العدد 1056 - الأربعاء 27 يوليو 2005م الموافق 20 جمادى الآخرة 1426هـ

دلونا ليس فارغا... ومهمتنا البيان لا الصمت

"الصحة" ترد على "نقطة حوار":

عادل علي عبدالله comments [at] alwasatnews.com

-

طالعنا باهتمام بالغ رأي كاتب "نقطة حوار" المنشور في صحيفتكم الغراء يوم الجمعة "العدد 1050" الذي عنونه الصحافي جعفر الجمري بوصف العلاقات العامة في وزارة الصحة بـ "الدلو الفارغ"، ومع رصدنا اليومي لكل ما يكتب عن وزارتنا وخدماتها، فإن الحكم الصادر من الصحافي ضد إدارة من مهماتها الأساسية البيان وتوضيح موقف المؤسسة يعد من أغرب ما قرأناه عن صحف الرأي والخبر في البلاد قاطبة! ولم يكتف الصحافي بطلبه لنا بالصمت، بل زاد علينا رأيه القاضي بأن دلونا فارغ؛ أي: كل الذي نقوله لا معنى له، وعليه يجدر بنا السكوت نزولا عند رأيه "الآمر"! ولكن. .. كعادتنا نحن البشر، خلقنا وفي أفواهنا ألسنة وفي رؤوسنا آلات توجيه تسمى عقولا، تحلل وتضع المقدمات لتعطي نتائج نعبر عنها باللسان أو بالقلم، فحكمنا الذي نخرج به مبني على المعلومات المتوافرة لدينا، التي هي المقدمات، على قاعدة أن النتيجة بنت المعلومة، وما رأيناه من مقدمات بمقال الصحافي هي التي أوقعت به في تلك النتيجة التي لا تثريب عليه فيها، فهذا مبلغه من العلم.

وليسمح لنا الصحافي، ولتسمح لنا صحيفتكم الغراء أن نضع بعض المقدمات التي تحكم عمل إدارات العلاقات العامة في أية مؤسسة، وخصوصا الخدماتية، ثم طريقة عملنا في هذه الوزارة مع وسائل الإعلام، وأخيرا تفنيدنا لما أورده الصحافي في "نقطة حواره" الذي حرصنا أن نكون طرفا فيه.

ما يحكم عمل إدارات العلاقات العامة

كأية مؤسسة لها ارتباط بخدماتها الجمهور تحدد جهة خاصة من مهماتها مخاطبة الرأي العام، وتمثيل المؤسسة تجاهه، وبحكم انضوائها تحت المؤسسة فرسالتها ومهمتها واستراتيجيتها من الطبيعي أن تكون متناغمة مع كينونة المؤسسة وهويتها؛ لأنها الناطق باسمها، ومن هنا لا يمكن لأية إدارة أن تخرج عن هذا الإطار الوظيفي الحاكم.

ومعلوم أن المؤسسات الخدمية الحكومية ليست ربحية، ما يعني أن هذه الإدارات ليس بمقدورها أن تسوق بضاعة المؤسسة، ويندرج تحت هذا حملات تلميع المؤسسات الحكومية، ولكنها مهتمة بتوضيح موقف المؤسسة تجاه الآراء والملاحظات المختلفة، كما أن تسويق مشروعات المؤسسة لها حيز كبير من عملها، فضلا عن أن إدارة العلاقات العامة معنية بتحسين العلاقة بين الجمهور والمؤسسة.

طريقة إدارة العلاقات العامة في الصحة في التعامل مع ما ينشر في وسائل الإعلام

منذ تولي وزيرة الصحة ندى عباس حفاظ الوزارة، أرست قاعدة واضحة في التعامل مع وسائل الإعلام، تقوم على جعلها شريكا في مراقبة مستوى خدمات المؤسسة الطبية الكبرى في البلاد، وأداة تنبيه لجوانب النقص أو القصور التي لا يخلو منها عمل إنساني البتة.

لكن هذه الشراكة منضبطة بالاحتكام إلى الحقائق والبراهين لا إلى الظنون والأقاويل المجردة... ولم تكتف وزيرة الصحة بأن تصدر توجيهاتها الرسمية إلى الجهات التنفيذية العليا في الوزارة، ومنها إدارة العلاقات العامة، بل تكرر منها التصريح والتأكيد على ذلك في مناسبات ومؤتمرات صحافية مختلفة.

ومن هنا، رسمت إدارة العلاقات العامة منهجية في التعاطي مع وسائل الإعلام، لا ترتكز على جعل نفسها، والوزارة من خلفها، مجرد صدى صوت أو رد فعل لما ينشر هنا وهناك، بل قسمت ما يرصد إلى ثلاثة أقسام رئيسية أفقيا وخمسة رأسيا.

أما الثلاثة الأفقية فهي:

1- ملاحظات/ انتقادات استراتيجية: وهي ما ليس من صلاحيات الوزارة أو تحت تصرفها، يحتاج إلى قرار سيادي من القيادة العليا في البلاد.

2- ملاحظات/ انتقادات داخلية "من العاملين في الوزارة" والغالب أن هذه الإدارة تسأل الجهة المسئولة عن رأيها في نشر وملابسات الموضوع، ويكون هذا كتابيا.

3- ملاحظات/ انتقادات/ شكاوى المستفيد من الخدمة: فكل ما يكتب يلقى اهتمامنا لكننا - كإدارة علاقات - لا نتدخل في عمل أية جهة في الوزارة، بل نستفسر عن الشكوى وحقيقتها، وكثيرا ما تأخذ الإدارات المعنية الأمر على محمل الجد، وتحقق في الموضوع تحقيقا رسميا.

وأما الخمسة الأقسام الرأسية، فإنها طريقة عملنا مع الأصناف الثلاثة المذكورة، والتي تتراوح مع رصد ما ينشر للحفظ مع اطلاع الأطراف المعنية عليه إلى عقد المؤتمرات الصحافية والحملات الإعلامية التوضيحية في وسائل الإعلام المختلفة.

1- فإذا ورد خبر أو رأي أو ملاحظة ليس لها أساس من العلم أو الواقع كما أنه لا تحدث تشويشا في الرأي العام، فهذا النوع يرصد لدينا مع اطلاع الإدارة العليا في الوزارة والأطراف المعنية للعلم والاستفادة.

2- أما إذا كان الخبر أو الانتقاد أو الملاحظة واقعية وتحدث تشويشا في الرأي العام، ولنا رأي واضح له أسبابه ودواعيه النظامية، فإن هذه الإدارة تكتب إلى الجهة المعنية في الوزارة بوضع ملاحظاتها أو تفنيد موردها في مدة زمنية محددة، ثم تعمل هذه الإدارة على وضع الرد في صوغ إعلامي مفهوم، مع تهذيب المصطلحات الأكاديمية والمهنية، ثم ترسله إلى الصحيفة صاحبة النشر.

3- أما القسم الثالث فهي أخبار وانتقادات وملاحظات لسنا متأكدين من وقوعها على الصورة المنشورة وتحدث تشويشا في الرأي العام، وأبعاد القضية تحتاج إلى تفحص لمعرفة الأسباب والدواعي، فإن هذه الإدارة لا تتسرع في ردها بل توجه كتابا رسميا إلى الجهة المعنية في الوزارة، وكثيرا ما يتحول الموضوع إلى تحقيق رسمي يأخذ بعض الوقت؛ بحكم أن اللجان تتكون من أطراف محايدة تجتمع بمواعيد محددة، ثم تعرض النتائج على الجهات العليا في الوزارة، وربما يصل الأمر إلى اطلاع الوزير تحديدا، وانتظار فصله في الأمر، ثم يأتي دور الإدارة التي يكون تحركها وفقا للتعليمات الصادرة من الجهات العليا.

4- أما القسم الرابع فهو أخبار وملاحظات تدخل فيها أطراف عدة، لكنها داخلية، ولا تحدث تشويشا في الرأي العام، إلا أننا نلاحظ تحاملا من الصحيفة أو ضغطا إعلاميا باتجاه رأي محدد، في حين أن الوزارة تتعامل معه بكل مهنية، فهذا لا تتدخل فيه الإدارة إلا بالقدر الذي تأمر به الجهات العليا في الوزارة.

5- وهناك القسم الخامس والأخير، وهو انتقادات وملاحظات مبنية على توقعات شخصية أو معلومات مغلوطة تسبب تشويشا لدى الرأي العام، فإن الإدارة تطلب من الجهات المعنية البيانات التوضيحية وتصميم حملة إعلامية مستمرة تشمل كل وسائل الإعلام المتوافرة.

ولكل قسم من الأقسام المذكورة آنفا أمثلة يومية كثيرة، ليس المقام تدعيمها كلها، لكن ما أورده الصحافي في مقاله يصلح أن يصنف أحدهما "غاز المعامير" في الصنف الثالث، والآخر "اعتصام العاطلين" في الرابع، وإليكم البيان.

لسنا طرفا في ملف المعامير

إن ملف غاز المعامير مثال جيد للقسم الثالث، إذ إن الوزارة وجهت إليها انتقادات كثيرة "وليست العلاقات العامة"؛ لأنها أخبرت الجمهور بأن ما زعم أنها حالات سرطانية والتهابات وإجهاض كان سببه الغاز ليس دقيقا، ثم بعد فحص المراجعين لم يثبت بالفحص السريري أن لأمراضهم علاقة بالغاز، ثم إن الوزارة "وليست العلاقات العامة" تستغرب حشرها في مشكلة هي ليست طرفا فيها أصلا!

مسيرة العاطلين والعلاقات العامة

ومسيرة العاطلين مثال جيد للقسم الرابع فيما ذكر من سياسة إدارة العلاقات العامة في التعاطي مع ما يكتب عن الوزارة، فمقال الصحافي موصول بكواليس "الوسط" المنشور يوم الخميس "العدد 1049" إذ نقل الكاتب استياء "هكذا" عدد من الأطباء في الوزارة من بيانها المتعلق بالإحصاءات الذي نشرته الصحف لمصابي المسيرة يوم الجمعة، الذي ناقض تقارير الأطباء، إذ زعم المقال وجود حالات أدخلت العناية المركزة وكسور في أنحاء متفرقة من الجسم، ويبرز الاستياء - بحسب عبارة الصحيفة - نتيجة إلى أن إدارة العلاقات العامة لم ترجع إلى الأطباء الذين عاينوا المصابين، ولم تنظر في التقارير والملفات الخاصة بالمصابين "هكذا"... وعليه، يرى الصحافي في "نقطة حوار" أن إدارة العلاقات العامة كذبت تقارير الأطباء! وهنا نقاط غاية في الأهمية بالنسبة إلى هذه الوزارة، بل إلى أية مؤسسة خدماتية، وأسئلة تتمنى أن تلاقي إجابات مقنعة:

1- يصر صاحب المقال وكاتب كواليس يوم الخميس على نقل رأي "الأطباء المستائين" من بيان وزارة الصحة، ومع علمنا المسبق بأن الصحيفة عاجزة عن إبراز أي اسم، دون رأي الوزارة الرسمي، وكأن المخول بالحديث عن الوزارة كل موظف عامل فيها وليست جهات من مسئوليتها التحدث باسم الوزارة.

2- وهذه سابقة لم نرها من قبل، فالأطباء والممرضون مستاءون في كثير من الافتراءات التي تكتب بحقهم ولكن لم نر حرصا على نقل آرائهم، أو سماع صوت من يمثلهم، فلم كل هذا الحرص في هذه المسألة تحديدا؟!

3- في أية مؤسسة أو في أي عرف، نرى أفرادها ومنسوبيها يتحدثون باسمها وخصوصا في مسألة حساسة لها أبعاد سياسية واجتماعية وطنية؟!

4- ومع هذا، فموضوع الإحصاءات التي ذكرها الصحافي طلبتها إدارة العلاقات العامة من إدارة مستشفى السلمانية، وهي الجهة المخولة بذلك، ولم يكن إلا أن أطلعتنا صحيفتكم عليها بناء على ما كتبتم.

5- حرصت هذه الإدارة على الاطلاع على نتائج الفحوصات قبل إرسال البيان "لدينا نسخ من التقارير"، فلم نجد من بينها أطفالا "كما ورد في خبر "الوسط""، إذ كان أصغر المصابين 17 عاما وأكبرهم 42 عاما، ولم نجد إلا حالة واحدة أصر الأطباء على وضعها تحت المراقبة لليلة واحدة بسبب إغمائه في موقع الاشتباك.

وأخيرا، نكرر للصحافي الكريم ولصحيفتكم الغراء أن إدارة العلاقات العامة ليس من سياستها التدخل في أعمال الجهات المختصة في الوزارة، فدورها منحصر في المراقبة العامة، ومخاطبة الجمهور وقنوات صناعة الرأي العام بما لديها من بيانات ومعلومات، وليس من مصلحتنا ولا من شرف مهنتنا أن نكذب أو نحرف المعلومات، لأننا - كوزارة وإدارة - عملنا خدمة المواطنين والمقيمين مع حرصنا الشديد على أسرارهم التي نتعامل معها بشكل يومي ومستمر، وكم نفاجأ حين لا ينشر الرد بالكم والحجم الذي نشر فيه الانتقاد أو الملاحظة أو الشكوى، إذ يرمى في الجهة المظلمة من الصحيفة ولا تلتقطه عين المواطن الذي تفاعل مع الانتقاد.

هذا ما لزمه البيان والتوضيح، مع شكرنا لصحيفة "الوسط" على حرصها على نقل هموم المواطنين ومعاناتهم، وامتناننا لكتابنا الأعزاء... وتقبلوا جميعا التحية

العدد 1056 - الأربعاء 27 يوليو 2005م الموافق 20 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً