يبدأ اليوم مؤتمر عن "القيادة" موجه للطلاب الجامعيين ويستمر في فندق "إليت السنابس" لمدة ثلاثة أيام ويجمع من خلاله طلاب عدد من الجامعات الخليجية ليتحدث عن موضوعات في غاية الأهمية تتعلق بنظرية القيادة وممارستها الديمقراطية والدكتاتورية، وكيفية اكتساب مهارات القيادة وتطبيق فنونها ووسائلها العلمية في الحياة اليومية.
والحقيقة هي اننا في دول الخليج استفدنا خلال العقود النفطية الماضية من بناء البنية التحتية، وتشييد العمران ولكننا مازلنا في المؤخرة، فيما يتعلق ببناء الشخصية القيادية. وهذا انعكس كثيرا في بلد مثل البحرين التي تتمتع بأجواء انفتاحية، ولكن قلما تجد مسئولا رسميا قادرا على طرح رؤيته والدفاع عنها. ولذلك، وحتى في حال كانت الحكومة على صواب فإن الطاولة تنقلب عليها لانعدام مكونات الشخصيات القيادية داخل الاجهزة التنفيذية. ولو راجع المختصون طبيعة سلوك العاملين في الاجهزة الرسمية فسيجدون مجموعات من الموظفين الذين تم اعدادهم من دون محتوى يؤهلهم لتسنم ادوار قيادية عندما تحتاجهم البحرين.
الامر ذاته يمكن ملاحظته على الوزراء الذين يتم تعيينهم، بل ان عددا من الوزراء قد لا يحسنون التعامل مع متطلبات عملهم بأسلوب قيادي محترف. وبحسب عدد من اصحاب الاعمال الذين كانوا في احد الاجتماعات فقد اشار احدهم بأنه ليس على استعداد ان يوظف بعض المسئولين حتى في منصب صغير في شركته، مستغربا كيف يمكن لمن ليس له قدرات قيادية ان يتسلم منصبا عاليا في الدولة.
على الجانب المقابل، فإن هناك دولا مثل كوريا وسنغافورة والهند وغيرها ممن استثمرت في تطوير القدرات القيادية للمواطنين واستطاعت بفضل تلك القدرات ان تصعد بمستوى بلدانها اقتصاديا إلى مستويات عليا. فسنغافورة التي لا تمتلك نفطا ولا حتى ماء يكفيها استطاعت ان تطور اقتصادها ليصل إلى مستوى الدول المتقدمة من ناحية دخل الفرد اعتمادا على المهارات والخبرات التي اكتسبتها القوى العاملة الوطنية.
ومن الملاحظات التي نشهدها هي غياب المهارات الادارية والقيادية لدى الطلاب المتخرجين من جامعة البحرين، بحيث يصعب على بعضهم حتى كتابة رسالة عمل تشرح ما يود القيام به أو وجهة نظره، كما يصعب عليهم عرض انفسهم في سوق العمل بالمستوى المطلوب. وهذا يعني اننا لم نستثمر اموال النفط لحد الآن بصورة مكثفة في تطوير "رأس المال البشري" ومازالت التسهيلات المطلوبة لتطوير القدرات والمهارات لدى الموارد البشرية المتخرجة من الجامعة والداخلة إلى سوق العمل اقل من المستوى المتوقع.
ولذلك، فإن تنظيم مؤتمر يعنى بتطوير المهارات القيادية للطلاب يعتبر خطوة ايجابية يجب ان تضاعف لتصبح منهجا مستمرا ليتدرب من خلاله جميع طلاب الجامعات على المهارات التي أصبحت ضرورية مثلها مثل مهارات استخدام الكمبيوتر في جميع مجالات الحياة.
ان الفرق في الدخل الذي يحصل عليه الجامعي البحريني بعد تخرجه من جامعة البحرين لا يختلف كثيرا عن الدخل الذي يحصل عليه شخص آخر تخرج من ثانوية المدارس الخاصة، وسسبب ذلك هو ان المدارس الخاصة التي ينتظم فيها نحو 27 في المئة من طلاب البحرين تركز على تطوير المهارات القيادية لمنتسبيها، ولذلك فإن امام جامعة البحرين مهمة استراتيجية تتعلق بتطوير مناهجها لتتضمن ما لدى المدارس الخاصة من مواد بشأن المهارات القيادية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1046 - الأحد 17 يوليو 2005م الموافق 10 جمادى الآخرة 1426هـ