تحتضن اليابان منذ نهاية مارس/ آذار الماضي وحتى نهاية سبتمبر/ أيلول المقبل أهم معرض دولي يقام في مطلع القرن الحادي والعشرين في محافظة "أيتشي" "إكسبو 2005" ويحمل عنوان "حكمة الطبيعة" ويتمحور في عروضه المتطورة حول مفهوم تسعى اليابان لتأصيله وهو "ان حماية كوكبنا انما هي حماية للإنسان. .. وتدمير بيئة الكوكب الأرضي هي تدمير مؤكد للإنسانية".
محافظة "أيتشي" اليابانية تعتبر أكبر محافظة صناعية تنتج السيارات ومعدات الطيران والفضاء، ولكنها أيضا من أجمل المناطق البيئية... وهذه هي رسالة المعرض الذي يود منظموه أن يرسلوه إلى العالم، من أن التصنيع والتطوير التقني لا يعني تدمير البيئة، بل يتطلب بقاء هذا التطور الصناعي على وجود بيئة جميلة تعطي للإنسان حكمة وجوده واستمرار بقائه حيا على كوكب الأرض.
فمعرض "إكسبو 2005" يقام في منطقة تحتوي على غابة طبيعية وإلى جنبها كل ما يحلم الإنسان المعاصر بتطويره تقنيا. فالأشجار الكثيفة هي التي تنظف الهواء الذي يستنشقه الإنسان، وجذور الأشجار تختزن المياه بدلا من ضياعه في المنحدرات، واليابانيون يؤمنون بأن "الطبيعة" لديها لغة خاصة بها، وان الطبيعة تبعث برسائلها إلى الإنسان، ولكن الإنسان غير المتطور لا يفهما، ولذلك يسيء التعامل معها محاولا القضاء على البيئة، ولكنه لا يعلم انه انما يقضي على نفسه أساسا.
اليابانيون وهم يحافظون على بيئتهم، فإنهم أيضا أفضل البلدان التي تطور "الإنسان الآلي"، أو " الروبوت"... فالإنسان الآلي يصنعه الإنسان الطبيعي من دون ان يدمر الطبيعة، واليابانيون يعرضون لنا ابتكاراتهم في هذا المجال. فهناك الروبوت الذي يمشي على قدمين مثله مثل بني آدم، وآخر يمشي على عجلات، وآخر يمكنه حمل شخص والسير به، وآخر يعزف الموسيقى، وآخر ربما يفهم الأوامر ويستجيب لها مستقبلا مع اكتمال تطوير التكنولوجيا الذكية. أما شركة "ميتسوبيشي" فقد طورت إنسانا آليا يعمل كخادم في المنزل، ويمكن لمخدومه ان يتصل به لاسلكيا ويستطيع أن يدخل على الانترنت ليبحث عن شيء ما نيابة عن مخدومه.
ربما اننا نعيش في عالم آخر ليست للبحرين علاقة به... ولكن هذا غير صحيح. نعم انه ليست لنا علاقة بالمحافظة على البيئة، إذ نقوم بتدميرها من دون أن يرق قلب أولئك المنتفذين على النخلة أو على الساحل. اننا نعيش في عصر يجهل ما يحاول اليابانيون قوله أو ايصاله إلينا. فبلادنا ابتلبت بسياسات انتعشت خلال سنوات طويلة من سريان قانون أمن الدولة، وعندما بدأ الانفتاح السياسي في العام 2001 اكتشفنا ان بيئتنا قد دمرت، والمؤسف ان التدمير مستمر من خلال الاستحواذ على كل ما يتصل بطبيعة البحرين الجميلة ونقلها من الملك العام إلى الملك الخاص، ومن ثم تدميرها... المشكلة ان اليابانيين يقولون لنا إن تدمير البيئة هو تدمير الإنسان أيضا، وان من يحب البشرية ويحب وطنه فإن عليه ان يحب بيئته وان يتوقف عن جشعه ويشترك مع إخوانه في فهم "حكمة الطبيعة"
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1053 - الأحد 24 يوليو 2005م الموافق 17 جمادى الآخرة 1426هـ