بحسب الإحصاءات الأخيرة فإن الخدمات المالية والمصرفية تمثل 24 في المئة من الناتج المحلي البحريني، وهي بذلك تتفوق على حصة النفط والغاز في الناتج المحلي التي تبلغ 13 في المئة على رغم الزيادة في أسعار النفط، علما بأن موازنة الحكومة تعتمد على مدخول النفط بنسبة تزيد على 70 في المئة.
الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة للمحافظة على مكانة البحرين المالية في الشرق الأوسط يبدو أنها تسير في الاتجاه الصحيح، وحديثا حصل مرفأ البحرين المالي على ضخ مالي من أحد المستثمرين السعوديين لتطوير مركز التأمين "مبنى من 22 طابقا داخل المرفأ" بكلفة 50 مليون دولار، من المتوقع أن يفتتح في سبتمبر/ أيلول .2006 وهذا الاستثمار السعودي يعني أن البحرين في طريقها أيضا لتتسنم المركز الإقليمي لنشاطات التأمين في المنطقة.
وحديثا أيضا أشهرت "مجموعة البركة المصرفية" نشاطها في البحرين بعد اكتمال حصولها على ترخيص من مؤسسة نقد البحرين، وأصولها تصل إلى أكثر من أربعة مليارات دولار. والمجموعة يرأسها رجل الأعمال السعودي المعروف الشيخ صالح عبدالله كامل، الذي يأمل في أن تتبوأ المجموعة مقعدها في طليعة المؤسسات المالية الإسلامية.
وفي الفترة الأخيرة أيضا، قرر "بنك الشرق" تأسيس إحدى شركاته في البحرين، والمصرف هو واحد من أكبر المصارف الإماراتية، وكان المراقبون يتوقعون أن يتم تسجيل النشاط المالي الجديد في مرفأ دبي المالي، ولكن المصرف اختار البحرين منطلقا لاستثماراته الجديدة.
وبحسب المراقبين، فإن مركز قطر المالي الجديد بدأ ينافس مرفأ دبي المالي، ووسع في الوقت ذاته من الخيارات المتاحة في الخليج لتعزيز القطاع المصرفي وبروز دور البحرين الريادي في مجال الصيرفة الإسلامية والتأمين، بالإضافة للخدمات المالية التقليدية.
أصحاب الأعمال والمؤسسات المالية الكبرى لديها ثلاثة خيارات في الخليج، وهي البحرين ودبي وقطر، وكل مركز مالي ينافس في عرض أفضل ما لديه لاجتذاب الاستثمارات، ولكن الفرق الذي يميز البحرين حاليا هو توافر الخبرة المحلية في هذا القطاع المهم، وحاليا فإن نحو 70 في المئة من العاملين في الخدمات المالية والمصرفية من المواطنين، وهؤلاء يحصلون على مستوى معيشة متوسطة أو فوق المتوسطة.
الخبرات البحرينية، إذا، هي التي تحدد القدرة التنافسية حاليا، وهي أيضا التي ستحدد قدرتنا على البقاء في الموقع المتقدم مستقبلا. وهذا يؤكد التوجه العالمي الذي يتحدث عن أن الاقتصاد الناجح هو ذلك الذي يعتمد على الخبرة والمعرفة المكتسبة لدى القوى العاملة.
نجاح القطاع المصرفي انعكس على معهد الدراسات المصرفية المالية الذي يعد أنجح معهد تدريبي في البحرين يدعم احتياجات السوق على أسس مدروسة ومتطورة.
إن نجاح البحرينيين في القطاع المصرفي يعتبر دليلا على قدرة المواطنين على التفوق في القطاعات المتطورة التي توفر أيضا مستوى من المعيشة الكريمة التي تتناسب وتطلعات المجتمع.
إننا بحاجة إلى نقل النجاحات التي تحققت في القطاع المصرفي والمالي إلى القطاعات الاقتصادية الأخرى، وأن ننتقل بالواقع الاقتصادي البحريني إلى المستوى الذي يحقق تنمية مستدامة تعتمد على القدرات الوطنية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1047 - الإثنين 18 يوليو 2005م الموافق 11 جمادى الآخرة 1426هـ