بالأمس شهدت بوليفيا تلك الدولة الواقعة على ضفاف أميركا اللاتينية والتي يقطنها غالبية هنود حمر حركة احتجاجية وعصيان مدني شملت مختلف القطاعات العمالية وفي شتى أرجاء البلاد منددة بقرار عدم تأميم مصادر الطاقة، الأمر الذي وضع الرئيس آنذاك كارلوس ميسا في موقف حرج أمام الضغوط الشعبية التي أجبرته على الاستقالة وإسناد سدة الرئاسة إلى خلفه رئيس المحكمة العليا إدوارد رودريغو. بعض مقتطفات تلك الحادثة تكررت وعادت مجددا لكن في إطار عربي بحت، وليس غربيا فعلى أرضية خصبة يقطنها سكان البادية الذين إذا تملكتهم الحمية والغيرة في نفوسهم، لا مفر منها سوى المبارزة في أرض ميدان المعركة وهذا ما قام به عدد من اليمنيين الأربعاء الماضي حينما خرجوا في تظاهرات احتجاجية حاشدة ضد رفع أسعار الوقود. وسرعان ما انتقلت الاحتجاجات إلى أعمال شغب أسفرت عن سقوط عدد من القتلى وإصابة العشرات إثر الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
التظاهرات التي انطلقت في اليمن جاءت بعد فترة وجيزة من إعلان الرئيس اليمنى علي عبدالله صالح أمام الملأ عدم ترشحه مرة أخرى في ولاية رئاسية جديدة العام المقبل، ما أثار مطامع أحزاب مصرية معارضة التي وجدت عدول صالح عن الترشح مجددا فرصة وبادرة أمل لعلها تروق لرئيسهم حسني مبارك، ما دعا خصوصا بحزب الغد المصري المعارض لعقد العزيمة وتنظيم مظاهرة بالورود أمام مبنى السفارة اليمنية في القاهرة الاثنين المقبل تأييدا لقرار صالح على عدم ترشيح نفسه لفترة رئاسة جديدة. ويعد رئيس الحزب أيمن نور أبرز منافس لمبارك على المنصب من بين مرشحي أحزاب المعارضة المحتملين.
ما بين بوليفيا واليمن ومصر فوارق متعددة الأصناف والأجناس، ولكن يربط بين صنوف تلك البلدان قوة واحدة هي الشعب وإرادته حينما يريد بلوغ ما يصبو له لا يجد أمامه ما يعوقه لأنه اللاتيني يدرك انه حينما يطالب... حتى لو قمع فبادرة الأمل التي يتوق الوصول إليها متأصلة في عروقه لأنه استطاع سابقا على خطى أسلافه أن ينال مراده حتى وإن كانت ممزوجة بالدماء... لأن بالنضال نحقق المنال... لكننا نحن في ديارنا ما نتوق إليه يبقى حلما نطمع ونصبو إليه حتى آخر رمق... ويظل هاجسا نتوق دوما إليه ولا نراه في الواقع نتحسسه أمام أعيننا
العدد 1050 - الخميس 21 يوليو 2005م الموافق 14 جمادى الآخرة 1426هـ