أصبحت العمليات الانتحارية في العراق قدرا مقدورا هذه الايام، ما جعل المسئولين والمواطنين عاجزين أمامها. لكن أكثر الهجمات دموية كانت تحمل تقريبا الرقم 400 في سلسلة التفجيرات الإرهابية منذ الغزو الانجلو - أميركي للعراق في العام 2003 وفقا للخبراء.
فقد أقدم انتحاري على تفجير شاحنة وقود في مدينة المسيب جنوب بغداد السبت الماضي أوقعت نحو مئة قتيل. وحولت حرارة الجحيم وسط المدينة الى دمار في دقائق معدودة. لقد تصاعدت ألسنة اللهب إلى السماء وهرب الناس عراة بينما ألقت الأمهات أطفالها من نوافذ البنايات المجاورة لإنقاذهم من النيران. لم يشهد المواطنون في هذه المنطقة عملا تخريبيا بهذا الحجم ولذلك استحوذ عليهم الخوف من كل مكان. وفاحت رائحة الموت والأشلاء البشرية المحترقة من مشهد الجريمة الأسود، وانتشرت عشرات السيارات المحترقة في وقت التهمت فيه النيران العشرات من المحال التجارية بالإضافة الى تدمير حسينيات مجاورة بالكامل.
لاشك أنه في تلك الأثناء كان هناك انتحاري آخر يؤدي صلاة المودع لكي ينفذ أوامر الله التي لقنها له زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" أبومصعب الزرقاوي ليهاجم ناحية أخرى من العراق!.
وهكذا فشلت القوات الاميركية ووزارتا الدفاع والداخلية في اعتقال الزرقاوي والقضاء على الإرهاب وبالتالي من الضروري البحث عن وسيلة أخرى لمحاربته.هذه الوسيلة لا تكمن بالطبع في اجتماعات دول الجوار العراقي المتكررة ولا اجتماعات الدول المانحة لكي تعيد إعمار البلاد.فكيف يتم البناء والإرهابيون يهدمون ويروعون أهم عنصر في التنمية المستدامة الا وهو الإنسان العراقي. ولهذا من الضروري دراسة المقترحات التي تنادي بتشكيل لجان شعبية "مليشيات محلية" من عناصر واعية للسيطرة على الأمن. ففي بلد بلا مؤسسات للدولة يجب أن يسعى الناس للحصول على الأمن والخدمات بطريقة خاصة. وبما ان المفجرين يمرون عبر شبكة معقدة من الأشخاص الذين يقدمون لهم المأوى والأسلحة يجب أن تتشكل جبهة معقدة مضادة تقوم على استخبارات شعبية وإجراءات أمنية صارمة.أما الحل السياسي الناجع فاعتقد أنه يتمثل في المضي قدما وبسرعة في الخطوة التي تقدم بها الزعيم الديني الشاب مقتدى الصدر والتي تقضي بتوقيع وثيقة من مليون إمضاء على أسس غير طائفية تهدف الى إخراج القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الاميركية التي غزي البلاد من دون استراتيجية ثابتة الى ادارة دفة الأمور وإحلال الاستقرار والقضاء على الكابوس الذي تمثله العمليات الانتحارية
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1048 - الثلثاء 19 يوليو 2005م الموافق 12 جمادى الآخرة 1426هـ