فيما ينشغل العراقيون بانجاز دستورهم الدائم ظهر ملف كركوك مرة أخرى على السطح واستحدث هذا الملف أكثر بين الأكراد عندما اجتمع ممثلو الدولة التركية مع الجبهة التركمانية وبعض الشخصيات العراقية. وأدان الكرد هذا النشاط واعتبروه تدخلا في شئون العراق الداخلية الأمر الذي دفعهم - اي الكرد - إلى تأسيس لجنة من قبل البرلمان الكردي وظيفتها اسناد ممثلي قائمة "التحالف الكردستاني" في لجنة الدستور العراقي.
مهمات هذه اللجنة التي كلفت من قبل رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني ورئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني هي إعداد مسودة اقتراحات قدمتها إلى الاعضاء الكرد في لجنة كتابة الدستور العراقي لأجل تثبيتها في الدستور العراقي الدائم بعد عرضها على البارزاني والطالباني.
من المعلوم ان الاقتراحات تتضمن عدة عناوين بدءا من اسم الدولة: جمهورية العراق الفيدرالي أو الاتحادي ونظام الحكم ان يكون جمهوريا برلمانيا اتحاديا فيدراليا ديمقراطيا تعدديا ويجري تقاسم السلطة بين الحكومة الاتحادية وبين حكومات الاقاليم والمحافظات والبلديات والادارة المحلية ويكون النظام الفيدرالي على أساس الحقائق الجغرافية والتاريخية وليس على أساس اثني أو مذهبي.
وأن تخضع القوات المسلحة للسيطرة المدنية وتحديد موازنة للقوات المسلحة لا تتجاوز 4 في المئة من موازنة العراق وان يحتفظ كل إقليم فيدرالي بقواته المسلحة.
وان تتكون دولة العراق من قوميتين رئيسيتين العربية والكردية وان الشعب العربي جزء من الامة العربية والشعب الكردي جزء من الامة الكردية مع اقرار الحقوق المشروعة للتركمان والكلدوآشوريين والقوميات الاخرى وان يمثل اقليم كردستان ممثل لرعاية شئون الاقليم في وزارة الخارجية والسفارات.
وانتهاء بالموارد، ان تكون الثروات الطبيعية والنفطية ملكا للاقليم وان تتولى حكومة الاقاليم عملية الاستخراج والادارة والتوزيع وتخصيص نسبة 5 في المئة من واردات الثروة للمحافظة ونسبة 60 في المئة لحكومة الاقليم و35 في المئة للحكومة الاتحادية.
واضافة إلى ذلك يكون لشعب كردستان العراق حق تقرير المصير بعد مرور ثماني سنوات من العمل بهذا الدستور أو في الحالات الآتية: اذا تغير النظام الديمقراطي الفيدرالي أو إذا تعرض للعدوان أو للاضطهاد أو استقطاع أية منطقة تعرف وفق الحقائق الجغرافية والتاريخية بأنها جزء من كردستان العراق أو الامتناع عن الحاقها، فعند ذلك يجري بشكل مباشر الاستفتاء.
ويذكر أن الكرد حددوا ايضا خريطتهم اي خريطة كردستان العراق التي ضمت اربيل والسليمانية ودهوك ومدينة كركوك والجزء الشمال الشرقي من مدينة الموصل الذي يمتد الى قضاء سنجار على الحدود السورية العراقية مرورا بمحاذاة نهر دجلة حتى جبل حمرين ثم يصل الى المدن الشرقية لمحافظة ديالى "خانقين ومندلي" حتى مدن "بدرة وجصان".
الأكراد يقولون ان هناك ضرورة لتوضيح مطالبهم لان بعض الاخوان من الذين اضيفوا أخيرا في لجنة كتابة الدستور يحاولون عرقلة عملية الدستور وعرقلة النظام الفيدرالي وحل قضية كركوك.
لكن ليس بوسع الكرد ايضا القفز على الحقائق والاعتراف بأن مطالبهم تحتاج الى المزيد من المباحثات مع الاطراف العراقية الاخرى.
المهم هنا ان الكرد اعلنوا سقف مطالبهم ومن الاحسن ايضا ان يجتمع الكرد والعرب والقوميات الاخرى في العراق على طاولة واحدة بعيدا عن التأثيرات الاقليمية والداخلية لان ما يجري في الدول وما يحاك هناك يثير خوف الاكراد وهذا ما قاله رئيس برلمان كردستان العراق عدنان المفتي: "اذا كانت هناك لقاءات عادية فنحن ديمقراطيون ليس لدينا المانع بل ما ننزعج منه هو يتم نسج مخططات وسيناريوهات معينة من خلال هذه اللقاءات، وهذا ما ننزعج منه وهو ما لا يقبله الكرد ولا أي طرف آخر". بقي القول ان عرض الكرد وبهذا الحجم وبهذه الشفافية والوضوح أتى من قبل البرلمانيين الكرد والأكراد جميعا بعد ان تسرب ان هناك لقاء يحصل بين الدولة التركية وبين بعض الجهات العراقية من وراء الستار وكذلك بعد ان قالت الدولة التركية ان لديها الحق في التدخل في كردستان العراق ولم يصدر اي موقف من الحكومة العراقية المركزية والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هو: إلى متى سينظر العراقيون إلى بعضهم بعضا بنظرة الحساسية وبنظرة على انهم ليسوا من الجذر الواحد وينحدرون من مصالح مشتركة؟
إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ