تشهد موريتانيا منذ أشهر رحلات مكوكية للمسئولين العسكريين الأميركيين الذين كان آخرهم قائد العمليات في القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا هاميلتون تالينت الذي التقى الرئيس معاوية ولد أحمد الطايع الاثنين الماضي، وأجريا محادثات استمرت ساعات. وجاءت زيارة تالينت لموريتانيا في الوقت الذي كان فيه وفد عسكري أميركي رفيع المستوى يشارك في اجتماعات قادة أركان جيوش غرب إفريقيا في نواكشوط الهادفة إلى وضع خطط مشتركة لهذه الدول من أجل محاربة "الإرهاب".
البعثات الأميركية الرسمية إلى نواكشوط تم التمهيد لها بعشرات البعثات الاستطلاعية التي جابت التراب الموريتاني خلال السنوات الماضية لأهداف كثرت التحليلات في شأن خلفيتها، وهكذا بات المهتمون بالشأن الموريتاني يرون أن تكثيف الاتصالات والبعثات العسكرية الأميركية لم تعد تستهدف إضافة بلد كموريتانيا للائحة مقاومة "الإرهاب" وإنما تتجاوز ذلك بكثير لأغراض عسكرية واستراتيجية بعيدة المدى.
ولم يعد خافيا أن الإدارة الأميركية قررت اختيار موريتانيا محطة رئيسية في المنطقة لاستضافة قواعدها العسكرية، وذلك ضمن مخططاتها بخلق وجود عسكري بعيد المدى. أما النظام الموريتاني فلا يهمه أكثر من "قبض ثمن" التحرك الأمني الأميركي في المنطقة، حتى وإن عنى ذلك فتح أبواب من الخراب والدماء على بلده الهش ليس من السهل إيصادها. فقد تنافس المسئولون الموريتانيون في إرسال رسائل "النجدة" إلى الخارج بعد "هجوم المغيطي" في يونيو/ حزيران الماضي. كما أن حكومة نواكشوط فتحت أبواب مدنها وأريافها للإسرائيليين، ففتحت سفارة لـ "إسرائيل" منذ سنين، كما استقبلت بصدر رحب "طائرة الأطعمة الإسرائيلية" التي رافقت وزير الخارجية الإسرائيلي سلفان شالوم في زيارته لموريتانيا في مايو/ أيار الماضي.
فهل يدرك حلفاء أميركا في المنطقة أن "قدم الفيل" باتت تغرس في كل بلد عربي، فالوجود العسكري الأميركي بات أمرا محسوما، كما أن "موكب الفيل" متعطش لأدغالنا التي باتت قضاياها "متشابكة ومتداخلة" والسلم فيها "تساقطت أوراقه". تلك هي البيئة التي أراد "الفيل" "إسرائيل" أن يخلقها لتتلاءم مع الهدوء والسكينة التي يريدها في المنطقة
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1045 - السبت 16 يوليو 2005م الموافق 09 جمادى الآخرة 1426هـ