الجمعيات المعارضة التي قاطعت البرلمان تعبر عن جمهور واسع ضحى بالكثير من أجل أن تنعم البحرين بأجواء من الحرية في مجال التعبير عن الرأي والتنظيم السلمي والاجتماعات العامة وفي كل ما يتعلق بتنشيط المجتمع المدني. هذه الجمعيات مخلصة للوطن ومخلصة لمبادئ سامية رفعتها ونادت من أجلها وهي أيضا على استعداد للتضحية بمصالحها الذاتية.
العام 2002 شهد تحول في نشاط هذه الجمعيات عندما أعلنت مقاطعتها البرلمان، ومن حينها والأجواء السياسية تصعد وتهبط، وتكاد تنفلت، ثم يتم احتواؤها وإعادة توجيهها نحو العمل السياسي الملتزم بضوابط السلم الأهلي.
خلال السنوات الثلاث الماضية كانت هناك محاولات لفتح الحوار بين أطراف المجتمع المختلفة، وبينها وبين السلطة، ولكن تلك المحاولات انتهت إلى طريق مسدود. وحتى العام الماضي كانت هناك رغبة من السلطة لضم أكبر عدد من الأطراف الفاعلة على الساحة إلى العملية السياسية، ولكن ما هو واضح الآن هو أن هذه الرغبة قد تلاشت. بل إن هناك رغبة معاكسة لدى بعض الأطراف في أن تستمر الجمعيات المقاطعة في مقاطعتها لأسباب عدة لم تعد خافية على كثير من الناس.
الصفعة التي وجهها البرلمان بتشكيلته الحالية للحريات العامة - من خلال إصدار قانون الجمعيات السياسية - كانت واحدة من صفعتين. فالصفعة الثانية تأجلت إلى حين عودة البرلمان إلى الانعقاد بعد عطلة الصيف، إذ من المتوقع أن يتم إصدار قانون بشأن الاجتماعات والمسيرات والتجمعات. وإذا صحت الأخبار الواردة من داخل البرلمان من أن الصيغة النهائية التي سيتم تمريرها أسوأ من المشروع الذي عرضته الحكومة في نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي، فإن الحريات العامة ستتعرض للتضييق غير المحمود.
المشروع الذي تم تقديمه يحظر الاجتماعات والمسيرات والتجمعات ولا يسمح لها إلا بعد إجراءات معقدة، وهذه الإجراءات ذاتها خاضعة لسلطات وصلاحيات "تقديرية" يحددها المحافظ أو من هو مسئول عن الأمن العام. كما أن الشروط المطروحة تعني أن عقد الاجتماعات يصبح أمرا مكلفا جدا ولا يستحق المعاناة التي يتطلبها القانون، وبالتالي فإن الأفضل غلق الأبواب ومنع الاجتماعات بكل أشكالها.
المشروع ينص على عقوبات تطول الأفراد المنظمين والذين سيستجيبون لدعوات اجتماعات خارج القانون الذي سيتم تشريعه، كما ينص على عقوبات على مجالس إدارات المؤسسات والنوادي التي لا تقوم بالتأكد من تنفيذ القانون على أية جهة تطلب رخصة لعقد اجتماع ما واستخدام إحدى قاعات الاجتماع.
باختصار، فإن الحريات العامة سيتم التضييق عليها، وهذه أمور لم تكن ستحصل لو أن الجمعيات التي قاطعت الانتخابات كانت داخل المجلس النيابي.
فمن أجل الوطن... بادروا إلى التحالف مع النواب الذين يقتربون من أهدافكم، وبادروا ايضا إلى الاستعداد للدخول في برلمان 2006 قبل أن تزداد هذه القوانين التي قد تحرمنا من مكتسبات ناضل الناس من أجلها كثيرا
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1059 - السبت 30 يوليو 2005م الموافق 23 جمادى الآخرة 1426هـ