خيرا فعل رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان عندما تدخل بحكمة بالغة لفض المسيرة الجماهيرية التي كان مئات العاطلين ينوون تنظيمها مساء أمس الأول في العاصمة على رغم الانتقادات اللاذعة التي وجهت له من بعض العاطلين.

رئيس "الوفاق" ناشد العاطلين الغاضبين المتجمعين في مسجد الخواجة في قلب العاصمة المنامة إلى "إدارة قضية البطالة بعقلانية والابتعاد عن "الفخ" الذي يراد أن ينصب لكم"، إذ إن الأوضاع في الساحة حينها كانت مشحونة، وقابلة للاشتعال في أية لحظة، ولم يكن ينقصها سوى عود كبريت ليقود الوطن إلى حرب محمومة لا تحمد عقباها بين قوى الأمن والشبان العاطلين.

على رغم الشد والجذب الذي قسم العاطلين بين مؤيد ومعارض للمسيرة، فان ما حدث أمس الأول يعكس مؤشرا خطيرا في الحراك السيو/ اجتماعي في البحرين مفاده أن هناك ثمة خلل في العلاقة بين المؤسسات السياسية بل وحتى طبقة الرموز مع الشارع الذي لم يعد يعول كثيرا على الخطابات.

الحكومة هي الأخرى تتحمل العبء الأكبر في هذه القضية الساخنة، لأن الذي لا يملك قوت يومه لا ينتظر منه أن يقف مكتوف الأيدي في انتظار مشروعات تنظيرية مثل إصلاح سوق العمل أو وعود في انتظار مشروع التأمين ضد التعطل.

الاستراتيجية التي يحتاجها العاطلون هي اعتماد صوت المنطق وتغليب المصلحة العليا حتى في غمرة الغضب من الفشل الرسمي المتكرر في معالجة إحدى أهم الملفات التي تؤرق الوطن، والحفاظ على سلمية التحرك دليل صادق على وعي وتحضر شبابنا.

ليس من مهمتنا أن نجعل أطرافا في الدولة تتذرع ببعض المسيرات لتمرير قوانين عبر المجلس الوطني تعيد القبضة الأمنية بشكل أو بآخر، وهي حزمة قوانين يراد منها أن تحد من حقوق دستورية أصيلة، وعلى رأسها تلك القوانين المتعلقة بحرية التعبير في بلادنا.

إن ما يحدث هذه الأيام من توتر - على أكثر من مستوى - ليس باعثا على الفخر ولا هو مدعاة اعتزاز، فنجاح مشروعنا السياسي مرهون بقدرتنا على الإمساك بخيوط المشهد من دون أن يشعر طرف في المعادلة بأن مصلحته ضاعت وسط هذه الفوضى