حديث الرئيس التركي عبدالله غول الأربعاء الماضي أمام المجلس الوطني بغرفتيه الشورى والنواب يعتبر أول حديث لرئيس دولة أمام المجلسين، وكان حديثا راقيا استعرض فيه تطلعات تركيا لتمثيل وجهة النظر الإسلامية داخل أوروبا، وإلى توسيع علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أهم بلدان العالم، وأن قراراتها الأميركية تؤثر علينا جميعا، مشيرا إلى زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تركيا مطلع الشهر الجاري وكيف أنه يؤمن بالتحرك الدبلوماسي المعتمد على إشراك الآخرين والاستماع إلى مختلف الآراء.
غول تحدث عن أمور عدة، وفي سياق ذلك أشار إلى أن ما يجري في بلداننا الشرق أوسطية يجب أن ينظر إليه بشكل مختلف يعتمد على احترام السيادة والاستقلال وتعزيز الأمن، كما أشار إلى أن الوحدة ضرورية سواء كانت للفلسطينيين أو العراقيين أوغيرهم، وأن هذه الوحدة تتحقق على أساس الحوار، معتبرا أن اختلاف الآراء داخل البرلمان (وبين الجماعات السياسية) مصدر للثراء عندنا وكذلك تدار هذه الخلافات على أسس معتبرة. إنه لشرف كبير أن يخص الرئيس التركي البحرين بزيارة تاريخية في وقت تطرح تركيا نفسها جسرا للحوار بين الحضارات، وجسرا بين الشرق والغرب، وجسرا بين المسلمين فيما بينهم... ولأن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن علينا أن ننجح الحوارات بجميع أشكالها، وعلى مختلف المستويات الأهلية والرسمية وفي داخل البلد الواحد، وفيما بين البلدان.
زيارة الرئيس التركي كانت فرصة لتعزيز الجوانب الاقتصادية بين البلدين أيضا، إذ أعلن أثناء الزيارة عن إكمال الاتفاق المبرم بين تحالف «فيجن - 3» الذي يمثل ثلاث مؤسسات مالية كبرى (بيت التمويل الخليجي، وبنك إثمار، وبيت أبوظبي للاستثمار)، وهيئة زراعية حكومية تركية تحمل اسم «تيجم» وذلك بهدف البدء بنشاطات استثمارية في المجال الزراعي وهو نوع جديد يختلف عن الاستثمارات العقارية التي ركزت عليها مصارف المنطقة في الفترة الماضية.
تركيا تطورت اقتصاديا خلال السنوات الماضية، وبنيتها التحتية في عدد من مدنها الرئيسية أصبحت بمستوى الدول الأوروبية، واقتصادها غير النفطي يفوق حجمه اقتصاديات الدول العربية جميعها (عندما ننظر إلى القطاعات غير النفطية)... وتركيا بتوجهها الحثيث نحو عضوية الاتحاد الأوروبي حسنت بيئتها السياسية في مجال الديمقراطية بحقوق الإنسان، وازدادت مستويات الشفافية فيها مع سيادة حكم القانون على الجميع من دون استثناءات. كما أن تركيا تحت زعامة حزب العدالة والتنمية - ذي الخلفية الإسلامية - استطاعت أن تقترب من العرب والمسلمين أكثر من أية فترة سابقة وذلك منذ إلغاء الخلافة العثمانية في العام 1924، إلى الدرجة التي يطلق البعض على قيادات العدالة والتنمية مسمى «العثمانيون الجدد» لما يتصفون به من سمات تتخطى الحدود القومية للدولة التركية.
إن أملنا أيضا أن تستفيد الجماعات السياسية الإسلامية الناشطة على الساحة البحرينية من تجربة حزب العدالة والتنمية، ولاسيما في طريقة التعامل مع واقع قد يتناقض مع وجهات النظر الإسلامية المتعارف عليها.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 2416 - الجمعة 17 أبريل 2009م الموافق 21 ربيع الثاني 1430هـ