عندما اختارت الأمم المتحدة مدينة "كيوتو" اليابانية في العام 1997 للاتفاق على ضرورة المحافظة على البيئة عبر تقليل انبعاث غازات البيت الزجاجي "مثل ثاني اكسيد الكربون الذي يمثل 80 في المئة من الغازات المضرة بالبيئة" فإنها تعلم بما لهذه المدينة الفائقة الجمال من أهمية تاريخية ومعاصرة يمكن أن تكون أنموذجا لمحافظة الإنسان على البيئة.

"كيوتو" كانت عاصمة اليابان ما بين 794و1868م قبل انتقال الحكومة إلى مدينة طوكيو واتخاذها مركزا لها. ومدينة كيوتو تواكب العصر في كل تطوراته، ولكنها أيضا تحافظ على تراثها من خلال المحافظة على نحو 1700 موقع أثري، خمسة منها مسجلة على قائمة التراث الإنساني لدى اليونسكو. فهي مدينة يسكن فيها أكثر من خمسة ملايين إنسان وتمزج القديم بالجديد من دون أن تدمر القديم أو تشوه الحديث. فالمدينة تحتوي على المزارع الذي يفتخر بمهنته وتحتوي على الصناعي الذي يفتخر أيضا بمهنته، وتحتوي على المبدع في كل جانب من جوانب الحياة، بحيث يتعايش الإنسان مع الطبيعة في توازن.

ليس مستغربا إذا أن يرتبط اسم هذه المدينة "كيوتو" باتفاق حماية البيئة الذي تتبناه الأمم المتحدة وتدعو من خلاله إلى تقليل غازات الاحتباس الحراري "غازات البيت الزجاجي" بحيث تقل هذه الغازات في العام 2010 بنسبة 6 في المئة عن المستوى الذي كانت عليه في العام ،1990 والجهود متواصلة لإقناع الولايات المتحدة الأميركية بالالتزام بمتطلبات هذا الاتفاق لأن أميركا تتسبب بنحو 20 في المئة من انبعاث الغازات على رغم أن شعبها يشكل نحو 5 في المئة من عدد سكان العالم.

اليابانيون، ومن أجل تحقيق غايات اتفاق كيوتو، فإنهم منهمكون في تطوير مختلف أنواع التكنولوجيا الحميمة للبيئة، من استخدام مواد خاصة لصناعة الجدران والنوافذ المنزلية، إلى اختراع سيارات تسير على البنزين والكهرباء، إلى صنع بطاريات تنتج الكهرباء من الهيدروجين، إلى الاستخدام المكثف لطاقة الشمس وطاقة الرياح وطاقة مياه المحيط... إلخ.

البحرين احتضنت جامعة الخليج العربي، وكان من بين برامج الجامعة مشروعات تتعلق بمكافحة التصحر واستخدام طاقة الشمس وطاقة الرياح. ولكن كان هذا الأمر في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين لم نر أي أثر لكل تلك الأهداف الجميلة. فالبحرين تختفي نخيلها وتتحول سواحلها إلى ممتلكات خاصة، وتضيق الأرض بمن فيها. أما طاقة الشمس المتوافرة لديها فإن استخداماتها معدومة، على رغم أن حرارة الشمس متوافرة لدينا في معظم أيام السنة.

ترى، لماذا لا يتم إحياء مشروعات جامعة الخليج العربي مرة أخرى؟ فاليوم هناك خبرات متطورة ومعمول بها في بلد متقدم مثل اليابان، ويمكن للمسئولين عن البحوث الاستفادة من إقبال اليابان على المنطقة لإعادة توجيه الإمكانات إلى حيث كان الحديث في مطلع الثمانينات من القرن الماضي