ليس صعبا على أي مراقب للمشهد السياسي في البلد أن يكتشف الدواعي الحقيقية لصرف "البونس" للمواطنين جميعا "القطاع العام فقط!" من دون أي من الشروط التي أعلنت من قبل ورفضها الشارع العام واحتج عليها، ما دعا رئيس الوزراء إلى وقفها، وطلب بحث آليات أخرى مناسبة، ما يطرح تساؤلا مثيرا هو: لماذا تنازلت الحكومة عن هذه الآليات في هذا الوقت؟ كما أنه ليس من الصعب الربط بين صرف "البونس" وتمرير قانون الجمعيات السياسية من دون أي عناء من قبل مجلسي النواب والشورى، على رغم رفض واحتجاج الشارع البحريني عليه.
المشهدان عندما يتقاربان من بعضهما يمكن بإيجاز كشف ما يمكن أن يكون أحيك من خلف الستار من "مقايضة" حكومية - برلمانية لتمرير المشروع من قبل البرلمان، وإقرار "البونس" من قبل الحكومة.
هذه المقايضة عملت بها الحكومة الكويتية مع مجلس النواب عندما ربطت زيادة أجور المواطنين الكويتيين بتمرير قانون حق المرأة الكويتية في الانتخابات البرلمانية، وكأن البحرين فهمت الدرس جيدا، فلا شيء من دون مقابل من الطرفين.
فزيارة كتلة النواب الإسلامية بعد يومين فقط من تمرير القانون من تحت قبة البرلمان لرئيس الوزراء، وخروجها بتصريح على لسان رئيسها النائب صلاح علي بأن الحكومة ستقر صرف البونس، وضعت النقاط على الحروف بشكل واضح.
ربما الشارع العام البحريني لا يعي مدى أهمية قانون الجمعيات السياسية وتأثيره السلبي على المدى المتوسط البعيد في قبال حصوله على 200 دينار هي هدية الحكومة له لشغله عما قد تثيره الجمعيات السياسية بتحركاتها ضد تمرير القانون.
قد تنجح الحكومة في تحييد بعض الناس عن مشاركة الجمعيات السياسية في مطالبها، إلا أن السواد الأعظم سيأخذ بقاعدة "خذ وطالب".
لا يمكن لوم مجلس الشورى في تمرير قانون الجمعيات لأنه ببساطة شديدة جزء من اللعبة السياسية التي فرضت لإعاقة أي مشروع مخالف لتوجهات الحكومة، وخصوصا بعد ما كشف احد الشوريين عن اتصال هاتفي حكومي لكل الأعضاء لتمرير المشروع وعدم عرقلته.
في النهاية، الحكومة نجحت في تمرير القانون بـ 200 دينار لكل موظف حكومي، فيما خسر النواب مكانتهم عندما خضعوا لـ"المقايضة" الحكومية بتمرير قانون، ما قد يعيد البلد إلى ما قبل الإصلاح السياسي أو أسوأ
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1054 - الإثنين 25 يوليو 2005م الموافق 18 جمادى الآخرة 1426هـ