البند الثاني من المادة الخامسة في قانون الجمعيات السياسية الذي ينص على أن "يكون المؤسس والمنظم قد بلغ من العمر 21 سنة ميلادية كاملة وقت التقدم بطلب التأسيس أو يوم الانضمام للجمعية"، يفهم منه أن من وضع القانون كان يقصد إضعاف التنظيمات السياسية عبر كسر عمودها الفقري الذي تعتمد عليه في تحركاتها. والنتيجة بقاؤها مشلولة لفترة طويلة من الزمن تكون فيها الاعتصامات والمسيرات قد هدأت ولم يعد لذكرها أثر، فمن خرجوا في المسيرة المناهضة لقانون الجمعيات السياسية الجمعة الماضي لم يكونوا عجائز أو شيوخا هرمين، بل جموعا مجمعة يفيض من أعينهم عنفوان الشباب، وبأفواههم أطبقوا على الكلمة بصمتهم، فعبروا عن أروع صور التحضر والمدنية والسلمية.
إذا سلمنا بأن الجمعيات السياسية قد تخلت عن شبابها ممن هم دون 18 عاما، فمن يرفع بعد ذلك مطرقة ليثبت قطعة قماش حملت في قلبها نقوشا دلالتها ندوة أو محاضرة أو حلقة نقاشية؟ ومن يعدو بعدها نحو المطبعة لينسخ وريقات بسيطة تحمل هم أبسط فلاح أو طالب أو موظف "يتنفس على هذه الأرض" ليوزعها على العابر والمقبل من هنا وهناك؟ ومن ذا الذي لن يسلك طريقا بطانته الأشواك ودعامته الأسلاك بعد أن غادر ملاذا كان يمثل له كل الأمنيات؟
ربما تنظر بعض الجهات الرسمية إلى تحركات الجمعيات الشبابية لإصدار عريضة تحمل آلاف التوقيعات لمن هم ما بين 18 و21 عاما، مجرد عبث وفوضى لا طائل منها، إلا أن الأمر غير ذلك فشبابنا منفتحون على عالم الانترنت ومستهدفون فعلا من العولمة، فلم يعد أنين أقرانهم في القطب الشمالي أو الجنوبي بعيدا عن أسماعهم، فهم موجودون في كل دولة وفي كل منظمة وفي كل هيئة ولا يبعدهم عن أقصى قطر في العالم سوى أسلاك بسيطة موصلة بـ "قابس" الهاتف المنزلي، فهم أوعى من أن تخفى عنهم العهود والمواثيق والأعراف الدولية، لذلك فلا مجال لإقناعهم بأن مسعاهم غير قانوني أو شرعي بحسب الديمقراطيات العريقة
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ