامن قوتها الإنتاجية والتسويقية، ستكون قدرته الإبداعية محدودة، وإمكانياته التنافسية منقوصة. التشابه الوحيد هنا بين التقليدي والإلكتروني، هو ضرورة تبدأ برامج وخطط التأهيل في المراحل المبكرة من حياة المنتج (بكسر التاء)، كي تأتي الثمار في وقتها المناسب من عمره.
ومن بداية الإنتاج، ننتقل إلى موزع المادة الإلكترونية الذي هو الآخر بحاجة إلى الكثير من الجهد والتركيز القادرين على صقل مهاراته كي يتمكن من امتلاك المؤهلات الضرورية التي تعينه على المعرفة الدقيقة بالمواد الثقافية التي هو بحاجة إلى اقتنائها، وتحديد وسائل وطرق جمعها، وتخزينها ومعالجتها، وإعادة بثها كي تصبح هي الأخرى مادة ثقافية صالحة للتسويق، وتمتلك عناصر المنافسة التي تحتاجها للتفوق على البضائع الثقافية الأخرى. ولا يمكن هنا إغفال تأهيل القائمين على وسائل الاتصال والتوصيل، فهم أكثر من غيرهم بحاجة إلى التأهيل، كي يكونوا قادرين على توصيل المادة الثقافية المطلوبة لمن يحتاجها، في الوقت المناسب، وفي الهيئة المناسبة، وبالكلفة المناسبة.
وبعد الانتهاء من هذه الإنتاج والتوصيل، نصل إلى متلقي المادة الثقافية في هيأتها الإلكترونية، وهذه المرحلة تحتاج إلى جهود مثقفة لنقل ذهنية المستهلك من حيزها التقليدي الضيق، إلى فضائها الإلكتروني الرحب. هذه النقلة ليست مجرد عملية جر آلية من التقليدي إلى الإلكتروني، كتلك التي تحصر الكتاب الإلكتروني، علي سبيل المثال، في إطار نسخ اللينة (Soft Copies).
المسألة أكثر تعقيداً من ذلك، إذ لابد للمستهلك، تماماً كما جرى مع المنتج، أن يحسن استخدام، ومن ثم الاستفادة من، كل مميزات المادة «المنسوجة» بشكل دقيق، كي تكون صالحة للنشر والاستعادة على نسيج الشبكة العنكبوتية العالمية.
ولتقريب الصورة من ذهن القارئ، نختار أبسط أنواع المنتجات الثقافية الإلكترونية، والتي هي الكتب الإلكترونية، التي باتت آليات إنتاج موادها، تخضع للكثير من المقاييس والإجراءات التي بات على منتج الكتاب الإلكتروني فهمها والتقيد بها، كي تكون مادته صالحة للعرض والقراءة من أجهزة قراءة الكتاب الإلكتروني (e Reader). كما يجب على هذه الأخيرة أن تكون قادرة على جمع المادة الثقافية الإلكترونية، وعرضها بطريق مشوقة أولاً، وتتوفر فيها الوظائف الضرورية التي تشجع المستهلك على استخدامها، والاستفادة من تلك المادة الثقافية التي تحتويها، مثل اختيار النصوص، ونقلها من مواقعها إلى مواقع أخرى، ووضع إشارات لتحديد صفحات القراءة، وما شابه ذلك من وظائف متوافرة، ولكن في صيغ محدودة، ومرهقة في الكتب التقليدية.
ربما يعتقد البعض منا ان الوقت لا يزال مبكراً للحديث عن التأهيل الثقافي الإلكتروني، لكن لكي نعرف أن الوقت قد حان للبدء في مسيرة ذلك التأهيل، يكفي أن نعرف ان هناك اليوم في الأسواق، ما لايقل عن 15 نوعا من أنواع القارئ الإلكتروني، البعض منها مستقل مثل ذلك الذي تنتجه أبل مثل آي باد، وآيبود، وآي فون، أو تلك التي تصنعهم مكتبات مثل نوك من بارنز أند نوبل (Barns and Noble) وبوردرز (Borders)، أو تلك التي توفرها المتاجر الإلكترونية مثل كندل من شركة أمازون. لذا نأمل أن يولي المسئولون في البلاد العربية، وعلى وجه الخصوص منهم أولئك الضالعون في عمليات التربية والتعليم، والتدريب، مسألة تأهيل المواطن العربي، كي يكون إما منتجاً للثقافة الإلكترونية أو مستهلكاً لها، قبل أن يتحول، كما هو الحال بالنسبة للثقافة التقليدية، عبدا لثقافات أجنبية غير قادر على التفاعل معها، او الاستفادة الصحيحة منها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2944 - الإثنين 27 سبتمبر 2010م الموافق 18 شوال 1431هـ
تكتيكات السًّمن والعسل وتكتلات العصابات
إن ما يضر الإقتصاد رغم وجود مظلة من الأهداف الأساسية على مستوى الدول هو نمو تكتلات العصابات التي أهدافها تناطح الأهداف العامة التي ترتكز عليها الدول في إقتصادها فلعلُّنا نأخذ العبر قبل فوات فإن البذخ والابتذال لن يبني إقتصادا معرفيا لذلك الفرق الهائل في الفهم والفعل لبعض من خريجي جامعات الدكاكين ،وما سيبقي إعلان إفلاسها الثقافي المدوي وهبوطها إلى البؤس الذي تعيشه لم تعرف لمذا تيتعثًّر في نموها.
على مستوى المثقفين والتكنوقراط تعبت الأقلام وجفًّ حبرها وهي تكتب عن عبثية الصًّرف على جامعات الدكاكين
وتخريج بعض من الفئات من أنصاف المتعلمين عزًّ نظيرها في قصص ألف ليلة وليلة، على كوادر ترعى كما ترعى الأنعام لا يبني تنمية إنتاجية - معرفية مستدامة وإنٌّما يلعب بالمال في ساحات المضاربات ومن ثمًّ تذرف الدًّمع على تراجع خدماتها وإنتاجيتها في حقول هامه وأساسية في الوقت الذي توجد فيه فئة مثقفة تثقيفا عاليا ولكنها من فئة المهمُّشين وماذا تفيد دموع التماسيح وعجز الإرادة.
الثقافة أصبحت تصاب بلوثة الطفيلين وأصحاب الروائح النتنه
إغداق الهبات والعطايا وشراء الذمم بمبالغ مادية أوعينية من قبل أناس لم يمارسوا قط الإنتاج أو الإبداع أو العمل المضني فانه بطر مجنون لا بد من طرح ألف سؤال وسؤال بشأنه كظاهرة فرضيُّة تثير الغثيان ولا بد أيضاً من مساءلة المجتمعات والأنظمة التي فرًّخت تلك الظاهرة العبثيًّة التي خرجت لنا شخوص من جامعات الدكاكين ازدرؤا العمل ونصبوا الدسائس للغير ،
وإذا أتتك مذمتي من ناقص .... فهي الشهادة لي بأني كامل
ما يفعله بعض من السفهاء من بطر وتبذير في بذخ أسطوري مبتذل لم يعد مقبولاً لا بمقاييس الأخلاق ولا الذوق الرفيع ولا أحكام الــــدين وهي أفعال تتساوى في مساوئها وسقوطها في سلُّم القيم الإنسانية على مستوى الأفراد لا يحتاج المراقب لأكثر من نتاج خريجي بعض من جامعات الدكاكين وتكاليفها الفاحشة التي صرفت على الكسالى والنائمين ليرى العجب العجاب.
فسيبقى الكبار كبارا مهما تناولهم السفهاء .. خريجي جامعات الدكاكين أخذوا يلاحقون الباحثين ورواد العلم في المواقع الثقافية
فتلقى نخلتنا المباركة حتفها ، وقد تركت لنا جسدا شامخا يشير إلى السماء ولسان حالها يقول خذوا جريدي واصنعوا به مساجدكم وبيوتكم وأثاثكم ، وأما ثماري فإن لم تنهلوا منها بعد الآن
فأنا ذا شامخة أشير إلى العلو لأذكركم بكلمة التوحيد الخالصة أشهد ألا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ليغرس الله لكم بكل مرة أذكركم بها شجرة مثلي في الجنة ..
التصفح الإلكتروني أصبح وسيلة لكسب الرزق .. للذين أخفقوا في إثبات جدارتهم العلمية
لا زالت سوسة النخيل الحمراء تتسلق نخيلنا وتتطفل عليها حتى يُشار إليها بالبنان ، ثم نأتي لندمغها ببعض المبيدات الحشرية فإذا هي زاهقة ، لم ينفعها تطفلها ، ولم ينفعها أن اشرنا لها.
ومع ذا ..فقد نغفل عنها أحيانا ، وهي تنخر في ساق نخلتنا المباركة التي طالما تحمّلت تطفّل هذه الدواب الجائعة لتُخرج لنا ثمرا طيبا يانعا مع كل ما عانته من آلام وأسقام .. وهي صابرةمحتسبة\\\\ مع تحيات أبو كابون