مع اقتراب تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي من غزة وأربع مستوطنات معزولة في شمالي الضفة من أصل 120 تقطع أوصال الضفة الغربية، ركزت الصحف الأميركية على بعض جوانب تداعيات الانسحاب على رغم اعتبارها أنه يشكل خطوة في اتجاه السلام، وتخوفت من أن أحادية الخطة، وعدم التنسيق مع السلطة الفلسطينية يتركان الباب مفتوحا أمام تجدد الصراع. وتناول موقع أميركي قضية الجدار العازل بمناسبة الذكرى الأولى لصدور قرار محكمة العدل الدولية الرافض له، والذي أقامته "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية. فاعتبرت أن مواصلة بناء الجدار الفاصل "وصفة" لاستمرار النزاع. كما حملت بشدة على السلطة الفلسطينية الفاسدة والعميلة، لأنها أخفقت - طمعا برضا أميركا و"إسرائيل" - في استغلال هذا القرار غير المسبوق.
"واشنطن بوست": مصير غزة بعد الانسحاب مجهول
كتبت "واشنطن بوست" افتتاحية تحت عنوان: "عد عكسي في غزة" اعتبرت فيها أن خطة فك الارتباط التي ستنفذها "إسرائيل" في الأشهر المقبلة من غزة وشمال الضفة الغربية هي تطور إيجابي كبير على مستوى النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، مشددة على ضرورة أن تكون هذه الخطوة فرصة لإفساح المجال أمام قيام دولة فلسطينية إلى جانب دولة "إسرائيل". ولاحظت أن "إسرائيل" ملتزمة بالمباشرة بتنفيذ خطة الانسحاب من غزة في 17 أغسطس/ آب المقبل على رغم محاولات المستوطنين عرقلة تنفيذها وعلى رغم التمرد داخل تكتل "ليكود" وتهديدات المتطرفين للوزراء الإسرائيليين بالقتل. لذلك رأت أنه من الضروري عدم الاستخفاف بالصعوبات التي يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون لتنفيذ الانسحاب ولا بقيمة خطة فك الارتباط كحجر أساس لسلام طويل الأمد. غير أن الصحيفة الأميركية أسفت لأنه قبل 37 يوما من بدء الانسحاب لم تحرز الجهود التي تبذلها "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية والوسطاء الدوليون أي تقدم يذكر على مستوى تنسيق عملية نقل الأراضي الفلسطينية وضمان الاستقرار في غزة بعد الانسحاب، فليس واضحا بعد من هي الجهة التي ستقوم بحماية حدود غزة وكيف سيتم انتقال البضائع والعمال من غزة إلى "إسرائيل" والضفة وسائر دول العالم أو كيف سيتم التعامل مع الأراضي التي ستنسحب منها "إسرائيل" من قبل المجتمع الدولي. حتى أنه لم يتم صوغ الاتفاق بصورة نهائية على هدم منازل المستوطنين الذي أعلن عنه خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس الأخيرة للمنطقة. وإذ أقرت بأن لجانا إسرائيلية فلسطينية قامت بالتفاوض على عشرات المسائل، فإنها لفتت إلى أن الزعماء على الجانبين يترددون في التقيد بأية التزامات. وإذ أكدت أن هذه العقبات لن توقف خطة فك الارتباط توقعت أن تؤدي إلى حال من الفوضى في غزة ما بعد الانسحاب أو إلى تجدد النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وهنا لاحظت الصحيفة ان مستوى الالتزام الأميركي في الملف الفلسطيني الإسرائيلي غير كاف. ففي النهاية قد يصل الجانبان إلى سبيل للتوافق بشأن الانسحاب في الأسابيع الأخيرة قبل بدء التنفيذ، إلا أنه كلما شعر الطرفان بضغط أكبر من الولايات المتحدة ومن أعلى المستويات، كلما تضاعفت حظوظ توصل الجانبين إلى اتفاقات جدية.
"ميدل إيست رياليتيز": بناء الجدار "وصفة" لتجدد النزاع
وبمناسبة مرور عام على صدور الرأي الاستشاري عن محكمة العدل الدولية بشأن التداعيات القانونية للجدار الفاصل الذي تبنيه "إسرائيل" في الأراضي الفلسطينية المحتلة انتقد موقع "ميدل إيست رياليتيز" الأميركي على الإنترنت السلطة الفلسطينية التي وصفها بالفاسدة والعميلة واتهمها بالإخفاق في استغلال هذا القرار غير المسبوق. وذلك على خلفية ملاحظته أنها لم تحرك ساكنا خوفا من خسارة الدعم الأميركي والإسرائيلي لها وللبقاء في موقعها على رأس القيادة الفلسطينية. ولفت الموقع إلى أنه على رغم أن رأي المحكمة ليس ملزما فإنه يشكل أهم قرار يصدر حتى الآن بشأن نظرة القانون الدولي للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. وأضاف أن رأي محكمة العدل لم يطرح واجبات جديدة بل أكد ببساطة الواجبات السابقة. فالقدس مثلا هي أراض محتلة استنادا إلى القانون الدولي، و"إسرائيل" هي قوة احتلال لديها واجبات قانونية، أما المستوطنات فتعد انتهاكا للقانون الدولي في حين أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي تعد انتهاكا لشرعة حقوق الإنسان. وباختصار، يضيف الموقع، أوضحت محكمة العدل في قرارها أن بناء الجدار الفاصل والمستوطنات أمر غير قانوني لذلك على "إسرائيل" أن توقف فورا عمليات البناء وأن تقوم بالتعويض لكل من فقد أرضه نتيجة بناء الجدار. ولاحظ الموقع الأميركي أنه بعد مرور عام على صدور هذا الرأي الاستشاري واصلت "إسرائيل" بناء الجدار الفاصل كما عدلته ليشمل المزيد من الأراضي الفلسطينية، محذرا من أن هذا الأمر يشكل "وصفة" لمواصلة النزاع وسفك الدماء والخراب على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي
العدد 1045 - السبت 16 يوليو 2005م الموافق 09 جمادى الآخرة 1426هـ