في الوقت الذي تبدو فيه الساحة محتقنة بسبب اعتصامات العاطلين المتعاقبة، وما اعتبر انه استخدام مفرط للقوة من قبل قوات الأمن، وفي الوقت الذي ينتقد فيه مجلس النواب بشدة لتمريره الموازنة من دون كفل الحق في الضمان الاجتماعي ضد التعطل، وفي الوقت الذي تثور فيه ضجة النواب بشأن قانون التجمعات، يقر مجلس الشورى قانون الجمعيات السياسية بكل برود! على رغم توجس الجمعيات وتحذيرها للشورى بعدم تمريره! قانون الجمعيات السياسية، الذي عده حقوقيون بأنه يقيد ابسط الحقوق، أولها حصر أعضائها بعمر معين، مع العلم أن لكل جمعية سياسية لجنة شبابية تمارس انشطتها وتقيم فعالياتها، فلصالح من لا يمتلك الشباب عضوية في جمعية سياسية! وهم لبنة المستقبل كما يقال!؟ وثانيها بتقييد حرية التعبير، فالدول المتقدمة تسمح لكل الآراء بالتنفس والانطلاق، بينما هذا القانون يقيد اصدار الصحف الحزبية، ربما خوفا من انطلاق آراء مكبوتة لا يراد لها أن تنطلق ولا يراد لها أن ترى النور! وثالثها حظر التمويل الأجنبي للجمعيات السياسية لأجل التدريب، على الرغم من أن القانون المقر لم يضع معايير واضحة وعادلة لتمويل الدولة للجمعيات، كما تفعل الدول الديمقراطية، أي ينطبق عليها المثل الشعبي "لا يرحمون ولا يخلون رحمة الله تنزل"، وكل ذلك لعقدة دفينة من الخارج! ورابعها حظر تدخل الجمعية في شئون خارجية، أي لو اعتقلت السعودية أو الولايات المتحدة مثلا أي مواطن بحريني فليس من شأن الجمعية انتقاد هذه الدولة أو تلك! يذكرني هذا القانون الذي أقره مجلس النواب "ممثل الشعب"، ومن ثم اقره مجلس الشورى "ممثل الحكومة"، بقانون العقوبات الصادر العام ،1976 بعد حل المجلس الوطني في العام ،1975 ذلك القانون الذي تفوح منه رائحة قانون أمن الدولة الكريهة.
وخامسها إعطاء وزير العدل صلاحية الموافقة على تأسيس الجمعية ، وحلها!
وسادسها تلويح القانون بالحبس والغرامة كل من لا يمتثل لهذا القانون المثير للجدل!
وسابعها وتاسعها وعاشرها، مواد تنتهك حق تشكيل الأحزاب التي أكد عليها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي أعلن مجلس الوزراء الموافقة عليه ليبتعث به إلى البرلمان، ويتناقض مع تشديد الحكومة على التطوير وتشكيل الاحزاب، أم ان كل ذلك مجرد تصريحات في الهواء!؟
من حق الجمعيات السياسية أن تقفل أبوابها وان تبكي على هذا القانون، لأنها باتت بعد هذا اليوم جمعيات سياسية غير سياسية، وجمعيات غير سياسية بلا حقيبة أيضا
العدد 1051 - الجمعة 22 يوليو 2005م الموافق 15 جمادى الآخرة 1426هـ