العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ

ماذا لو؟

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

أعلم جيدا أن "لو" تفتح عمل الشيطان، ولكن ربما تستخدم "لو" في صوغ فرضيات كثيرة تحتمل احتمالات ممكنة وغير ممكنة، لذلك أجد نفسي مضطرة لسوق ذلك.

يبدو أن مشهد المرأة البحرينية بخصوص مشاركتها في المجالس المنتخبة لم تصل إلى درجة عالية من النضوج بعكس التشريعات التي أعطت المرأة حقها كناخبة ومرشحة، كما أن البحرينية إلى الآن لم تع الشكل المطلوب بأهمية استغلال حقها المشروع في العمل السياسي، ويتضح ذلك بجلاء من خلال وجودها الخجول في الشأن السياسي وخصوصا في الفعاليات السياسية على تعدد مشاربها؛ فلايزال الوجود النسائي محدودا جدا، لا يرتقي إلى مستوى المرأة البحرينية المثقفة الواعية. كما أنه لايزال لا ينسجم مع حضور المرأة في جميع الميادين، فعندما نتكلم مثلا عن التفوق نجد المرأة في غالبية الأحيان تكتسح لوحات الشرف والتفوق، ما يعكس قدرات المرأة وإمكاناتها الحقيقية، وقدرتها على تحقيق النجاحات تلو النجاحات إذا ما أرادت وتوافرت الرغبة الأكيدة.

هذا الأمر بطبيعة الحال يأخذنا إلى الجانب الأهم الذي أود الإشارة إليه، وهو درجة وعي المرأة بأهمية دورها في العمل السياسي كشريك فاعل وكجناح مهم لا ينهض المجتمع إلا به، وبالتالي سأطرح جملة من الأسئلة علها تخترق فكر المرأة: هل تبلورت لدى البحرينية رؤية واضحة بشأن مشاركتها في العمل السياسي؟ هل المرأة الآن راضية عن أدائها السياسي؟ هل استهلكت البحرينية كل طاقاتها في سبيل إبراز إمكاناتها السياسية؟ هل وجود المرأة في العمل السياسي يتناسب مع إمكاناتها الحقيقية؟ هل تشعر البحرينية بالرضا في ظل نظرة المجتمع لها نظرة تقليدية؟ هل تود البحرينية أن تتمكن سياسيا؟ وهل استفادت من التشريعات التي كفلت لها حقها السياسي؟ وهل المرأة البحرينية مقتنعة بأهمية مشاركة الرجل في العمل السياسي؟

هذه الأسئلة وغيرها يجب أن تطرح بكل صراحة وموضوعية، ويجب أن تكون المرأة على وعي تام وهي تحاول الإجابة عليها، قبل التفكير بشكل عملي في تمكين المرأة سياسيا أو إقرار مبدأ الكوتا النسائية. أقول ذلك؛ لأنه لا يمكن أن تتوافر أو تتهيأ الأرضية المناسبة لتمكين المرأة سياسيا ما لم يؤخذ رأي المرأة في الأمر نفسه، فإذا شعرت المرأة بدورها وحقها السياسي أتصور أنها لا تحتاج حينها إلى إقرار مبدأ الكوتا، لأنها ستفرض إرادتها على المجتمع من خلال ممارسة حقها، ولكن حينما تشعر المرأة بعدم رغبتها في ممارسة حقها السياسي ستنظر إليه نظرة ثانوية، وبالتالي لا تحتاج إلى أن تثبت قدرتها وجدارتها في الساحة، ما يجعلها تابعة للرجل في القرارات السياسية، كما يبقى دورها في العمل السياسي محدودا للغاية طالما اقتنعت بأن لا دور حقيقيا لها، وأن الرجل بطبيعة الحال أقدر منها في العمل السياسي.

أقول لهؤلاء النساء اللاتي يعتقدن أن الرجل أقدر من المرأة في العمل السياسي وأن المرأة يجب أن تتفرغ أكثر للمجالات الاجتماعية تحت حجة "الأقدر"، إن الرجل لا يختلف عن المرأة، وإن الرجل تقدم على المرأة في العمل السياسي لتوافر الفرصة له أولا ولتفرغه ثانيا، ولعدم وجود معوقات أو صعوبات تتعلق بالأعراف تمنع الرجل من ممارسة حقه في العمل السياسي. ويبقى المحك المهم الذي يجب الاحتكام إليه عندما تتوافر الرغبة الحقيقية والاستعداد القوي فإن بقية الأمر تبدو ممكنة، فالرجل لا يختلف عن المرأة ولكن يجب عدم إغفال أن ظروف الرجل ربما تكون أفضل بكثير من ظروف المرأة، وبالتالي ساهمت الظروف بشكل كبير في خدمة الرجل وبقاء المرأة مكانها، في الوقت التي يرحم ويغفر المجتمع للرجل إذا ما تنصل من مسئولياته تجاه أسرته أو مجتمعه، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المرأة، فلابد لها أن تقوم بواجباتها كاملة، ومع ذلك ينظر إليها نظرة منقوصة بأنها مقصرة في أداء مهماتها، ولاسيما إذا كانت تلك المرأة عاملة في أحد الحقول. وبالتالي شعور المرأة بالذنب يصعب من حضورها في المجتمع، فالمرأة عادة ما تضع لها أولويات تسير وفقها، وهي بالدرجة الأولى تنصب في دورها كربة بيت وكأم وزوجة وعاملة، وبالتالي لا طاقة لها بعد ذلك في خدمة المجتمع، إلا من توافرت لها ظروف صحية مواتية وبدعم من الرجل، أما البقية الباقية فهي في غالبية الأحيان تسير وفق أجندة المجتمع التي توافق الناس عليها، فالأعراف كفيلة بأن تسير الناس.

وأعتقد أن اليوم الذي تصحو فيه المرأة من غفوتها وتشعر بقيمتها كقوة صوتية وعندما تشعر بأهمية دورها في العمل السياسي كمحك أساسي فإن الرجل سترتعد فرائصه، إذ ستكون منافسا قويا للرجل، ولاسيما أن القوة الصوتية للمرأة تضاهي الرجل، وبالتالي فإن الفرضية التي أسوقها هنا: ماذا لو أن المرأة استفادت من صوتها ومن حجمها... وبالتالي رفضت الإدلاء بصوتها إلا إلى بنات جنسها كنوع من التكتيك الانتخابي ونوع من الدعم الخاص بالجنس؟

إن الأمر ربما يكون كارثيا بالنسبة إلى الرجل الذي اعتاد أن يحصد أصوات المرأة التي طالما أثر عليها برأيه، وهي الآن تفرض قراراتها الشخصية عليه. وأعتقد أن هذا ممكن وغير مستبعد فيما لو تم استثماره بالشكل الأمثل. لا نقصد من وراء ذلك أن يتم ذلك فقط لكون المرشحة امرأة، ولكن لابد من أن يكون عنصر الكفاءة متوافرا، فالمرأة أقدر من الرجل على الدفع باتجاه قضايا المرأة وبالتالي لابد للنساء من التكاتف معا من أجل إيصال أصوات لهن في مواقع صنع القرار السياسي لضمان دعم قضاياهن التي طالما أرقتهن

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً