البيئة منتهكة في البحرين بصورة مستمرة وممنهجة ومن دون ان تكون هناك اية امكانات لردع الانتهاكات. ومع انتهاك البيئة يتم انتهاك حق الانسان في التنمية المستدامة، وفي الموئل، اي حقه في ان يعيش في بيئة حميمة للانسان تحمل قيما تراثية وصحية واقتصادية. ومن ابرز مظاهر انتهاك هذه الحقوق هو تحويل سواحل البحرين الى الملكية الخاصة خلال العقود الماضية، والاستمرار في دفن خليج توبلي، وعزل الناس عن رؤية البحر، حتى اصبح الناس يتندرون على قصص تراثية كانت تقول إن البحرين كانت بلد المليون نخلة، والان أصبحت بلد المليون جدار.
على ان انتهاك البيئة هو انتهاك لحقوق الانسان، والاضرار بالتنمية الاقتصادية والبيئية والتراثية في المناطق السكنية هي انتهاك لحق "الموئل" وانتهاك لحق "التنمية"، وهذه جميعها اصبحت جزءا لا يتجزأ من الشرعية الدولية لحقوق الانسان.
انتهاك السواحل هو انتهاك لعدد من الحقوق المشار اليها في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والبحرين في صدد التوقيع رسميا على هذا العهد واصدار تشريع محلي لتأكيد اعتماده ضمن قوانين البحرين. ولذلك فان العهد الدولي الذي ستعتمده البحرين قد تم انتهاكه، وانتهاكه مستمر على قدم وساق من دون توقف.
الواقع يتحدث عن انتهاكات للقوانين المحلية ايضا، وهذا يعني ان حقوق الانسان الجماعية "وهي مجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وما يتفرع عنها من حقوق بيئية وتنموية" منتهكة في البحرين.
وهنا تبرز اشكالية لم يتم الالتفات اليها لحد الآن. فالجمعيات الحقوقية والسياسية ركزت كثيرا على انتهاكات حقوق الانسان الفردية "وهي الحقوق المدنية والسياسية" التي تتحدث عن منع التعذيب والمساواة امام القانون والمحافظة على كرامة المواطن والحق في المشاركة السياسية، ولكنها أغفلت الحقوق الجماعية.
المشكلة ايضا هي ان الحقوق الفردية تمت معالجة كثير منها. فليس هناك تعذيب في البحرين حاليا، وليس هناك منع من السفر، وليس هناك إهانة واضحة للمواطن كما كان في السابق ايام قانون أمن الدولة. وما تبقى من ملفات تتعلق بقول الحقيقة والمناصفة انما هي من تبعات الماضي. وحقوق المرأة "تمكين المرأة" مجال للتفاخر، والبحرين تستعد لاحتضان مركز اقليمي في هذا المجال. والحقوق السياسية اصبحت محل نقاش يدور بين مختلف الاطراف بشأن المشاركة او المقاطعة في الحياة البرلمانية.
ولكن، وبينما يزداد الحديث في هذا الجانب تراه ينعدم في الجوانب الحقوقية الاخرى. فالبيئة التي لم تعد شأنا اجرائيا او محليا، بل انها شأنا حقوقيا ودوليا، وكل ما يتعلق بالتنمية المستدامة وحق الانسان في "الموئل" والعيش في بيئة حميمة أصبحت جزءا رئيسيا من الاجندة الدولية والاقليمية.
الجمعيات الحقوقية والسياسية مطالبة بأن توسع افق عملها لكي نتمكن جميعا من انقاذ بيئتنا واستعادة حق الناس في ان يعيشوا على ارض جميلة تغنى بها المؤرخون لآلاف السنين، اسمها البحرين.
المحرر الحقوقي
العدد 1044 - الجمعة 15 يوليو 2005م الموافق 08 جمادى الآخرة 1426هـ
من هو هذا المحرر الحقوقي
أحسنت أيها المحرر الحقوقي المتقدم على وقتك
قلتها إذن منذ 2005
من أنت؟