شهدت سورية بعد انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم فيها، مجموعة من التغييرات السياسية والإدارية، سبقت الذكرى الخامسة لتسلم الرئيس بشار الاسد السلطة وجاءت في سياق نتائج المؤتمر. وكان من النتائج المباشرة له إلغاء منصب نائب الرئيس الذي كان يضطلع به كل من محمد زهير مشارقة وعبدالحليم خدام، وتقليص عدد أعضاء القيادة القطرية إلى ثلاثة عشر عضوا غالبيتهم من الوجوه الجديدة باستثناء رئيسي السلطتين التنفيذية والتشريعية، فهما أعضاء في القطرية بحكم منصبهما.
وطالت سلسلة التغييرات الأجهزة الأمنية، وأحدثت فيها ما يشبه التطهير. فقد نقل اللواء بهجت سليمان من رئاسة الفرع الداخلي إلى المقر العام في الجيش السوري ليحل محله اللواء فؤاد ناصيف. كما إن مدير إدارة المخابرات العامة اللواء هشام اختيار، أصبح عضوا في القطرية وترك مكانه للواء علي مملوك، وجاء نائبا لمملوك الرئيس السابق لفرع فلسطين اللواء حسن خلوف، فيما جرى نقل العميد رفيق شحادة من رئاسة فرع الأمن السياسي في دمشق الى الجيش.
هذه التغييرات والتنقلات في المفاصل السياسية وفي الأجهزة الأمنية تبعتها إجراءات مماثلة في مفاصل الادارية على مستوى المحافظات أيضا. فقد صدر مرسوم جمهوري في الأسبوع الماضي، يقضي بتعيين ونقل أربعة محافظين لمدن مهمة هي حلب التي جاءها محافظا تامر الحجة، وسعيد عقل لريف دمشق، وعاطف غنيم لادلب، وخليل خالد لمحافظة حماة، وجميعهم من التكنو - قراط، جاء ثلاثة منهم من كليات الهندسة والرابع من طب الأسنان، ومشهود لهم بالنزاهة والكفاءة.
أما الحديث عن التشكيل الوزاري الجديد، والذي يترقبه الشارع السوري على أمل تحسين الاوضاع المعيشية من خلال تفعيل القوانين وسن قوانين جديدة تهيئ لمناخ استثماري تفتقده سورية كثيرا، فان التكهنات لرئاسة الحكومة تجعلها تراوح بين عضو القيادة القطرية ووزير المالية محمد الحسين، وبين وزير الخارجية فاروق الشرع. وهناك تكهنات تفيد بان الرئيس الأسد، بإمكانه دستوريا أن يكلف من يراه مناسبا لتشكيلها بغض النظر عن عضويته في القيادة القطرية. وتنقل بعض الأوساط عن الوزير الحسين ان لا رغبة لديه في تشكيل الحكومة، لأنه لا يرغب في أن يكون من ضمن فريقه عبدالله الدردري، الذي عين حديثا نائبا لرئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية. ولكن الحديث الأكثر رواجا أن الحكومة الجديدة لن تضم الشرع، كوزير، ولا وزير الداخلية اللواء غازي كنعان، وسيستبعد منها أيضا وزير الإعلام مهدي دخل الله، وانه سيطغى عليها التكنو قراط من أصحاب الكفاءات.
وينظر إلى الحكومة المرتقبة على أنها ستكون مخلصا لكثير من القضايا والمشكلات المستعصية في سورية، كالبطالة المتفاقمة والتي يقدر عددها بنحو 12,3 في المئة من مجموع القوى العاملة، يضاف إليهم سنويا ما يقرب من 250 ألف مؤهلين لدخول سوق العمل. كما إن معدلات النمو الاقتصادي المنخفضة لا تقل أهمية عن البطالة، إذ لم يتجاوز معدل النمو في العام الماضي 5,3 في المئة، فيما يبلغ معدل النمو السكاني 2,58 في المئة. ويعول الشارع على الحكومة الجديدة أن تطبق المراسيم والقوانين التي صدرت بما يهيئ مناخا للاستثمارين الداخلي والخارجي في وقت تقول وقائعه، إن حصة سورية من الاستثمارات هي الأقل في المنطقة العربية.
وفي هذا الاطار استقبل الرئيس الاسد الا سبوع الماضي أعضاء غرفتي تجارة دمشق وحلب وبحث معهم "الموضوعات الاقتصادية التي تهم الوطن والاجراءات القانونية والتشريعية الضرورية التي تساهم في اغناء العمل الصناعي والاقتصادي، بما يكفل تفعيل وتنشيط الاقتصاد السوري بمختلف جوانبه". ويرى مراقبون انه لا يمكن للإصلاح الاقتصادي أن يؤتي ثماره ما لم يترافق مع إصلاح سياسي يستوعب مرونة الاقتصاد ويحتضنه، وهو أمر لم يتحقق بعد. وقد "أوصى " المؤتمر باعتماد نهج اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يراعي البعد الاجتماعي لأي إصلاح اقتصادي
العدد 1048 - الثلثاء 19 يوليو 2005م الموافق 12 جمادى الآخرة 1426هـ