"صراع الحضارات" فلسفة ايديولوجية حديثة ابتكرت للنظر في فوارق القوميات والمجتمعات سواء كانت عبر اللغة أو الدين أو المعتقد والتي تشكل في حد ذاتها الإطار المعرفي للكينونة بالنسبة إلى هوية الفرد وتميزه عن بقية الشعوب ما بين الشعب الآسيوي والإفريقي والأميركي ما بين الشرق والغرب ما بين الإسلام والمسيحية. تلك الاختلافات صنفت وفقا لما ذهب إليه صموئيل هنتغتون بأنها صدام حضارات ما يعكس اختلافات بين الشرق الغرب وفقا لتصور فكري راديكالي متطرف يجمع الشعوب في نقاط التلاقي والاختلاف بحسب ديانتهم.
بالأمس اشتد الجدل بين الفاتيكان و"إسرائيل" بشأن اتهامات إسرائيلية لبابا الفاتيكان بينديكت السادس عشر بعدم إدانة أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الإسرائيليين، والذي يصنف بأنه أول تحد يواجهه البابا منذ اعتلائه عرش البابوية خلفا للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني، لكن الفاتيكان رد على مزاعم "إسرائيل" بلهجة شديدة بأنه لن يقبل تلقي الأوامر من أية جهة كانت وخصوصا حينما عادت الخارجية الإسرائيلية تقول إن عدم إدانة الإرهاب هو سياسة الفاتيكان منذ سنوات.
تداعيات الأزمة الدبلوماسية ذات المنظور الديني البحت جاءت حينما استدعت "تل أبيب" سفير الفاتيكان لطلب استيضاح في خطاب البابا ليوم الأحد الماضي الذي عبر فيه عن تعاطفه مع دول تعرضت لهجمات تفجيرية مثل مصر، وتركيا، والعراق وبريطانيا من دون ذكر، وفقا لمزاعم "إسرائيل"، العملية التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي في 12 يوليو/ تموز وأسفرت عن مقتل خمسة إسرائيليين. لكن بيان البابا أكد أن سلفه البابا الراحل كان يجد نفسه في حل من إدانة أية عملية لأن الدولة العبرية كانت ترد على ذلك بعمليات انتقامية لا تلائم دائما القانون الدولي.
اندلاع الأزمة يتزامن مع اقتراب موعد الزيارة المقررة التي سيقوم بها البابا الألماني المولد معبدا يهوديا خلال زيارته لألمانيا الشهر المقبل وهي المرة الثانية التي يدخل فيها أحد البابوات مكان عبادة يهودي خلال ألفي عام... والتي ربما تؤثر وتصب على مسرى وتطور العلاقات إثر الأزمة العابرة التي ألمت بين الطرفين والناجمة أساسا عن اختلاف في وجهات النظر بين الفاتيكان و"إسرائيل"
العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ