أوضح أداء سوق العمل المحلية أن القطاع الخاص أصبح هو المولد الوحيد للوظائف الجديدة فيما تجاوز القطاع العام مرحلة التشبع ليبدأ التخلص من عمالته، كما تبين أن الأجانب لايزالون هم الخيار الأمثل بالنسبة للقطاع الخاص.
وعلى صعيد العمالة المحلية أوضحت الأرقام ان صافي المنضمين الى سوق العمل المحلية من بوابة العمل في القطاع الخاص هم من الاناث، ما رفع عدد الاناث المواطنات في سوق العمل بينما انخفض عدد الذكور العاملين.
فقد أوضحت أرقام الربع الأول من العام الجاري أن القطاع الخاص تمكن من خلق 8080 وظيفة ليرتفع عدد العاملين فيه من 385390 في العام الماضي الى 292550 في الربع الأول من العام الجاري، فيما انخفض عدد العاملين في القطاع العام للمرة الأولى خلال السنوات الماضية من العقد الجاري فخرج من القطاع العام 920 شخصا من بينهم 730 مواطنا و190 أجنبيا ليصبح عدد العاملين فيه 67192 في مارس/ آذار الماضي في مقابل 66229 في نهاية العام الماضي .2004 ويشار الى أنه في العمالة في القطاع الحكومي لم تتجاوز معدلات نمو متواضعة منذ مطلع هذا العقد فسجلت نموا بلغ 2,9 في المئة، 5,9 في المئة، 7,3 في المئة، 3 في المئة خلال الأعوام ،2001 ،2002 ،2003 و2004 على التوالي لتبدأ مرحلة الانخفاض بنسبة 2,6 في المئة في الربع الأول من العام الجاري. وفي المقابل سجل القطاع الخاص نموا بلغ 9 في المئة، 13,2 في المئة، 8,7 في المئة و16,3 في المئة خلال الفترة نفسها موضوع المقارنة فيما سجل نموا خلال الربع الأول من العام الجاري بلغ 3,3 في المئة.
ويأتي ذلك متسقا مع سياسة التخصيص التي بدأت الحكومة تنفيذها تدريجيا واعطاء القطاع الخاص دورا أكبر ليلعبه في الاقتصاد، والذي يتواكب في نفس السياق مع سياسة التجميد في التوظيف في القطاع الحكومي "مع العلم أن هذه الأرقام لا تتضمن وزارتي الدفاع والداخلية"، ومن المتوقع أن يشهد القطاع الحكومي مزيدا من الانخفاض في عمالته خلال الفترة المقبلة مع وجود توجهات تقديم برامج التقاعد المبكر الالزامي المصاحب للتخصيص في بعض المرافق كالكهرباء، الموانئ وبعض ادارات الأشغال.
وفي الوقت الذي يأتي ذلك متسقا مع أحد هدفي خطة اصلاح سوق العمل وهو جعل القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي في البحرين الا أن الطريق بدا طويلا أمام تحقيق الهدف الثاني وهو جعل المواطن البحريني هو الخيار المفضل للتوظيف في القطاع الخاص. فالارقام أوضحت أنه في خلال الربع الأول حظي الأجانب بالنصيب الأكبر في فرص العمل التي أتاحها القطاع الخاص اذ التحق بهذا القطاع 7117 أجنبيا شكلوا 88 في المئة من اجمالي الداخلين الجدد لهذا القطاع في مقابل 963 بحرينيا شغلوا نسبة 12 في المئة المتبقية.
وبذلك بلغ معدل توظيف الأجانب 80 شخصا يوميا في مقابل 11 بحرينيا يوميا.
وبذلك ارتفع عدد البحرينيين في القطاع الخاص بنسبة 1,5 في المئة الى 67192 شخص مقارنة بعدد العاملين مع نهاية العام الماضي ،2004 فيما سجل عدد العاملين الأجانب في القطاع نفسه زيادة بلغت 3,9 في المئة ليصل العدد الى 188702 شخصا في الربع الأول. وبلغ عدد الأجانب العاملين في القطاع الخاص 181585 شخصا في نهاية العام الماضي .2004
ويأتي ذلك امتدادا لمعدلات توظيف البحرينيون في القطاع الخاص خلال السنوات الماضية اذ حظي البحرينيين بنسبة 31,8 في المئة، 29,5 في المئة، 34,6 في المئة و13 في المئة من اجمالي من تم توظيفهم في القطاع الخاص خلال الأعوام 2001/ ،2002 2003 و2004 على التوالي وظل نصيب البحرينيين في القطاع الخاص يتراوح ما بين 31,8 في المئة، 29,5 في المئة، 29,2 في المئة و26,7 في المئة لنفس الفترة.
ويشار الى أن عدة عوامل تتداخل تجعل العامل الأجنبي أكثر تفضيلا من قبل القطاع الخاص وربما أكثر العوامل مباشرة ووضوحا هو عامل الراتب اذ تراوح فارق الراتب ما بين البحريني والأجنبي ما بين 172 دينارا الى 204 دنانير في خلال الفترة من 2000 الى 2004 فيما ارتفع هذا الفارق في الربع الأول من العام الجاري الى 216 دينارا "راتب البحريني يبلغ 378 دينارا في مقابل راتب للأجنبي يبلغ 162 دينارا" . الا أن هذا الفارق ينخفض عند احتساب بعض المصروفات الثابتة التي يتحملها أرباب العمل والتي تعادل ، بحسب دراسة مكنزي، 35 دينارا وتشتمل على رسوم تراخيص العمل واستصدار تأشيرة الدخول والاقامة والتأمين الصحي للمؤسسات التي يزيد عدد عمالها عن 100 عامل بالاضافة الى مدفوعات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية.
ومن العوامل الأخرى التي لا توضحها الأرقام بينما تمثل أحد العوامل المهمة في تفضيل الأجنبي على البحريني في الكثير من وظائف القطاع الخاص، الفارق في الإنتاجية التي يتفوق فيها الأجنبي على البحريني في بعض الوظائف وسلوكيات العمل التي يأتي من ضمنها استعداد العامل الأجنبي للعمل تحت ظروف مختلفة بعضها غير مقبول دوليا خصوصا في ما يتعلق بساعات العمل وأيضا بيئة العمل.
يشار الى أن خطة اصلاح سوق العمل اقترحت تضييق فجوة الكلفة بين العامل البحريني والأجنبي تدريجيا كالتالي : 35 دينارا شهريا في العام 2006 و50 دينارا شهريا في العام 2007 ومن ثم 75 دينارا شهريا في العام 2008 وأخيرا 100 دينار شهريا من العام .2009 وعلى رغم أن التصورات كانت تشير في بداية طرح المشروع الى التوجه لتطبيقه مع مطلع العام المقبل الا أن سير الأمور يؤشر الى احتمالات التأجيل الى وقت لاحق مستقبلا. وتبقى اختلافات الانتاجية والتأهيل لأداء الوظائف التي تفتقر اليها العمالة المواطنة ويبدو أنها أيضا أخذت في اعتبار البرنامج الاصلاحي الثلاثي: إصلاح الاقتصاد، إصلاح سوق العمل واصلاح التعليم.
وعلى صعيد العمالة المحلية أوضحت الأرقام أن صافي العمالة المواطنة التي دخلت الى سوق العمل خلال الربع الأول بلغت 233 شخصا بعد دخول 963 شخصا الى القطاع الخاص وخروج 730 شخصا من القطاع العام واللافت أن صافي المنضمين الى سوق العمل من المواطنين هم من الاناث اذ دخلت الى سوق العمل 437 مواطنة الى القطاع الخاص وخرجت من القطاع العام 193 مواطنة بصافي 244 مواطنة فيما انضم الى سوق العمل 526 من الذكور من خلال القطاع الخاص وخرج من القطاع العام 537 بصافي انخفاض 11 شخصا.
وبذلك انخفض عدد الذكور من البحرينيين في سوق العمل المحلية خلال الربع الأول من 68123 في نهاية العام الماضي 2004 الى 68112 في نهاية الربع الأول من العام الجاري، فيما ارتفع عدد الاناث من 31860 الى 32104 خلال نفس الفترة موضوع المقارنة، ويتضح من الأرقام أن سبب اقتصار صافي المنضمين الجدد الى القوى العاملة المحلية من المواطنين على الاناث يعود الى خروج عدد أكبر من الذكور من القطاع الحكومي "537" في مقابل الاناث "193" على رغم أن عدد الذكور المنضمين الى القطاع الخاص من الذكور أكبر من عدد الاناث المنضمين الى القطاع نفسه "525 من الذكور و437 من الاناث".
وبذلك يقدم أداء السوق للفصل الأول من العام الجاري صورة واضحة لما سيكون عليه الوضع خلا ل الفترة المقبلة في ظل تأخير أو تأجيل الاعلان عن خطط التغيير والاصلاح في سوق العمل، فمن الواضح أن الحكومة تسعى لتسليم القطاع الخاص زمام المشروعات الاقتصادية الكبرى وتبقى على دورها الاشرافي والرقابي وانعكس ذلك واضحا في احصاءات العمالة، وفي السياق نفسه وضحت أهمية القطاع الخاص كمولد رئيسي لفرص العمل في الاقتصاد المحلي ما يقترح أهمية المبادرة في ازالة عوامل التنافر ما بين العمالة المواطنة والقطاع الخاص الذي يعول عليه لقيادة التنمية الاقتصادية ولتوليد فرص العمل لامتصاص البطالة التي تقدر بنحو 20 ألف شخص وتعادل 14 في المئة من اجمالي القوى العاملة الوطنية، اذ تجدر الاشارة هنا الى وجود فجوة بين الفرص المطلوبة لمحاوطة مشكلة البطالة كما اقترحتها دراسة اصلاح سوق العمل والتي توصي بتوفير 10 آلاف وظيفة سنويا للمواطنين وبين واقع أداء السوق إذ لم يتجاوز عدد الوظائف التي تولدت للمواطنين الـ 6800 وظيفة سنويا في أحسن الأحوال
العدد 1058 - الجمعة 29 يوليو 2005م الموافق 22 جمادى الآخرة 1426هـ