اليابان بلد مختلف عن البحرين في كثير من معالمه والمقارنة قد لا تكون عادلة، ولكنها مفيدة. فاليابان تبلغ مساحتها نحو 378000 كيل ومتر مربع، بينما البحرين نحو 710 كيلومترات مربعة، واليابان يبلغ عدد سكانها 127 مليونا بينما يبلغ عدد سكان البحرين أقل من 700 ألف نسمة. اليابان مجموعة من الجزر، وكذلك البحرين.
غير أن المرء يتوقع أن تكون حكومة اليابان أكبر من ناحية عدد الوزارات من البحرين بسبب الفروقات الكبيرة في حجم السكان وفي حجم المساحة وفي حجم الاقتصاد. فاليابان، ومنذ العام 1968 تسنمت موقع ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية، وجميع بلدان العالم تقريبا يعتمدون على المنتجات اليابانية من السيارات إلى المعدات الإلكترونية.
إلا أن الواقع يقول إن عدد الوزارات والهيئات الحكومية البحرينية تعادل تقريبا ضعف ما لدى اليابان فمنذ العام 2001 والحكومة اليابانية تتكون من 12 وزارة "10 وزارات بالإضافة إلى وكالة الدفاع ووكالة الأمن العام". أما لو نظرنا إلى البحرين فإن عدد الوزارات والهيئات الحكومية هو ضعف ما تحتاجه اليابان لإدارة شئونها.
اليابان لديها اقتصاد حجمه يقارب 5 تريليون "مليون مليون" دولار، بينما حجم اقتصاد البحرين هو 8 مليارات "المليار يساوي ألف مليون" دولار، وهذا يعني أن الشركات اليابانية الكبرى لديها مدخول يعادل عشرات المرات ما لدى البحرين من ثروات، بل إن كل شركة تحتاج إلى موارد أكثر مما تحتاجه البحرين بعشرات المرات. المقارنة ليست عادلة لأننا نتوقع هذه المفارقة بين بلد مثل اليابان وآخر مثل البحرين. ولكن ما لا يتوقعه المرء هو أن عدد الوزارات والوكالات الحكومية اليابانية تعادل نصف ما لدى البحرين من وزارات ووكالات.
نعرف حجم المشكلة إذا لاحظنا أن الحكومة تعتمد على مدخول النفط لتسيير 70 في المئة من موازنتها، وهذا يعني لو أنه الحكومة كانت أصغر وأكثر فعالية فإنه يمكن لموازنة البحرين أن تستفيد من موارد النفط في تطوير البيئة التحتية وفي تسهيل الأمور بحيث ينتقل مركز ثقل الاقتصاد من القطاع العام إلى القطاع الخاص.
الحكومة اليابانية كانت قبل العام 2001 تحتوي على 22 وزارة ووكالة، ولكنها انتبهت إلى التحولات العالمية التي تحث على تقليص دور الحكومة وشرعت قوانين جديدة في نهاية التسعينات من القرن الماضي لإصلاح إدارات الدولة ونقل مهمات كثيرة كانت تقوم بها الحكومة إلى القطاع الخاص.
الاقتصاد الياباني كان ينمو بمعدل 8 إلى 10 في المئة ما بين 1953 و،1973 وبعد ذلك قل المعدل قليلا، ولكنه استمر في قوته حتى الثمانينات من القرن الماضي. وفي النصف الثاني من الثمانينات أخطأ اليابانيون عندما نقلوا نشاطاتهم الاقتصادية إلى المضاربة في العقارات، ولكنهم صدموا صدمة كبيرة في مطلع التسعينات من القرن الماضي عندما هبطت أسعار الأراضي نحو 50 في المئة، ما أدى إلى حدوث كساد اقتصادي استمر حتى العام الماضي.
الاقتصاد الياباني تحمل الكساد الذي استمر أكثر من عشر سنوات لأن لديه مخزونا من القوة الاحتياطية، ولكنه لم يخرج منه إلا بعد الإقدام على إصلاحات إدارية واقتصادية حازمة تبتعد عن المضاربات العقارية التي بإمكانها أن تهز دولة مثل اليابان. ومع هذه المقارنة الموجزة نأمل في أن تتجه سياسة بلادنا إلى قطاعات أكثر ديمومة ولا تتعرض للمضاربات الفقاعية كما هو حال سوق العقارات
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1056 - الأربعاء 27 يوليو 2005م الموافق 20 جمادى الآخرة 1426هـ