في فترة قصيرة فجأة ظهرت في البحرين بوادر الحنين إلى حقبة قانون أمن الدولة السيئ الصيت اضافة الى الاصوات التي بدأ يعلو صوتها الوطني بنبرات غير مصطنعة لا تنتمي واقعا إلى الساحة الوطنية او إلى تاريخها النضالي الطويل سوى انها تنتظر ما قد تجنيه أكثر مما يجنيه الوطن.
فالبحرينيون اليوم يختلفون عن بحرينيين الامس وما كان يحدث في الماضي لا يحدث في الحاضر وان حدثت بعض الطفرات التي لا ندري نتائجها ستأخذ الامور في اي طريق تنهي فيه طموح المواطن العادي التواق للعدالة وللاصلاح والتعويض لكرامته وحقوقه الانسانية التي هدرتها حقبة ارجعت البلاد سنوات الى الوراء مقارنة بجيرانها والامثلة كثيرة...
المراقبون يثمنون تجربة البحرين خلال السنوات الاربع لكن واقعا آخر فرض على الجميع... وهو ان اصلاحنا توقف عند حد لا يمكنه تجاوزه لان ذلك معناه الدخول في تحديات جديدة والحكومة في غنى عنها لكن المعارضة والمجتمع المدني وحتى الصحافة مستمرة في استعراضها لان الاصلاح الحقيقي هي عجلة مستمرة كاملة.
نعلم ان التجربة مازالت حديثة العهد عند اهل البحرين وايضا ان الديمقراطية مشوار طويل على رغم ان الاجندة الدولية الحالية تدفع بها على الدوام لان تكون الضمان الحقيقي لعقد اية اتفاقية اقتصادية تدعمها مع اية دولة.
لن نلقي اللوم على هذا الطرف او ذاك ولن نقول ان الحكومة افضل من المعارضة والمعارضة افضل من الحكومة... لكن ما يلاحظ في الساحة هو تخبط واضح في التطبيق بل وتزمت في التصرف والتعامل مع الاشياء بصورة اقرب الى التطرف من قبل الطرفين.
لا نريد انتكاسة في مشروع احبه ودعمه كل البحرينيين... فأين هي قنوات الحوار وسماع وجهات النظر من قبل كل اطياف المجتمع البحريني كما كان في بدايات الانفتاح... فالمناخ الحقيقي للديمقراطية هو مع وجود وجهات نظر مختلفة... لماذا تم
إغلاق جمعية العمل الإسلامي إداريا لمدة 45 يوما استنادا إلى قانون الجمعيات والأندية للعام 1989 الذي يعلم البحرينيون انه احد الآثار الباقية لمرحلة قانون أمن الدولة المكبل للحريات العامة؟
ولماذا تعرضت مسيرة العاطلين للاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن قبل اسبوع وتفريقها بصورة مخالفة لحق التجمع والتظاهر المعترف بها دوليا بموجب مواثيق حقوق الإنسان وما تلا ذلك من تمرير المجلس الوطني بكلتا غرفتيه لقانون الجمعيات السياسية مع ما يتضمنه هذا القانون من أحكام تمس حرية العمل السياسي في الصميم؟
أليس تصرف الحكومة في ذلك تجاهل واضح للشرعية الدولية لحقوق الإنسان التي تعترف بحق الأفراد والمؤسسات المدنية في ممارسة العمل السياسي بحرية، ودونما قيود طبقا لما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أعلنت الحكومة أخيرا عزمها في الانضمام إليه!
اما قانون الجمعيات الجديد فهو مخالفة صريحة لمعظم أحكام وبنود هذا العهد الدولي بما يفرضه من قيود على الجمعيات السياسية بهدف تفريغ مضمونها الحقيقي كمؤسسات ناشطة سياسيا تعنى بالشأن العام اذ انه يهدد بتحويلها إلى واجهات شكلية محدودة الحركة لا تخدم الشأن العام... وبالتالي فان هذا التحول ليس بالامر السهل على الجميع لكن تحول كبير قد ينقلنا الى مرحلة بعيدة عن المفهوم الحقيقي للعمل الديمقراطي فلا نريد ان يكون مشروعنا الاصلاحي مجرد شعارات والجمعيات واجهات نتباهى بها في الخارج فهذه ليست ديمقراطية وما نريده مواجهة حضارية تتم بين الطرفين لان العودة إلى الماضي لن يقدمنا بل سيزيدنا تأخرا
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1051 - الجمعة 22 يوليو 2005م الموافق 15 جمادى الآخرة 1426هـ