العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ

هوامير الفري فيزا والبطاطا البشرية المسلوقة في السوق المركزي

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

بعض المسئولين يعيشون على "الشو" و"البرستيج" ولا يهمهم إذا كان الصعود يتطلب الدوس على الطماطم أو على البشر. ساعة واحدة قضيتها في "السوق المركزي" شعرت أنهم تحولوا إلى بطاطا مسلوقة من الحر، أحسست فيها بتلك المفارقات المرعبة... كل يوم نرى مسئولا يتحدث عن الحكومة الإلكترونية أو البطاقة الذكية أو اتفاق التجارة الحرة مع أميركا؛ فلا أعلم هل تستطيع الإدارة الإلكترونية في وزارة البلديات التقاط صورة الوجوه الشاحبة لكبار السن الذين انهكهم التعب والحر والزمن وغياب ضمير بعض المسئولين؟ هل هؤلاء الفقراء بشر أم حيوانات تستحق كل هذا العذاب؟ تصوروا معي أن رجلا كبير السن في الستين من عمره يجلس في مكان تحيط به الحرارة من كل مكان وفي حر هذا الصيف الملتهب من الساعة الخامسة صباحا حتى الساعة الثانية من بعد الظهر، والسوال: لماذا المواطنون البحرينيون في السوق المركزي لا بواكي لهم؟ بودي لو يمر المسئولون وهم يقيمون مؤتمراتهم الاقتصادية بالضيوف على المعلم السياحي الكبير "السوق المركزي" ليروا أكبر سوق عريق في البحرين ماذا حل به؟ إنه الإهمال الرسمي وإهمال الوزارات لهذه الطبقة المحرومة والمهملة في مقبرة سوق المركزي. المصادفة قادتني إلى المركز... دخلت المكان... تفاجأت... فركت عيني وأنا أرى المناظر... الحر يأكل الجميع... الآسيويون وكثير منهم من الفري فيزا ابتلعوا السوق... الإضاءة تكاد تكون معدومة... وحرارة الجو هي دائما القلق المستمر للمواطنين فهي تأكل أجسامهم وصحتهم قبل أن تأكل بضائعهم التي كثيرا ما تتلف بسبب هذا الوضع المبكي، فكم نسبة الخسائر المادية التي يتكبدها هؤلاء المواطنون من تجار الجملة أو التجزئة وغيرهم سنويا...؟

إن بإمكان الحكومة أن تحول هذه السوق إلى محل ترفيهي ومعلم سياحي لو أنها قامت بتعديله... إنه في الذاكرة الشعبية بكل ألوانه.

عندي اقتراح اقدمه للتجار والعاملين في السوق المركزي وهو أن يقوموا بدعوة المسئولين في وزارة البلدية إلى زيارة سوق السمك في الكويت وسوق أبوظبي وسوق الخضراوات في دبي وسنتكفل بكل كلفة السفر ابتداء من التذكرة إلى السكن إلى مصروف الجيب، علهم يشعرون بالفارق: أين وصلت الأمم وأين نحن بقينا؟

الفلاحون في السوق المركزي لا يريدون سوقا مركزيا الكترونيا ولا يريدون أمام كل "برة" حاسوبا آليا مع نادل يجفف شعر الزبون... لا يريدون أن تفرشوا السوق بالسجاد الفارسي أو تضيئوا الأمكنة و"البرات" بثريات الكرستال!

إنهم يريدون أن ترشوا عليهم "شوية" كرامة وإنسانية وترحموا هالناس من الحر والفري فيزا وإصدار قانون يحميهم من الأجانب!

هوامير الفري فيزا يجب أن يرحموا الناس... حتى الخضرة والبربير أصبحت محل تنافس مع الفقراء... الفري فيزا تحولت إلى أخطبوط وما من رادع. من البحر إلى سوق السمك... إلى سوق الخضرة... إلى البيع في الشوارع وعلى الطرقات... أين هو القانون؟ نتكلم عن التجارة الحرة والاتفاقات والدولة الإلكترونية و"احنه حالتنه حالة"!

سوق السمك في الكويت مكيفة وهناك تلفزيون كبير وعمال نظافة على قدم وساق وقانون يحمي المواطنين ومجلس أمة ومجلس بلدي دائما في دفاع عن الناس، فما المانع ان يكون ذلك هنا؟

بعض كبار السن ماتوا في السوق ذاتها، وصور حزينة لعيون طالما ذرفت دمعها على أرصفة وزارات المسئولين علها تحظى بموقف إنساني، وعلى رغم الإهمال والإيجارات الغالية في بعض المواقع عدا عن فواتير الكهرباء وغيرها... فإن هناك مواطنين بلا تأمين ولا ضمان اجتماعي، بلا قانون يحميهم في سوق انتهى عمرها الافتراضي منذ زمن.

بعض هؤلاء بدأ يدخل في المديونية، وانفتاح السوق جفف البقية الباقية في هذه السوق لينابيع هذه السوق... الأجنبي يأتي عاملا وإذا به يتحول إلى تاجر. هذا، ولم اتلكم عن أزمة مواقف السيارات ومسألة إعادة تنظيم تفريغ بضائع الجملة.

فعلا، بعض هوامير الفري فيزا حولوا الوطن إلى مزرعة خاصة وحولوا المواطنين إلى أبقار يتقاسمون لحمها وحليبها ونخاعها وجلدها، فهل تقف في وجوههم الحكومة؟

المواطنون في سوق المركزي ملوا تصريحات المسئولين وأملهم يزداد مع وزير البلدية الجديد فقد سمعوا أخبارا جديدة تبشرهم بأن الوزير الجديد مقبل على مشروع إعمار السوق وذلك ليس ببعيد.

على رغم الحر والظروف مازال المواطن يذهب للسوق دعما لهؤلاء المواطنين فلنرش السكر عليهم على رغم ملح الأرض

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً