ينحدر منفذو التفجيرات الانتحارية التي وقعت في لندن بتاريخ السابع من يوليو/ تموز الجاري من عائلات باكستانية مهاجرة، ثلاثة منهم كانوا يعيشون في مدينة ليدز التي كانت حتى سنوات قليلة مضت سبقت وقوع التفجيرات كسائر المدن البريطانية التي تعج بالمهاجرين الباكستانيين مثل مدن برادفورد وليستر وأولدهام، تفتخر بالتعايش السلمي بين أبناء الجالية الآسيوية التي يشكل الهنود والباكستانيون والبنغلاديشيون غالبيتها، والشعب البريطاني.
استمر هذا التعايش حتى العام 2001 حين وقعت في هذه المدن صدامات عنصرية افتعلها بريطانيون بيض ضد مهاجرين باكستانيين وتحولت بريطانيا على الأثر إلى ساحة نزاع بسبب الاختلافات الثقافية ورفض متطرفين إنجليز مبدأ التعايش مع المهاجرين الآسيويين في ضوء التردي الاجتماعي الذي تشهده بعض المناطق البريطانية وسقوط عائلات إنجليزية في شرك الفقر. كما يجمع المراقبون على أن مساندة بريطانيا الولايات المتحدة في الحرب ضد أفغانستان والعراق زاد الزيت على النار الأمر الذي استغله أصوليون باكستانيون بصورة خاصة ليروجوا للنقمة على حكومة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير. غير أن حربي أفغانستان والعراق لم تكونا أول شرارة، فقد تسبب الكاتب البريطاني من أصل هندي سلمان رشدي في إثارة نقمة مسلمي بريطانيا والمسلمين في أنحاء العالم حين نشر كتابه الاستفزازي "آيات شيطانية" وكان باكستانيو بريطانيا أول من أحرق الكتاب في الشوارع وعلى رغم أن هذا الكتاب أثار صدامات أدت في عدد من الدول الإسلامية لسقوط ضحايا فإن الغرب وفر الحماية لسلمان رشدي وسمح بتداول الكتاب بحجة حرية التعبير عن الرأي.
يعيش نحو 750 ألف مهاجر باكستاني في بريطانيا وهم بعد الهنود ثاني أكبر جالية أجنبية . بلغت الهجرة الباكستانية إلى بريطانيا أوجها خلال عقد الخمسينات. كان سهلا بالنسبة للباكستانيين الهجرة إلى بريطانيا في ذلك الوقت وحتى العام 1958 كان بوسع حامل جواز بريطاني لدولة تابعة للكمنولث إتمام معاملات الهجرة من دون عراقيل. هكذا بدأت قوافل المهاجرين الباكستانيين تتدفق على انجلترا وجاء المهاجرون من الأرياف بصورة خاصة راحوا يبحثون عن وظائف العمل في مصانع النسيج الإنجليزية، وكان بعضهم يعمل في جمع المال حتى يتمكن من العودة للعيش في بلده الأصلي وضمان حياة هنيئة. لكن غالبيتهم ظلوا في بلد المهجر تبعهم أقاربهم في الستينات والسبعينات. يعيش غالبية المهاجرين الباكستانيين اليوم في همبرسايد وغرب الميدلاندز وفي مدن مثل غلاسكو في اسكتلندا وليدز في إنجلترا.
في حين حققت الجالية الهندية النجاح في الإندماج بالمجتمع البريطاني وحصلت على نفوذ سياسي واقتصادي، ظلت الجالية الباكستانية منغلقة على نفسها وزاد الأمر سوءا مع نهاية العهد الذهبي لصناعة النسيج الإنجليزية ولم تكن عائلات باكستانية نجحت في تحقيق الثراء والنجاح مثلما تم لعائلات هندية. وفقا لإحصاءات حديثة هناك عاطلان عن العمل ينحدران من باكستان مقابل كل عاطل عن العمل ينحدر من الهند. لم ينجح الباكستانيون من الخروج من القعر الاجتماعي وغالبيتهم يعملون منذ ذلك الوقت في مهن عادية مثل سواقي التاكسي الخاص "ميني كاب" أو افتتحوا محلات السمانة واللحم الحلال. والد أحد منفذي تفجيرات لندن يملك محلا لبيع الأكلة الشعبية في بريطانيا السمك والبطاطا المقلي في بحر من الزيت. تشير الإحصاءات أيضا إلى أن عدد أعضاء الأسرة الباكستانية في بريطانيا يبدأ بستة أفراد، وهم من الناحية المادية أسوأ من الأسر البريطانية الصغيرة التي تعيش على مساعدات الدولة. في نهاية عقد التسعينات كان كل أربعة من أصل خمسة باكستانيين وبنغال يحصلون على دخل أقل من الحد الأدنى لدخل الفرد العادي في بريطانيا. يشير المراقبون إلى أن هذا أحد الأسباب التي أفسدت عملية إندماج الجالية الباكستانية في المجتمع البريطاني. كثير منهم يعيشون بصورة منغلقة ويحصرون أنفسهم عن المجتمع المعروف بالانفتاح وخصوصا أنهم يعيشون في مناطق تقطنها الطبقة الإنجليزية العاملة إذ تكثر فيها النزاعات الثقافية. لا يشعر الباكستانيون بالعزلة الاجتماعية فقط بسبب الموقف الرافض الذي تتبناه الطبقة العاملة بل أيضا نتيجة الرفض الصادر عن الهنود وخصوصا أتباع طائفة السيخ الذين يمنعون أولادهم من اللعب مع الأولاد المسلمين من باكستانيين وبنغال.
من يزر مناطق سكنية وشوارع تقع فيها محلات المهاجرين الباكستانيين في المدن البريطانية يشعر أنه في "غيتو" وهذا ينطبق على مدينة ليدز، وأنه في باكستان. جميع النساء الباكستانيات تقريبا يرتدين الزي التقليدي وترتكز حياتهن على رعاية البيت وإذا خرجن إلى الشارع فإنهن يقصدن التبضع في محلات باكستانية. في الغالب لا يتحدث هؤلاء اللغة الإنجليزية مع بعضهم بعضا وإنما يستخدمون لغة بلدهم الأم. مثلما ينطبق على أولاد الجيل الثالث من الأتراك في ألمانيا ينطبق أيضا على الشباب الباكستاني في بريطانيا الذين يجدون صعوبة في التكيف مع الحياة. فهم من جهة أسرى مجتمعهم الأصلي الذي حرياته محدودة ويرون نظراءهم الهنود يحظون بحريات أكبر. إنه المجتمع الذي تحارب الشرطة البريطانية فيه جرائم القتل "دفاعا عن الشرف" وكذلك الزواج الإجباري. كما أن أجدادهم وآباءهم لا يعرفون شيئا عن السياسة وحياة المجتمع البريطاني وهم سعداء فقط لأنهم هاجروا إلى بريطانيا واستطاعوا تأمين حياة أفضل لعائلاتهم. لا يعر هؤلاء أهمية كونهم يعيشون على هامش المجتمع. استطاع المهاجرون الباكستانيون المساهمة في تعزيز نفوذ الجالية المسلمة في بريطانيا لكن هناك فئات متطرفة استغلت الظروف على رغم أن غالبية الباكستانيين في بريطانيا ينبذون العنف باسم الدين خصوصا مثلهم مثل عرب بريطانيا.
غير أن أبناء الجيل الجديد من المهاجرين الباكستانيين يرفضون مواصلة الحياة التي عرفها آباؤهم وأجدادهم ويصبون إلى الاستفادة من الفرص التي يوفرها لهم المجتمع البريطاني على رغم أن هذه الفرص محدودة نوعا ما. وهؤلاء يريدون النهوض من السقوط الاجتماعي والاقتصادي والحصول على اعتراف المجتمع البريطاني. هناك عراقيل تعترض هذا الطريق من بينها عدم توافر المال عند أولياء الأمور لإرسال أولادهم إلى مدارس خاصة لتلقي تعليمهم المتميز كما تفعل عائلات هندية أو غيرها من الجاليات الأجنبية. وتشير دراسة بالخصوص إلى أن أولاد المهاجرين الباكستانيين الأسوأ تعليما مقارنة مع أولاد المهاجرين من دول أخرى. تم وضع دراسات تفصيلية بشأن أوضاع الجالية الباكستانية بعد الصدامات العنصرية التي وقعت في العام 2001 في مدن أولدهام وبيرنلي وبرادفورد وليدز أيضا. استنتجت تحليلات دراسة وضعتها جامعة ليدز وجود أسباب اجتماعية وراء هذه الصدامات في الوقت نفسه حذرت الدراسة من استفحال الفقر والعزلة الاجتماعية التي تدفع بالشباب الباكستاني لحافة اليأس. أوضحت الدراسة أن المواطنين الإنجليز الذين يقيمون على مقربة من عائلات الجاليات الآسيوية الفقيرة ليسوا من الصنف الإنجليزي المعروفين بانفتاحهم وتسامحهم، بل يبغضون الأجانب وفي كثير من الأحيان يغذون أفكارهم بحملات التشكيك التي تشنها الصحف الصفراء. يقول أصحاب الفكر المحدود إنهم يعارضون إنشاء مدن باكستانية في مناطقهم. أشارت دراسة جامعة ليدز أيضا إلى أن حربي بريطانيا في أفغانستان والعراق عززتا الشعور عند كثير من مسلمي هذا البلد بأن الغرب يشن حملة ضد الإسلام. منذ وقت لا تشعر جالية أجنبية في بريطانيا برقابة مشددة من قبل الشرطة البريطانية مثل الجالية المسلمة وهذا يسجله أولاد هذه الجالية الذين يعيشون بين مطرقة بيت الأسرة الذي يحكمه الأب من دون حصول أحد على حق نقض رأيه وبين سندان المجتمع البريطاني الذي يشعرهم أنه غير مرغوب بهم ويجعل بعضهم لقمة سائغة عند المتطرفين
العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ
هههه ذا كان زمان لكن اليوم الباكستانيين أثبتوا جدارتهم واستلموا مناصب حساسة مثل عمدة لندن هو أصله باكستاني حتى بالفن اعجبوا ورفعوا بالمغني الباكستاني كلامك هذا ينطبق اليوم على العرب ..
معك حق
باكستانين اليوم في بريطانيا هم الاقوى
وهم الأنجح
لأنهم يستثمرون بكل شيء وهم ليسو كالكسالى البريطانيين الذين لا يهمهم غير يومهم ولا يهتمون بالمستقبل