الفكرة الشائعة عنا نحن العرب، أننا أمة نكتب الإنشاء ولا نصنع الأشياء، وأننا خبراء في "الكلامولوجيا" لا في التكنولوجيا، وأننا ظاهرة صوتية، فنحن نتحدث كثيرا ونفكر قليلا، ومع أننا لا نكف عن الكلام فيندر أن نقول جديدا لأن ذلك يتطلب أن نفكر وهي مهمة كفت عقولنا عن القيام بها منذ زمن، فلم تعد من ضرورات الحياة.
السبب الذي دعاني لهذا الحديث هو كثرة الهجوم على ما يقوم به البعض من مسيرات وإعتصامات مختلفة، تمس شرائح متنوعه لقضايا حساسة في البلد ومنها قضايا ضحايا التعذيب، والبطالة، والدعارة، وسطوة المتنفذين على المال العام وغيرها.
هذه المسيرات والاعتصامات كثرت لسبب واحد وهو عدم السعي الجاد لوضع الحلول الناجعة والجذرية لتلك القضايا من قبل المعنيين، ما دعا الشارع إلى الاحتجاج والمطالبة بوضع حلول لقضاياه، هذه الاعتصامات والاحتجاجات تعطينا فرصة للتأمل في أسباب عدم حل الكثير من القضايا والتي لو وضعت لها حلول لما رأينا احتجاجا أو اعتصاما في الشارع.
الكثير من الأقلام انتقدت المسيرات والاعتصامات، ولم ينتقدوا الحكومة لعدم سعيها الجاد لحلحلة أسباب المسيرات والاعتصامات والتي هي ليست جديدة، لنصبح بحق كتاب الظاهرة الصوتية، ننتقد الشارع الشعبي ونخاف أن نقول للحكومة إنها مخطئة في تفاعلها مع أية قضية حساسة تهم الناس.
ما الذي دعا هؤلاء للخروج إلى الشارع؟، هل هو حب الظهور أو الرفض من أجل الرفض؟، أم هناك ما هو أقوى من ذلك؟، وهو الحاجة إلى لقمة العيش أو حماية البلد من تفشي الدعارة والفساد الأخلاقي، أو سعيا للحفاظ على مقدرات الشعب من النهب والاستهلاك؟.
ألا يعني ذلك أن هؤلاء المعتصمين والمتظاهرين أحرص على البلد من أقلام "مرتجفة" همها كسب ثقة السلطة على حساب الوطن، حتى لو كان من خلال اتهام "الشعب" بالعمالة والغباء والفوضى وعدم الولاء، لتصبح بذلك أقلاما تكتب الإنشاء ولا تصنع الأشياء
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ