أصبح الإرهاب الفكري والجسدي وغيرها صورا جديدة نعايشها في زمننا الذي يخلو من طعم المودة والمحبة والاخاء.
فبدلا من ان تتعانق الشعوب مع بعضها من أجل دعم واحة السلام كافة على أرجاء العالم لدعم البشرية وتطورها... أصبحنا اليوم نبغض بعضنا بل ونتمنى لشعوب أخرى الموت والقتل لتصبح هي اللغة الوحيدة للتصدي لقضايا مازالت للأسف عالقة من دون حلول حقيقية لكن تستغلها الأطراف المتعطشة للدم والارهاب تحت ستار الاسلام الذي هو كغيره من الأديان بعيد كل البعد عما تنادي به هذه الفئات التي صنفت نفسها وصية على الدين والناطق الرسمي لقضايا منطقتنا العربية.
لن ننكر ان جزءا من المشكلة يكمن في استمرار سياسة سلبية قادمة من دول الغرب باتجاه الدول العربية تحديدا ولا سيما قضايا مثل فلسطين والعراق تسيطران على اجندة وبنود السياسة الدولية مستفيدة من ضعف الأنظمة وتبعثر أدواتها السياسية هنا وهناك من اجل خدمة مصلحتها وايضا استمرارها وهو ما ساهمت به دول الغرب من خلال دعمها لأنظمة عربية ديكتاتورية شمولية على مدى خمسين عاما قاضية على منافذ الديمقراطية وتطورها على ابناء المنطقة العربية التي ظلت محرومة حتى من نطق هذه المفردات وظلت ومازالت أسيرة شعارات كلمات هذه الانظمة التي لم تقف يوما في صف شعوبها بل داعمة ومستمرة في قهرها السياسي والاقتصادي والاجتماعي من دون تطور يذكر.
وعندما يأتي الحديث عن تطوير مناهجنا الدراسية فهو بكل تأكيد ضرورة نحتاجها اكثر من أي وقت آخر خصوصا وان جزءا من مشكلة تفريخ الارهابيين من العرب المسلمين يرجع إلى بعض الأنظمة التي حرصت على تعليم لون ومنهج معين لتدريسه في المدارس والجامعات.
فتستغل الدين أبشع استغلال في اسلوب طرحه وتعليمه حتى في بعض الدول الاسلامية مثل باكستان المتمثل في المدارس التي تنتهج فكرا واسلوبا طالبانيا متشددا وآخر اسلوبا يعلم الحقد ونبذ كل ما هو غير مسلم حتى فيما يتعلق بالعروبة فالأفضلية للإسلام وللمسلم... مثل هذا يعلمون!
هذا الأمر تفاقم كثيرا في باكستان وافغانستان وغيرهما من الدول الاسلامية التي تفاوتت نسبتها في تعليم ذلك بصورة تختلف من دولة لأخرى فمناهج المدارس أكدت استغلال اماكن العبادة في نشر ثقافة لا يدعو إليها الاسلام واقعا مثل التطرف والكراهية ضد ابناء الاديان والاعراق الاخرى هو واقع نلمسه في نواح مختلفة من حياتنا اليومية خصوصا في المجتمعات العربية والمسلمة التي بدأت تنغلق على ذاتها يوما بعد يوم ناقمة على كل ما هو غربي بصورة متطرفة لا يقبلها اي فكر حضاري متقدم يدعو إلى تعزيز مزيد من فتح قنوات الحوار واللجوء إلى اسلوب بعيد عن لغة قتل الأبرياء في أي بقعة من العالم.
فإن كان التعليم هو احد الاسباب فلابد من تطويره وتغييره بدءا بالعمل على تعليم مفاهيم ومبادئ حقوق الانسان والعدالة والديمقراطية في اسلوب مبسط تحت مسمى "التربية المدنية" الذي بدأ يطبقه الأردن حاليا وهو ما نأمل ان تسعى إليه دول عربية اخرى... وقد تكون البداية! أيضا علينا ان نلتفت إلى ان إحجام بعض رجال الدين المسلمين عن الادانة الواضحة لأعمال القتل المجاني في مناطق مختلفة من العالم والاكتفاء بالإشارة إلى عدم جواز قتل الأبرياء والعمليات الارهابية... هو أيضا بحاجة إلى وقفة صدق معهم ومع انفسنا كعرب ومراجعة الأمور بصورة مختلفة خصوصا فيما يتعلق بموضوع "الجهاد"
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ