العدد 1049 - الأربعاء 20 يوليو 2005م الموافق 13 جمادى الآخرة 1426هـ

متى تفلت إدارات الأندية من الفخ الطائفي؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اعتاد شعب البحرين طوال ثلاثين عاما من قانون "أمن الدولة"، على قراءة بيانات "الاستنكار" شبه الرسمية في الصحافة المحلية، وهي "إعلانات" مدفوعة الثمن، وتنزل دون استشارة أحد من الموقعين! ولم يكن أحد يجرؤ على الهمس، ولكن المجالس وأروقة الأندية والشارع يعرف آلية إصدار هذه البيانات.

ولأن الظرف تغير، ولأن قانون "أمن الدولة" تم تجميده منذ ثلاث سنوات، فإن العودة إلى أسلوب قديم عفا عليه الزمن يصبح أمرا مستغربا، ويجدر بالمعنيين التفكير جديا في التخلي عنه لما يمثله من استهانة بعقول الناس ومشاعرهم. وفي الوقت الذي لم تحظ حركة احتجاجات العاطلين الأخيرة بإجماع وطني، فإن حركة ضربهم بالهراوات وحتى إدانتهم هي الأخرى لا تحظى بمثل هذا الاجماع المزعوم. وقراءة الأسماء الموقعة على البيان تؤكد ذلك: فإلى جانب 23 اتحادا رياضيا رسميا، نقرأ أسماء 18 ناديا أغلبها من طيف طائفي معين. وهو ما يستوجب التحذير لمن يرغب اللعب بهذه الورقة الخطيرة.

و ينبغي الاعتراف بأن هناك تغيرا إيجابيا طرأ، فلم تعد الاندية توقع على بياض كما كانت، فيمر كل ما ينشر باسمها من دون محاسبة أو مؤاخذة أو عتاب. والدليل أن من بين 38 ناديا، لم يوقع على البيان غير ،18 أي أقل من النصف، فيما رفض الكثير من الأندية التوقيع صراحة، ثم اكتشفنا أن أحد الموقعين استنكر الزج باسمه في البيان.

من جانب المؤسسة العامة للشباب والرياضة، الظاهر ان هناك اتجاهين يتجاذبان القرار فيها: طرف يحاول لم شمل شباب الوطن والارتفاع عن الممارسات الطائفية التي أساءت فيما مضى للرياضة البحرينية، وهو ما بدأ بإعطاء بعض الثمار الايجابية من أرقام تسجلها البحرين في السنوات الأخيرة؛ أما التيار الآخر فيريد الإبقاء على الوضع السابق دون إصلاح، وفي هذا السياق يمكن قراءة البيان المذكور، فهو استمرار لعقلية قديمة، يتم "طبخ" القرار فيها ضمن دائرة فكرية ضيقة، من دون النظر لعواقب مثل هذه "الطبخات" على مستوى الوطن عموما والمجتمع الرياضي على وجه الخصوص.

آلية اتخاذ قرار "التحشيد" كما تعلمون تبدأ أثناء الدوام الرسمي، غالبا باتصالات على طريقة: "للعلم فقط"، وانتزاع تصريح خجول من وراء سلك الهاتف على طريقة: "أوكي، ماشي"! وفي المساء تصدر الأوامر لحجز صفحة كاملة في الصحف بنشر الإعلان المدفوع الثمن "واحسبوها: 1500* 3 صحف = 4500 دينار صرفت من موازنة الشباب الرياضي". والسؤال: ألم يكن من الأفضل للمؤسسة الترفع عن الأساليب القديمة التي تذكر الموطنين بأجواء حقبة "أمن الدولة" وممارساتها الملتوية؟

الجانب الآخر المسئول في القضية هي إدارات الأندية الوطنية، التي يجب أن تفهم أن الوضع تغير، فلم يعد من اللائق بها أن تقبل باستخدامها في لعبة المهاترات والاستقطاب الطائفي، و"التسييس" الرياضي. نقول ذلك على أمل تأسيس ثقافة وطنية جديدة، تحترم الادارات فيها نفسها، وتحترم منتسبيها، ويكون موقفها صادرا عن حب حقيقي للوطن ووحدة أبنائه. فلماذا الاستمرار على الموقف "التقليدي" من صدور مثل هذا البيان؟ إذا كانت هذه الإدارات معذورة يوم كان سيف "أمن الدولة" مسلطا على الرقاب، فلا عذر لها اليوم بعد رفع هذا السيف. لا نقول ان عليها تبني قضايا العاطلين والتمييز والتجنيس ووو... فغير مسموح لها بذلك، لكن عليها ألا تقبل باستغلال اسمائها في لعبة المزايدات، من قبل من يريد الحصول على ترقية في العمل أو قطعة أرض أو سيارة "لكزس" أو تسهيل مناقصة لشركته.

ثم ان الاستخدام يورط هذه الإدارات مع منتسبيها، فالقاعدة الواسعة لهذه الاندية تضم عددا من العاطلين والمتضررين، وبعضهم تلقى الإهانات والضرب المبرح، والزج بأسماء هذه الأندية يوقعها في نزاع داخلي مع قاعدتها هي في غنى عنها.

من الجانب الإداري، لو تساءلنا عن آلية اتخاذ قرار التوقيع على البيان، ستبرز لنا الكثير من الثغرات التي تقدح في شرعيته من الأساس. فالقرار كما هو مؤكد انتزع عن طريق أسلاك الهاتف، عبر حملة "علاقات خاصة"، والأرجح ان أغلب إدارات الأندية لم تعقد اجتماعا طارئا لمناقشة التوقيع من عدمه، وبالتالي لا يوجد قرار إداري ولا محضر اجتماع رسمي. فضلا عن مراجعة الجمعية العمومية أو على الأقل استشفاف آراء مجموعة معتبرة من الأعضاء. من هنا نشكك جدا في "شرعية" مثل هذا البيان. ونتمنى على الأندية الموقعة ألا تقبل بزج أسمائها في لعبة المهاترات في المستقبل، تغليبا للوحدة الوطنية وابتعادا عن الاستغلال "السياسي" للأندية الرياضية، وتأسيسا لثقافة وطنية جديدة تراعي المصلحة العليا لهذا الوطن

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1049 - الأربعاء 20 يوليو 2005م الموافق 13 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً