العدد 1053 - الأحد 24 يوليو 2005م الموافق 17 جمادى الآخرة 1426هـ

الجمعيات السياسية بين التسييس و"التتييس"!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

جاءت رغبة النواب بشأن قانون الجمعيات السياسية لتصب في الاتجاه ذاته، وهو الخوف من التسييس. على رغم ممارستهم للسياسة! كمواطن فإني لا أخشى على أولادي من التسييس إنما أخشى عليهم من "التتييس"! وعلى الرغم من خشية الحكومة "قصدي نواب البرلمان إذ لا فرق جوهري بين الاثنين" من التسييس فإن هذا الخوف في غير مكانه ألبتة، في عالم ما يجري في أقصاه يعلمه أدناه.

من جانب آخر، هل يخدم "التتييس" وهو المضاد للتسييس، هدف الدولة في نشر الثقافة السياسية والتربية المدنية في البلاد، ومستقبل أجيال المملكة الدستورية؟ هذه الأجيال، من المفترض أن يتم إعدادها من خلال البرلمان الشبابي وتدريس النظام السياسي والدستوري لمملكة البحرين بغرض حمايتهم من "التتييس" والتيبس الذهني والشلل الاجتماعي الذي يصيب مجتمعات التيوس البرية كما الحضرية.

لماذا الخوف من التسييس؟ لا تلجأ جماعات المصالح إلى التسييس "الذي هو ليس سبة أو رجسا يجب اجتنابه" إلا في حال اليأس من وجود حلول فنية-تقانية لقضاياها، أي بمعنى حلول قائمة على مراعاة مصالح هذه الجماعة أو تلك. وهذه حقيقة يشهد عليها التاريخ والواقع المعاش؛ فكلما تأزمت الأمور وضاقت سبل الحلول للمشكلات الاجتماعية "الفقر، البطالة، الإسكان، والتجنيس العشوائي ومضايقة الأجانب للسكان الآمنين" انتج ذلك طرقا سياسية، وطرق أبواب مختلفة للعمل على حلحلة هذه الإشكالات.

مع قانون الجمعيات السياسية، والذي تصل فيه العقوبات إلى حد السجن 21 عاما، في ظل هذا القانون هل هناك من يفكر في ممارسة العمل السياسي من خلال جمعية سياسية؟ أشك في ذلك! وهل يتوافق ذلك القانون مع تضحيات ونضالات شعب البحرين؟ هل يتوافق مع تطلعات جلالة الملك في تدريس النظام الدستوري والسياسي لطلبة الثانوية والجامعة؟ هل يتوافق مع التطور الجاري في العالم في الحقل السياسي؟ إطلاقا، لا يصلح ذلك القانون، ولو عدنا إلى العقد السبعيني من القرن الماضي لن يتناسب ذلك، كيف ونحن في الألفية الثالثة! والغريب في هذه الزوبعة تصريح وزيرة الشئون الاجتماعية "إن القانون من الممكن تطويره"... إذا كان بحاجة إلى تطوير كما ترى الوزيرة، فلماذا العجلة في طرحه؟ وإهدار وقت مجلس النواب والشورى والمجتمع المدني في مناقشة قانون بحاجة إلى تطوير أصلا!

إن من الأهمية بمكان تنظيم تحالف "جبهوي" ذي فاعلية دافعة لمعارضة مقترح قانون الجمعيات السياسية، وضرورة قيام جبهة تحالف من القوى المؤمنة بالحقوق والحريات، لا تعني الانصهار والذوبان في بوتقة جماعية واحدة، وبالتالي التخلي عن الركائز الحزبية في صالح "الجبهة" أو "التحالف" إذ إن العمل الجبهوي المتحالف في شأن من الشئون السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، يتطلب أولا: الحوار، وثانيا: الاتفاق على الهدف بصورة واضحة. وبما ان يتم الاتفاق حتى يتم الإعلان للقواعد المنتمية لمختلف التيارات المتحالفة والتي يضمها الإطار الجبهوي التنظيمي، لتكون هناك عملية توعوية متغلغلة في أوساط القواعد، ولكي تتناغم سلوكياتها ومرئيات القيادات السياسية.

إن "العمل التحالفي" المطلوب الآن أكبر من التحالف الرباعي أو السداسي، إذ المطروح في الساحة السياسية والحقوقية المدنية، وبالتالي تجنيد كل مؤسسات المجتمع المدني بأطيافه المختلفة الرافضة لهذا القانون من أجل التصدي له.

واقع السياسة: من المحتمل أن يستخدم هذا القانون في قبال أية قوى سياسية بغض النظر عن منطلقاتها العقائدية والفكرية، فاليوم ضد "الوفاق" وغدا ضد "الأصالة" وهكذا دواليك... ولك الله يا شعب البحرين

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1053 - الأحد 24 يوليو 2005م الموافق 17 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً