كل من قرأ عن البحرين في طول تاريخها السياسي الحديث، يدرك أن شرارة العاطلين هنا كانت هي عود كبريت في الازمات المتعاقبة. ومايزيد الطين بلة ان الاختلاف في ادارة هذا الملف الساخن بدأت تجنح حتى في صفوف المعارضة نفسها، والشاهد الملموس لذلك ليس بعيدا عنا، فما حصل في المنامة قبل أيام لم يكن أمرا سارا، اذ كانت نداءات رئيس "الوفاق" الذي له رصيد كبير في الوسط الشبابي تتعالى بين العاطلين مطالبة اياهم بحضارية الطرح وعقلنة الخطاب في غمرة انقسام واضح دب في صفوف العاطلين الذين تجمع الآلاف منهم في احد مساجد العاصمة المنامة.

ما حصل في المنامة بقدر ما كان عملا سلبيا، الا أنه كان ضروريا من ناحية أخرى، اذ أعطى مؤشرا خطيرا للرموز السياسية والدينية تحديدا بأن علاقاتها مع الشارع المشحون يجب أن يعاد النظر في طريق اداراتها ، فكثير من الشباب لم يعد يصغي الى الخطابات الجميلة ولا حتى إلى التنظيرات الواقعية . فرموز الشارع المعارض الذي يبدو أن أكثر من قيادة تحاول السيطرة عليه بحاجة الى حركة تأصيل في التعامل مع الحراك الاجتماعي المتوتر الذي تدب فيه روح الشباب المكتوين بضنك العيش .

الرسالة هنا موجهة الى الحكومة أيضا التي- لا شك- فيها كثير من ذوي الرشد والبصيرة مفادها ان الامعان في تجاهل مطالب الناس سيقود الى نفق مظلم ، لن نكون بالتأكيد في حاجة اليه وسط ظروف اقليمية ودولية غير مستتبة، فحذار من تجديد العهد في عنق الزجاجة المظلم.

ان كثيرا من صفوف التيار الاسلامي يرون أن الحكومة كسرت مجاديف الاصلاحيين، وهذا صحيح إلى درجة كبيرة ربما ، ولكن اليقين أنه في غمرة خط النار المشتعلة اليوم نرى البعض يستفيد من التناقضات، فبدا المشهد الكئيب وكأن المعارضين بدأوا يكسرون مجاديفهم بأيديهم حتى قبل أن يكسرها الآخرون