العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ

يوم تاريخي مهم

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

يوم 23 يوليو/ تموز 2005 هو أحد الأيام الذي سيبقى أثره محفورا في ذاكرة الوطن والمواطن البحريني معا، ذلك لأنه اليوم الذي اكتملت فيه ملامح لوحة العمل السياسي في البحرين، أتعرفون لماذا؟ لأنه ذلك اليوم الذي تم فيه التصديق على قانون الجمعيات السياسية الذي أقره مجلسا النواب والشورى في الأسابيع القليلة السابقة عبر ماراثون سياسي خطير في ممر ضيق وعر شائك زلق مليء بالمخاطر وفق سيناريو مسرحي حزين جدا، بدت جزيرة البحرين يومها حزينة كئيبة منكسة الرأس كأن السواد يخيم عليها، إذ إنها لم تتهيأ لاستقبال ذلك الضيف الثقيل ولم يتم الترتيب له، فكل ما جاءت من حركات وسكنات المعارضة والسلطة كانت وليدة الساعة / اللحظة، فلا السلطة مدركة تماما ماذا تفعل؟ ومردود ذلك على الساحة المحلية، كما أنها لم تعمل على تهيئة الأرضية الخصبة الصالحة لاحتضان ذلك الضيف، ولا المعارضة اعتادت استقبال الضيوف الثقال وغير المرغوب فيهم في ظروف وأجواء غير مهيأة وتتعارض مع المكاسب السياسية التي حصلوا عليها بصعوبة بالغة ويرغبون في المزيد منها كما أنها لا تتوافق مع المصلحة الوطنية المنشودة. يوم 23 يوليو يجب أن يتذكره الناس جيدا فهو لا يختلف كثيرا عن 21 فبراير/ شباط 2002 فكلاهما يحملان دلالات خطيرة في مستقبل العمل السياسي، بالتاريخان يبينان الشيء الكثير بالنسبة إلى الشارع عموما والقوى السياسية خصوصا. وهو اليوم الذي جاء به ملك البلاد قبل أربع سنوات مبشرا بحقبة تاريخية مهمة في مستقبل العمل السياسي العلني في البحرين، لكن يبدو أن الكثيرين مازالوا ضد المشروع الذي يحمل معاني ودلالات كبيرة جدا أكثر مما يحمله المشروع من روح الإصلاح والتغيير والتطوير، في تلك الفترة ارتاحت الناس كثيرا له نظرا إلى ما يحمله الاسم من إيحاءات ايجابية لأنهم على أي حال كانوا يريدون الخروج من عنق الزجاجة وكانوا ينتظرون بارقة أمل وفجأة وجدوها وبالتالي التفوا حولها لعل المستقبل يحمل تباشير الصباح، فالأوضاع كانت متأزمة على جميع الأصعدة والجوانب، ولكن الآن وبعد أن انقشعت الغمة وهدأت الأجواء بشكل إجمالي بانت في الأفق حقيقة الوضع السياسي، وما خفي كان أعظم فهناك ربما الكثير الكثير من المفاجآت التي لم نرها بعد، ألم يقل إن صيف البحرين غير، تفضلوا وشاهدوا أجواء الاختلاف في صيف البحرين لهذا العام، فبدلا من تحسين المستوى المعيشي للمواطن الذي بات يموت في اليوم ألف مرة، وبدلا من تحسين الأوضاع السياسية في البلاد، يأتي ما لا يمثل مطلبا أساسيا وهي التراجعات وتضييق الخناق والحريات العامة، والقوانين المسلوقة والمعلبة الجاهزة للأكل بلا أية مشقة أو جهد يبذل في سبيل إعدادها والتهيؤ لها، الأوضاع السياسية في البلد عموما في حال ترد ولايزال الإصلاح حلما يحمله المواطن البحريني معه أينما ذهب ويريد له أن يتحقق كما أنه لايزال أمامه شوط طويل جدا لرؤية الأيام الجميلة التي لم نرها بعد ومازلنا بانتظارها على رغم علمنا أنه لاتزال أمامنا حزم من القوانين يراد لها أن تمرر وأن تفرض على الساحة السياسية فهناك على سبيل المثال لا الحصر: قانون التجمعات، وقانون الإرهاب، وقانون الطوارئ... وغيرها الكثير من القوانين التي لم نسمع عنها بعد، ولكن عما قريب سيتم إقرارها والتصديق عليها وبالتالي محاسبة المخالفين، لأننا كما تعلمون دولة المؤسسات والقانون ولا مناص للمخطئ وللخارج عن القانون فالناس سواسية أمام القانون ولا أحد فوقه أبدا وكلنا نعلم ذلك جيدا، من أجل ذلك كان لنا أن نعمل على ترسيخ وتأكيد هذه المبادئ، أصبحت القوى السياسية الآن أمام مفترق طرق فعليها أن تقرر، فإما أن تختار الطريق السالك إلى الوحدة الوطنية من خلال الإصرار على نجاح فكرة التحالفات السياسية، وتقريب وجهات النظر والتوافق في الخيارات المطروحة، وبالتالي انتصار الإرادة السياسية، بمعنى آخر النجاح في الاختبار الوطني المنصوب لها، أو الافتراق من خلال اختيار طرق متعددة وسلك شعاب ملتوية، وبالتالي الفشل في الاختبار ونجاح السلطة في مخططاتها المستقبلية. نأمل أن نخرج من هذا الخندق سالمين ظافرين، من خلال الخروج برؤى يتم التوافق عليها من قبل أكبر تحالف سياسي ممكن، لتكن محطة التعديلات الدستورية درسا لنا في التصدي للملفات الوطنية المهمة التي تحرص المعارضة على إنجازها، لتكن تلك المواقف الوطنية التي تسطرها القوى السياسية حاضرة للأجيال المقبلة حتى يستطيعوا استلهام العبرة والموعظة منها فتاريخ البحرين حافل بالمواقف الوطنية المشرفة لجميع الوطنيين المخلصين ولابد من تأكيدها. الغريب في الأمر أن البعض ممن هو موجود في السلطة يفرط وبكل سهولة بالحراك السياسي، الذي تشهده البلاد من خلال النشاطات المتعددة والملفات التي تقودها وتديرها القوى السياسية، وتحاول في كل مرة أن تفك ارتباطها بهم مرة من خلال إعلان توقف الحوار ومرة أخرى من خلال تمرير القوانين التي تمس الجمعيات السياسية من دون الرجوع إليهم للاسترشاد بآرائها على رغم أنها تمثل روافد غنية وحقيقية للإصلاح السياسي في البحرين ولا ندري إلى ماذا تخطط السلطة؟ فهل يا ترى تسير نحو هدف واضح منشود؟ أم أنها فقدت بوصلتها وبالتالي تسير في جميع الاتجاهات؟ سؤال كبير يستحق الوقوف عنده

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً