يقول الروائي يوسف إدريس: كل الكمية المعطاة من الحرية في الوطن العربي لا تكفي كاتبا واحدا. هذه حقيقة معظم دولنا العربية، وكنا نحن في السابق نعاني من اختناق سياسي والأجواء بين الصحافة والحكومة تعاني من التسمم، وكانت هناك محاولات كثيرة لاجهاض أية مبادرة توفيقية بين السلطة والمعارضة ويسعى كثير من المثقفين لاشعال الحرائق الطائفية بين الناس والحكومة واستساغ بعض المتنفذين تلك القطيعة وبدأ العزف الصحافي اليومي يلحن بطريقة تكريس الكراهية وخلق ثقافة الأسود والأبيض، وراحت اللغة المناطقية تزحف على المؤسسات في عملية واضحة ومشكوفة لاستقطاب اديولوجي مرسمل على حساب توجهات أخرى وبدأ أبناء التراب يشعرون باستئثار الأم بأبناء دون أبناء آخرين على رغم أنهم من رحم واحد وإذا عق ابن هنا أو هناك فالانصاف والحقائق تفرضان المساواة وهناك من المسئولين استملحوا هذا الجو وهذه القطيعة في غياب واضح لمدى خطورتها على المستقبل. هناك استحقاقات خدماتية وترفيهية ومناصبية تطير مع الاستئثار والريح لأبناء دون آخرين وهي في ازدياد. والسؤال ما هو الحل؟ وماذا بقي من ثمار واستحقاقات ونحن نعيش في الوقت الضائع ونحاط بحقائق وحرائق... العراق والخليج ولبنان والمنطقة على كف عفريت، 30 عاما والتجاذبات الحادة لم تنته وليس هناك خطاب سياسي استطاع أن يقول: أنا الذي نجحت وهذه هي المكتسبات، لم يكن موفقا قانون الجمعيات وها نحن نسير ضمن ايقاع الرفض فما هو الحل؟ هل سيتبارك علينا بعض أعضاء المجلس النيابي وهم الذين صفقوا للقانون؟ هل سيتحالف معنا مجلس الشورى وهو الذي صوت لصالح القانون؟
وهل سيتعاطى معنا المجلس الوطني بروح إفلاطونية ملائكية ويعطينا ما نريد على طبق من ذهب، وهو الضليع في معرفة أجندته وعارف بنظام المصالح وفن البراغماتية؟ ما أستطيع أن أقوله: إن الحكومة تشتغل ببراغماتية حادة وتقيس الوضع السياسي بأسلوب هندسي بعقلية التاجر الذي في نهاية الشهر يفتح كتاب المبيعات ليرى الأرباح والخسائر. وهذه لغة كل دولنا العربية. في السياسة لا أحد ينتبه للدموع أو للاناشيد الشعرية أو العتابات الأخوية.
ليس هناك أحد لم يصدم من قانون الجمعيات وقبله قانون تعطيل الصحافة وقس على ذلك ولكن السؤال ما هو الحل؟ ليست عندي إجابة. عندي مفاهيم عامة أؤمن بها أن الوطن لا يمكن ان ينمو بلا شراكة وطنية ترسخ الوطنية وتبعدنا عن التمييز الذي عطل عقول الكثير من المواطنين... ان يتم اشراك المجتمع في صوغ القرار السياسي والثروة والمعرفة... وكل ذلك يحتاج إلى استراتيجيات وبرامج وعقول سياسية وخبرة طويلة ومعرفة دقيقة بالقوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية اللاعبة في البلد وقراءة دقيقة لمراكز القوى على المستوى الإقليمي والدولي، وإلى تعديل وتوحيد الخطاب. كل أملنا وقلبنا على التصالح الوطني وبقاء العلائق قائمة لصالح هذا الوطن - ان يتم اشراك الجمعيات السياسية في صوغ قانون يرضي جميع الاطراف لان الوطن لا يقوم الا بالشراكة الوطنية
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ