"ونحن الذين نفرق. فعلينا أن نجتمع لنجمع... أو يجتمع الباحثون عن الاجتماع في فضاء آخر أكثر احتفاء بالحرية... وبعيدا عنا... ولا كارثة... لأن الإنسان معني دائما بالبحث عن شروطه... والآخر شرط الذات. ومن أراد أن يحقق ذاته فلابد أن يبحث عن الآخر في ذاته، وعن ذاته في الآخر، تعزيزا للذات والآخر في الذات والآخر".
هاني فحص ""النهار" اللبنانية 14 يوليو/ تموز 2002"
أتابع شخص ونتاج فكر المفكر الإسلامي السيدهاني فحص بعمامته السوداء وذقنه الأبيض ووجهه الباسم الممتلئ منذ زمن بعيد. لا أعرفه شخصيا، ولا يعرفني على الإطلاق، فقد قرأت له وأعجبت بما يكتب ويخط قلمه وأعجبت بما يقول، وشاهدته في حوارات تلفزيونية كان النجم فيها مع الاعتراف بنجومية مقدمة البرنامج شكلا وثقافة. أعجبني خطابه الديني السياسي الثقافي. أعجبني طرحه السلس للموضوعات والسهولة التي يمكن بها فهمها، وأهم ما أعجبني تواضعه ومخاطبته الجنسين من دون تفريق أو تفريط؛ رجل يقول عن أصدقائه "أجمل ما فيهم أنهم لا تجمعهم طائفة ولا طبقة ولا قومية ولا كيان ولا مزاج ولا حساسية"، وإنه هو "ابن الكتلة التاريخية بمعناها الحضاري التعددي..."، وهذا هو مجده وفخره "ومنبع الحيوية في قوله وفعله"، فهو "ابن الجميع"، ليس ابنا لأي أحد... و"من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
ندوب الذاكرة
أول ما قرأت له مقال في "الحياة" اللندنية، ثم حملتني ساقاي بناء على عطش فكري أثاره ذلك المقال لما يطرحه من فكر إلى المكتبات بحثا عن كتابات أو كتب أخرى، فوجدت ضالتي في كتاب يتيم له، هو أول ما قرأت من كتبه، كتاب وحيد رأيته في مكتبة من مكتبات البحرين بعنوان: "كنايات" وهو الكتاب الثاني من سلسلة "نحو أدب إسلامي حقيقي"، إذ ضم بين دفتيه كثيرا من الموضوعات، وفيه عرفت ان السيد يخاف زوجته كثيرا، وقد برهن على ذلك حين طلب من المصور في الندوة الأخيرة هذه ألا ترى زوجته تسجيل الندوة! ثم إني تابعت الرجل كلما حل في البحرين بين أهله وأحبائه، كما قال وشدد على القول مرارا وتكرارا، فأول مرة التقيته شخصيا كان في "بيت القرآن" مع حشد كبير من الناس دوى تصفيقهم حتى ملأ القاعة، إذ سألته سؤالا جانبيا "بيني وبينه" بعد انتهاء المحاضرة وكان سعادة سفير لبنان حاضرا حين طرح السؤال عن قصته مع الأقلام، فأجاب مشكورا وضحكنا ولم يزد أو نزيد. ثم التقيته في "مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث" في مدينة المحرق، إذ احتشد جمع غفير من المهتمين، إذ دوى تصفيقهم حتى ملأ القاعة، وازدادت معرفتي به وبظرفه ولطفه، لولا بعض المداخلات التي خرجت عن طابع الثقافة ونحت إلى عالم السياسة، وما أقساه من عالم يفسد الود كثيرا، مع علمنا وقبولنا بالقول المأثور: "الاختلاف لا يفسد للود قضية". ثم التقيته في مجلس الشيخ عبدالأمير الجمري "الذي نتمنى له الشفاء العاجل"، إذ احتشد جمع غفير أيضا إذ كثر الدعاء والصلاة على محمد وآل محمد من دون أدنى تصفيق من أكف. في هذا المجلس وبعد محاضرة شيقة عن لبنان، وما أدراك ما لبنان... طرحت عليه سؤالا واحدا لا غير.
ولكن قبل أن ألج إلى تبيان ما جاء في السؤال الذي طرحت دعوني أضع بعض المقتطفات التي تشي بشيء بسيط عن فكر الرجل المثقل بهم الأمة العربية خصوصا والإسلامية عموما، والباحث عن نقطة التقاء تجمع الفرقاء والأصدقاء حولها.
الشيعة مجروحون فكريا: "المظلومية التاريخية" وتوابعها، وهم "أقلية" عاشوا في "أجواء الإرهاب التي يتعرضون لها من قبل حكومات عصرهم" لأسباب كثيرة منها ابتعادهم عن السلطة قديما وحديثا، والمؤامرات الاستعمارية وإيمانهم المطلق بـ "نظرية الإمامة الإلهية"، واشتراط العصمة في الإمام؛ جرحهم الفكري يكمن في الإساءة إليهم من قبل أناس يدعون الإسلام، وهم أبعد ما يكونون عن أهدافه الكبرى منذ أمد بعيد، قد يرجعه البعض إلى زمن نقطة انطلاقتها في سقيفة بني ساعدة. بعضهم الآخر قد يرجعه إلى "دهاة العرب" بدءا من معاوية بن أبي سفيان، وانتهاء إلى الفتنة الكبرى واغتيال الإمام علي بن أبي طالب. وآخرون يعودون به إلى ثورة الحسين وأصحابه ضد طغاة العصر ومستبديه.
الشيعة مهمشون إداريا أيضا، وهذا التهميش يرجعه البعض إلى تلك الحقبة الأولى من الصراع على تداول السلطة والخلافة. في تلك الفترة كان الشيعة والسنة "إذا كان ثمة شيعة وسنة افتراضا" على حد السواء يعرف كل منهم ماذا يريد من الدولة الإسلامية، وقد أعلن الأطراف جميعا الانصار والمهاجرون وقريش هدفهم أو أهدافهم السياسية وتحاوروا في شأنها تارة وتحاربوا في شأنها تارات، وراح ضحيتها جمع كثير من البشر. يومها لم تكن أميركا موجودة، ولم يكن هناك ثمة "سايكس" أو "بيكو"، اللهم إلا قريش والمهاجرون والأنصار. إنها ذاكرة مليئة بالندب والجروج. يرى السيدهاني فحص انه "لا سبيل للنجاة من تداعيات الذاكرة المجرحة إلا بقطعها من دون عنف"، لأنه يؤمن وبشكل قاطع أن "العنف يعيد تأسيسها وتأجيجها". ويرى أيضا محدودية هذا المعتقد: "القطع" من دون عنف الذي قد يكون مستحيلا تجسده على أرض الواقع، حين يشير إلى أنه "قد لا يكون بإمكان أحد أن يقطع أي ذاكرة من دون عنف"، لكنه يرى أن العمل الدؤوب والمتواصل "على تنقية ذاكرتنا أو ذاكراتنا..." ربما ينقذنا مما نحن فيه من أزمة متعددة الوجوه أبرزها الأزمة الطائفية.
الحديث عن لبنان
*
في محاضرة مجلس الشيخ الجمري، ومع المداخلات الكثيرة التي تمنيت أن تكون مداخلات من بعض تلك الثلة المتنورة من رجال الدين من جناحي الإسلام لتزيد من وهج المحاضرة وتغنيها، غير انه وللأسف لم يكن موجودا منهم أحد، حتى عريف الندوة المعمم بخل علينا بمداخلة نقول إنها قد تنير عقولنا. الحديث عن لبنان وهموم لبنان ليس بالشيء السهل الذي يأتيك كل يوم على طبق من ذهب. الحديث عن لبنان شائك جدا وليس جميلا كما هو لبنان الجميل الآخذ بشغاف القلب لكل حركة تدب فيه. لبنان الطوائف، لبنان العصابات التي تغلغلت في ثنايا جسده كما تتغلغل السرطانات من بقايا كل نوع وشكل، لبنان ساحة المعارك العربية والمؤامرات العالمية، لبنان القناصة وزارعي الألغام، لبنان الورد والزهور والأبطال، لبنان الفكر والجامعات والعنفوان، لبنان المهاجر في كل بقاع الدنيا، لبنان المسيحي والمسلم والملحد والقومي وغيرها من طوائف وأعراق. محاضرة السيدهاني فحص عن لبنان كانت ثرية وإن لم ينصفها الوقت المخصص لها، فقد جال بنا الرجل فيها بدءا من قبل أن ينشأ لبنان كما هو معروف لدينا اليوم، والكيفية التي تشكل عليها، إلى اتفاق الطائف واغتيال الشهيد رفيق الحريري وعودة الجنرال عون والاتفاق على إطلاق سراح سمير جعجع، الذي يؤيده كل التأييد وقد صدق رئيس الجمهورية اللبنانية على مذكرة إطلاق سراحه يوم أمس الأول، ونزع سلاح أبطال الجنوب "حزب الله"، حتى المؤثرات التي تضغط على لبنان من كل جانب وحدب، "زرقاوي العراق" والقاعدة وسورية التي "لا يحبها"، وما يختزنه لها القدر في المستقبل القريب. وتحدث عن المغيب السيدموسى الصدر ودوره الكبير في إشراك الشيعة في لبنان في نظام الحكم وتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. كما تحدث عن الدولة العثمانية بشكل موجز ودورها في لبنان قبل الانتداب الفرنسي، أي بعد خريطة "سايكس بيكو" سيئة الذكر. وطرح الموجودون مداخلات وأسئلة كثيرة حجمها ولجمها عريف الحفل وبترها بترا يستشفه الجالسون، بعضها خاص جدا وبعضها عام وكلها تصب في الأمر اللبناني عموما والأمر الشيعي اللبناني خصوصا، سامحه الله.
ماذا يريد الشيعة؟
في ختام الندوة التي لم أشأ أن أسجل فيها أي مداخلة رأيت أن السؤال المهم الذي كان من الواجب طرحه من أحد الحاضرين على رجل يمتلك كل هذه الخبرة مع مختلف الطوائف اللبنانية، ومع دقات طبول الحرب وأصوات المدافع والتفجيرات التي لا ترحم أحدا، والتي تأتي بها جحافل "إسرائيل" وجحافل أخرى، سؤال قد يكون الجواب عليه يتطلب وقتا طويلا، وهو: "ماذا يريد الشيعة؟"، وما المشروع الشيعي، إن وجد هناك مشروع من هذا النوع؟ إذا عرفنا أن الشيعة فيما سبق اقترحوا حتى الآن ما لا يقل عن تسع نظريات مختلفة في باب الحكم.
وقبل أن يجيب السيد رأى أحد الحاضرين الأفاضل أن يجيب نيابة عنه بقوله: "إن الشيعة مهمشون وما يريدونه هو عدم تهميشهم أكثر من ذلك". وتدخل عريف المحاضرة وما حق له أن يتدخل قائلا: "نحن لا نريد مداخلات جانبية". ثم أجاب السيد قائلا: "إن الشيعة يريدون وطنا للجميع في لبنان وفي غير لبنان". هكذا من دون أن يزيد هنا تحديدا، غير إننا لو رجعنا إلى كتاباته فضاءاتها المتعددة فإننا واجدون إجابة أكثر عمقا إذ إن هذا "الوطن للجميع" الذي يدعو إليه السيدفحص لا يأتي طواعية باعترافه هو شخصيا، فلابد، كما يقول، من "عدل" متوافر للجميع في هذا الوطن، ويضيف قائلا: "وإذا انتبهنا إلى أن العدل يشكل أهم مقتضيات ومتممات التوحيد في عمارتنا العقدية الإسلامية فلابد أن ننتبه إلى أن المحبة هي قوام العدل". إذا ليصبح العدل فاعلا لابد من محبة وإن هذه المحبة التي توجب انتباهنا "بما هي باعث على العدل، هي المفردة المتجولة، العابرة للحدود، بين النصوص التأسيسية لكل الديانات والمقيمة في خطابها اليومي، إذ لا تترك لأحد فرصة في تضييق معنى المحبة وجعلها مفهوما منحصرا فيها". إن الخلل الأكبر يكمن "في التعرف إلى الأمداء القصوى للعدل والمحبة هو الكامن الأبرز وراء الحروب الدينية والمذهبية في التاريخ". ""النهار" اللبنانية 14 يوليو 2002".
السنة والسلطة
كما اننا نجد اعترافا قاطعا بقوة بتفشي "الطائفية" ليس في لبنان وحده، بل في مناطق أخرى كثيرة، إذ يذكر: "وما من زمن أصبحت فيه الطائفية ايديولوجيا عامة كزماننا هذا". وعلى أساس هذا التجسد للطائفية "حولنا مشروع اللامركزية الإدارية، الذي يتيح إنماء متوازنا وشاملا، إلى مناخ لفصال جهوي طائفي مركب، من شأنه أن يحول المحافظات والأقضية والمدن والقرى والأحياء والحارات والزواريب إلى أوطان ناجزة وبديلة للوطن. كما صار المذهب، أو المذهب في المذهب، أو الطائفة، بديلا من الدين والوطن، وحتى من الطائفة نفسها، بما هي متحد اجتماعي، أي من الطائفة الكيان البديل الموازي للكيان" ""السفير" 9 أغسطس/آب 2002" وقد تفكر السيد في هذا الوضع الخارج عن جوهر المنطق ورشاد العقل وتساءل: "كيف نجعل مستقبلنا أقل إشكالية من حاضرنا وماضينا؟" وأجاب: "إن العيش المشترك هو الحل الأمثل، ولذلك يطلب إعادة تأسيس في الاجتماع، للوطن والدولة، مع الاحتياط الشديد في منع كل من الاجتماع والدولة من أن يستقوي على الآخر، ليسقطه ويسقط معه كل رؤوسنا جميعا، وعلى قلب الله وقلوب أدياننا، التي هي أشد إغراء باستيلاد الشرعية المزورة للحروب البذيئة، أي تعطيل القيم والتعاليم الدينية بالدين!" ""النهار"، 14 يوليو 2002".
ثم إني أضفت قائلا: "إن السنة عربا كانوا أو غير ذلك، لهم مشروع معلن منذ أمد بعيد، وهو ليس وليد العصر الذي نعيش، وهذه الجماعة من المسلمين لا تخشى من إعلانه في محيط "بحرهم السني" أو بحور أخرى، ويتمثل في إعلانهم عن رغبتهم في "السلطة"، وهم في كثير من خطاباتهم يعلنون أنهم لا يريدون أن يشاركهم في السلطة أحد كائنا من كان، تماما كما هي الأحزاب السياسية التي حكمت العالم العربي؛ كما في الجزائر والسعودية وأفغانستان وباكستان ومصر وغيرها، تتبنى أفكار وأهداف اقصائية للآخر. وهذا الفكر "السني" المعلن ليس عربيا فحسب بل هو الفكر نفسه تجده عند جماعات سنية متطرفة في مختلف دول العالم. فإذا كان عند الشيعة مشروع وطني أو إسلامي غير المشروع الذي طبل له وزمر: "الهلال الشيعي" فلم لا يعلنونه على الملأ حتى يتسنى للمجتمع فحصه ونقده وحتى رفضه إذا لم تتوافر فيه شروط "العدالة" و"المحبة"؟ هل إنهم مازالوا لا يؤمنون بالدخول إلى عالم السياسة وخوض غمارها وتركها لأصحابها، أو كما جاء في أدبيات المذهب "نحن لسنا طلاب سلطة"؟
إن إعلان الأهداف أيا كان نوعها هي الأساس المتين الذي ترفع عليه الصروح، ففي التربية وفي الفصل الدراسي تحديدا إذا ما أريد للمادة أن تعطي مفعولها التربوي فعلى المدرس أن يعلن هدف الدرس أولا، ثم يبدأ درسه حتى تتحقق النتيجة المرجوة، وإذا لم يتحقق الهدف أو الأهداف فإن هناك مشكلة إما في المادة المشروع أو في القائمين على تنفيذها.
مشروعنا ضد الجهل والاستحمار
السيدهاني فحص يرى أن ليس للشيعة في لبنان مشروع خاص، ولو كان لهم غير المشروع الوطني لكان لهم لبنان بكامله يوم انتصرت المقاومة انتصارها المهيب، وهو انتصار ليس لحزب الله وحده، بل هو انتصار للبنان وللأمة العربية والعالم الإسلامي بأجمعه. هكذا يرى فحص مشروع الشيعة في لبنان، وهكذا تراه المقاومة اللبنانية، بما فيهم رئيس الوزراء الشهيد رفيق الحريري، وهكذا تراه الطوائف المسيحية والدرزية وغيرها. والسؤال: إذا كانت كل تلك القيادات والرجال الأفاضل من مفكرين أحرار محبين للوطن وأهله ترى "إن الوطن للجميع"، لم لا ترى الجموع الرؤية نفسها؟ لابد أن في الأمر سرا.
إني أعلم ان خطاب الشيعة المتنورين المعلن ضمن منتدياتهم يتمثل في "النضال ضد الخرافات والجمود والاستحمار والرجعية والتعصب الأعمى، والمصلحية الطبقية والصنفية، والنفي الحاسم لكل ما يطرح ويمارس باسم الإسلام والتشيع من: توجيه النظم الطبقية والاستبدادية، وتخدير الجماهير، ومسخ العقل وحرية الفكر وواقعيته، وقصر اسم "الله" على استخدامه اداة للحلف والقسم، واتخاذ القرآن وسيلة للاستخارة، والائمة واسطة في التوسل، و"الشهادة" سببا للبكاء، و"الإمام المنتظر" أداة لتوجيه الحاكمية القهرية للظلم والمحكومية الجبرية للعدل، والابطال التام لكل نهضة وقيام والغاء مسئولية كل حركة واقدام".
وأعلم ان ليس لهم خطاب سياسي موحد، إذ يدل على ذلك ما يجري في العراق، هنا ما كتب عقيل عبدالحسين الكلكاوي إلى السيدهاني فحص في رسالة يقول في مقدمتها: "راجعت مع نفسي قراءة الواقع السياسي والاجتماعي والديني في العراق فوجدت اننا، كطائفة شيعية عراقية، على حافة الهاوية، مختلفون ومتناقضون في الفكر والرأي، وشغلنا أنفسنا في الفروع ونسينا الأصل الذي انبثق منه هذا الفكر الشيعي العظيم".
عالم اليوم يوفر لمن يود أن يخوض في عالم السياسة شيئا من الحماية، فلم يعد العالم يسمح بمعاقبة أو النيل ممن يعبر عن آرائه بحرية ويعلن صراحة برنامج عمل سياسي أيا كان نوعه، حتى لو أراد إنشاء حزب سياسي، فليس مقبولا البتة اليوم عالميا أن تستجدي القوى السياسية أيا كان في سبيل الإعلان الصريح عن أهدافها ومشروعاتها التي تضمن ان الوطن للجميع بقوة القانون والذي كما قال عنه سيغموند فرويد "القانون هو، في الأصل، عنف وحشي وأنه، حتى في عصرنا الحاضر، لا يمكن تطبيقه من دون عنف".
هنا أخيرا اترككم مع فقرة لـ "آنا لمكوف": "نحن جميعا، من حيث ندري ومن حيث لا ندري، راكبون في رحلة وعي مشتركة، غايتها هو استيقاظنا التام على كل أحد وكل شيء، فيما يتعدى جميع الفوارق، وعلى وحدتنا معه. وبما أنها رحلة مشتركة، فما من أحد منا يمكن له أن يكون حرا حقا إلى أن نكون جميعا أحرارا".
كما أترككم مع سؤال جميل طرحه أحد أهم رموز دعاة الحرية والمساواة والعدل في الولايات المتحدة الأميركية إبان عصر العبودية والأفكار غير الإنسانية، مارتن لوثر كينغ الابن، يقول فيه: "هل سنتمكن من تحويل شحناء فتن أمتنا إلى سمفونية إخاء جميلة"؟ أتمنى ذلك قبل فوات الأوان
العدد 1050 - الخميس 21 يوليو 2005م الموافق 14 جمادى الآخرة 1426هـ