العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ

وشم متنمر

جعفر الديري comments [at] alwasatnews.com

يمعن هذا القلب في لعبته المجنحة، انه يغريني ليل نهار باقتناص الحرف الشارد، وكتابة الوشم المتنمر. حتى اذا صحوت يوما على كتابي أخذ بي مجددا للحياة التي لا يرتادها غيري ممن ابتلي بالكتابة.

أرأف لحالي أحيانا حينما أعتقد أني ملء الزمان وملء المكان وملء الأرض ولا أقول السماوات، فكيف بي لو اخترت الطريق الذي لا رجعة منه واعتنقت تلك النبوءة التي لاتزال عالقة بطرف ثوبي.

في أوقات كثيرة أحترس من ذلك الضوء، انه يذكرني بأن أيام عمري في انقضاء، فكيف لي أن أعيش العمر لحظات أخرى مع الكتابة وهل أتحول ذات يوم الى ما يشبه الرقم الجريح الذي تتناوله الشفاه أم أكون نظرة أخرى لاتزال عالقة بأهداب طفل صغير؟!

ان أوقات الصيف تأخذ بي بعيدا الى حيث لا عودة وعندما ينتصف النهار أجد في الكوة الصغيرة ما يشبه أحلام الرأس حينما تتجمع معلنة بنزول الغيث الأسود على شفتي، وحينها أفزع، أفزع حينما تأخذني هوة بعيدة عن الأصحاب والجيران. ان أقسى ما يمكن أن أتخيله لحظتها أن هذا المداد يمكن أن ينفذ يوما ولو بضع ساعة عندما أتقرب اليه.

قرأت مرة أن الانسان في صلبه حجر واحد وأنه يتكور في محيط كيانه وعندما يأخذه الصمت يتحول الى فضاء لا شكل له، فكيف لي أنا المسكين أن أكون واحدا من أولئك الصفوة الذين يملأون جنبات الوادي؟!

قد أفزع يوما لتلك الآلة الحدباء التي تسمى الموت وقد أكون ضمن تلك الخلاخيل المحلاة ضمن حباتها، غير أني وحالما أقترب من تلك البوابة السحرية يأخذني وهج لم يندمل يوما على شفتي ولم يحاول في يوم من الأيام أن يقيس حجم الماء على راحتي الى جانب قطرة على سطح المريخ. وانما حاول أن يجعلني ضمن تلك الوجوه التي لايزال يخالطها الماء الداكن في الرئة التي لا تعرف سعالا واحدا. وعلى نقيض ما كنت عليه أجدني أمرح في صبا ليل لايزال يداعب ظلاله بأثر لون البحر المالح.

في أوقات نادرة قد أبصر زورقا على البعد يترامى بشعاع الفجر وأحيانا أخرى لا أجد ذلك الوجه المشمس ذا النظرة الثكلى وانما أجد للضوء مكانا عند كلماتي، وأحيانا أخرى تأخذني العبارة الى حيث لا أمل في دفع الضجيح.

ان بعضا من حكاياتي القديمة لاتزال تتساقط على مخدة أحلامي آخذة بي للرجوع الى الكتابة مضمخا بحبر الياسمين وعروق الشجر النافرة. وقد شاهدت البارحة في الحلم كأني أطير الى فضاء لأبصر نافذة مغطاة بالنور، وكنت حينها أضمد تلك النبوءة التي لاتزال تأخذ بي بعيدا عن النجوم المهترئة

العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً