العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ

من يكسر مجاديف من؟!

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

"هناك ألف جدار وألف أرض وضعت اليد عليها، وهناك خليج توبلي الذي مازال ينتهك، والأراضي المحيطة بالمحرق انتهكت ومازالت، مشروعات تبنى ولا يدخل دينار منها إلى الموازنة العامة، أراض تملكها الدولة تباع ولا تدخل قيمتها في الموازنة، أين تذهب هذه الأموال؟ إذا صححت ولو عشرين في المئة من هذه المشكلات فلن نصدر بيانا بل سنخرج في مسيرة دعم".

هذه جزئية من لقاء مطول على حلقتين أجرته "الوسط" مع رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان، وقال فيما قال: إن الحكومة "كسرت مجاديفه ومجاديف الشيخ عادل المعاودة وعبدالهادي مرهون"، لأنها لم تتعاون في حل المشكلات، بل في تعميقها، أو بكلام مشابه في تجاهلها.

وعلى رغم نبرة "اليأس" التي أحسها كثيرون في هذا الحوار الذي دعاه إلى أن يترشح لرئاسة "الوفاق" أو لم يترشح، فإن سماحته تحدث بمنطق السياسي لا بمنطق رجل دين، وأصاب كبد الحقيقة، ولعب بمهارة سياسية في قضية المشاركة وعدم المشاركة في انتخابات ،2006 بينما سياسيون مفترض أنهم "عتاولة" حسموا المشاركة تحت تسمية "استحقاقات الانتخابات القادمة"، على رغم إقرارهم بالتراجعات، وعدم وجود سلطة تشريعية ورقابية كاملة الصلاحيات، ولم يكلفوا أنفسهم التفكير في تشكيل ضغط سياسي على الحكومة قبل أكثر من عام على هذه الانتخابات، وكأنهم موافقون على كل شيء... ويبدو أن في الأمر إن!

وعلى هذا المنوال، فإن الشيخ علي وآخرين لم تكسر مجاديفهم، وإنما وضعوا الكرة في ملعب الحكومة، وملعب "عتاولة" المعارضة السياسية المشاركة في انتخابات ،2002 فإذا كانت الأولى جادة في بناء مملكة دستورية عريقة، أو الثانية في نضالها من أجل هذا الهدف النبيل ومأسسة المجتمع وعصرنته، كان ينبغي أن تضع هامش مناورة سياسية، أو تصمت من دون إعلان موقف مسبق، لا أن تضع بيضها كله في سلة قبة البرلمان الذي خبروا صلاحياته، وبالتالي تكسر مجاديفنا كلنا بالقبول بالأمر الواقع.

البعض قال أيضا، إن جدار المالكية انهار وانتصر الحق وزهق الباطل، وهذا صحيح، لكن الشيخ علي سلمان، ويسمونه من "حمائم الوفاق" قال: "هناك ألف جدار وألف أرض وضعت اليد عليها"، وقال: إن "هناك مشروعات تبنى ولا يدخل دينار منها إلى الموازنة العامة، وأراض تملكها الدولة تباع ولا تدخل قيمتها في الموازنة، أين تذهب هذه الأموال؟"، بينما كشف رئيس جمعية العمل الديمقراطي إبراهيم شريف في مقال له في نشرة "الديمقراطي" لشهر يونيو/ حزيران ،2005 مغالطات خطيرة في "مختلف بنود موازنة 2005 - ،2006 واختفاء ملياري دولار"، فسماحته وشريف السد يغضبون مثلنا، لكنهم يعدون من الواحد للخمسين للتعامل مع مشاعر الغضب وامتصاصه، ولكن بغير أن ينسوا الحقائق ويعتبرونها مسلمات، أو أمرا واقعا، لكن هناك من يعدون من الواحد إلى الخمسين للسماح لعدوانيتهم أن تتصاعد، وهؤلاء الذين يضيقون بالرأي الآخر، ويضيقون بحرية التعبير، ويتضايقون من كلمة "إصلاحات" ومن كلمة "ديمقراطية" و"شفافية"، كونهم فقط يملكون ما يخفونه عن أعين الناس.

في مرافعة قديمة قرأتها في محاكمة سبعينية لمناضل سوداني، عندما سأله القاضي: لماذا تعارضون الحكم، قال: "لإصلاحه"، وحكومتنا التي تطلب منا عدم المعارضة لها "كمن يرمي شخصا في الماء ليمنعه أن يبتل، ويعاقبه إذا ابتل!"، فلولا كثرة المظالم لما عارض أحد منا.

ويبدو أن رأي الشيخ علي صائب حين قال: "إذا صححت ولو عشرين في المئة من هذه المشكلات فلن نصدر بيانا بل سنخرج في مسيرة دعم". أي لو أن الأمور تسير بشكل طبيعي في البلاد لما وجدت معارضا، إلا إذا كان من فصيلة المعارضة الطارئة، أو معارضا من أجل المعارضة، وليس من أجل المعارضة الموضوعية السلمية التي تتبادل فيها الأحزاب والفرق المختلفة السلطة بشكل سلمي عن طريق صناديق الاقتراع، وحسبما يختار الناس لتمثيلهم.

الناس عندنا تطالب وتطالب، بعضهم يطالب بالعمل، والبعض الآخر بالسكن وبالعيش الكريم ليس، على أساس طائفي كما يثخن آذاننا البعض صبح مساء، وإنما يطمحون إلى ممارسة الحقوق بدل المطالبة بها؛ فمتى نمارس الحقوق، عندها ستخف المطالبات إن لم تنقرض، اللهم ستبقى لتطوير الممارسة الحقوقية نحو الأفضل من دون "تكسير مجاديف أحد للآخر". وكما يقول هنري ديفيد توريو في كتاب "حقك الكامل" ص 69: "التحدث بصدق يتطلب شخصين، أحدهما يتحدث والآخر ينصت"؛ فالحكومة تحدثت ثلاثة عقود من دون صدق والناس صامتة، فعلى الحكومة أن تصمت الآن لتستمع لصدق المعارضة، لأن حجم الملفات سمنت بما فيه الكفاية، وتحتاج إلى شجاعة المعالجة ولو جزئيا حتى لا نصاب باحتقان بسبب التبسيط في "قلب صفحة الماضي" بكل بساطة. فمشكلة المشكلات تأجيل المشكلة!؛ فإذا كانت هناك مشكلات "تجنيس" فلنناقشها، وإذا كانت هناك مشكلات بطالة وعاطلين عن عمل فلنضع لها حلولا، وكذا الحال بالنسبة إلى قضايا الفساد الإداري والمالي، لنحاول الحد منها، إن لم نستطع القضاء عليها... فقط نريد تحركا للقضايا لا تجميدها وكأن البلاد والعباد في أحسن حال ولله الحمد

العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً