تاريخ حزب الدعوة الإسلامية "فرع البحرين" ليس موثقا بعد، وعندما حاولت توثيقه منذ بداية تأسيسه في العام 1968 حتى حله العام 1984 لم تكن الصعوبات قليلة. فالذين تحدثوا عن تاريخ الحزب طلبوا عدم الافصاح عن هوياتهم، والفاعلون على الساحة السياسية الحالية لهم وضعيتهم التي لا يودون إثقالها بتاريخ شابه الكثير من التعقيد. ولكن الأمانة التاريخية تتطلب طرح مدخل قد يفسح المجال لتعميق الفهم لطبيعة الحركة الاجتماعية - السياسية الحالية، اضافة الى نقل واحدة من تجارب الوطن إلى من يهتم بالشأن العام وتاريخ البحرين، وربما تتواصل حلقات أخرى لاحقا.
حزب الدعوة الإسلامية "الأم" تأسس في العراق العام 1958 على يد مجموعة من علماء الدين والمثقفين الإسلاميين، من بينهم السيدمحمد باقر الصدر والسيد محمدحسين فضل الله والشيخ عارف البصري، وغيرهم من طلائع الحركة الإسلامية الشيعية في العراق آنذاك.
الحوزة العلمية في النجف الأشرف فوجئت في نهاية الخمسينات من القرن الماضي بتوسع ظاهرة الأحزاب السياسية "الاسلامية وغير الاسلامية" وامتدادها إلى صفوف الجامعيين ومن ثم إلى صفوف رجال الدين في الحوزة العلمية في النجف الأشرف.
بعض الإسلاميين الشيعة "مثل الشيخ عارف البصري" كانوا قد التحقوا بحزب التحرير "حزب إسلامي سني"، وآخرون مالوا او التحقوا بحزب "الاخوان المسلمين"، بينما توجهت مجاميع الشباب إلى الأحزاب القومية والعلمانية الأخرى.
لكن علماء الشيعة لم تكن فكرة "الحزبية" واضحة لديهم أو مقبولة بصورة عامة لأنها تتعارض مع التراتبية - الهيكلية الدينية التي تطرحها الحوزة العلمية، وكانت هذه واحدة من المعضلات التي لازمت تأسيس حزب الدعوة، والتي حدت من نفوذه لاحقا وأدت إلى خروج عدد غير قليل من علماء الدين منه لاحقا.
منذ أن تأسست الجامعة الدينية في النجف الأشرف "الحوزة الدينية" قبل ألف عام والشيعة أصبحت لديهم "تراتبية هرمية" قائمة على مفهوم الفقهاء العدول الواجب اتباعهم. وتطور هذا المفهوم لاحقا في القرن الثالث عشر الميلادي عندما تطورت "المدرسة الأصولية" في الفقه الشيعي التي طرحت الاجتهاد وتحدثت عن وجوب "أو استحباب" تقليد "اتباع" الفقيه الأعلم، وبالتالي تعززت الهرمية أكثر.
وفي القرون اللاحقة ظهرت حوزة دينية منافسة للنجف في كربلاء المقدسة، ولكن حوزة كربلاء ابتليت باختلافات كبيرة بين فقهائها أدت إلى تدمير موقعها في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. فقد أدى انتشار الفوضى على يد مجاميع من الشباب الذين اعتبروا أنفسهم مسئولين عن المدينة ومنعوا السلطان العثماني من دخولها عشرات السنين حتى اربعينات القرن التاسع عشر الميلادي للقلاقل. وأدى الاضطراب إلى ان تدخل القوات العثمانية مدينة كربلاء في أربعينات القرن التاسع عشر وهتك حرماتها.
كما ان كربلاء شهدت في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي ظهور مدرسة متفرعة من أحد تلامذة الفقهاء في كربلاء آنذاك، وهي ما عرفت بـ "البابية" وهي مدرسة أدانها العلماء لأن صاحبها كان يقول إنه "الباب" للإمام المهدي "ع". كما دخلت إلى المذهب الشيعي ممارسات كثيرة في مراسم العاشوراء بعد دخول أفواج كبيرة من المسيحيين من آسيا الوسطى ومن غير المسلمين من الهند، وغيرها من المناطق، إلى المذهب الشيعي آنذاك. وأصبحت بعضالممارسات التي لم يقرها أكثرية الفقهاء جزءا من شعائر المذهب الشيعي لاحقا.
أدت المشكلات التي حدثت في النصف الأول من القرن التاسع عشر إلى توحد كلمة فقهاء الشيعة على اعتماد "النجف" مركزا لـ "المرجعية الدينية العليا"، ومنذ ذلك الحين تعزز موقع النجف الأشرف في التنظيم الهرمي الديني الشيعي. وحتى عندما تأسست حوزة قم المقدسة في عشرينات القرن العشرين فإنها لم تطرح نفسها منافسا للنجف، وإنما مكملا لها، وبقيت بذلك النجف مركز الثقل الأساسي.
ولذا فأن محاولات ظهرت لاحقا لإعادة تأسيس كربلاء المقدسة مركزا للمرجعية الدينية ولكن تلك المحاولة لم تنجح ومازالت غير مقبولة شيعيا بصورة عامة.
المعضلة التي واجهها مؤسسو حزب الدعوة الإسلامية هي موقع قيادة الحزب "عندما يتشكل" مع موقع المرجعية الدينية.
في البداية لم تكن المشكلة واضحة، لأن الحاجة طرحت نفسها على حوزة النجف، كان الحديث الذي يدور في اوساط الحوزة هو ان غياب الحزب البديل يعني غزو الاحزاب للجامعات وحتى الحوزة نفسها.
الصف الثاني آنذاك كان يتكون من شخصيات مثل محمد باقر الصدر ومحمد حسين فضل الله وغيرهما. وهؤلاء فكروا في ان عدم وجود "حزب" للمسلمين الشيعة سيعني ان الأحزاب الأخرى "الحزب الشيوعي كان قويا جدا" ستضمهم زرافات زرافات، وسيزحف العمل الحزبي السري المنظم بصورة أكبر إلى داخل الحوزة العلمية في النجف الأشرف شاءوا أم أبوا ذلك. ولذلك كان عليهم ايجاد البديل، وهكذا شرعوا في تأسيس "حزب الدعوة الإسلامية" في العام 1958 لاحتواء شباب الشيعة في الجامعات وعلماء الدين الذين بدأوا يتجهون نحو العمل الحزبي.
حزب الدعوة استقى المفهوم التنظيمي للحزب من الأجواء التي سادت آنذاك. فالحزب المطروح انذاك هو الحزب الجماهيري - الشمولي الذي ينظم حياة المجتمع ويقوده نحو غاية معينة. واعتمد مفهوم الحزب على الأسس نفسها التي كانت متداولة في الهرمية العمودية "الصارمة"، والسرية التامة، والتنظيم المركزي لكل شيء، والتوجيه الايديولوجي لكل صغيرة وكبيرة في شئون الحياة العامة للناس والخاصة للأعضاء.
هذا الطرح لمفهوم الحزب احتاج إلى تبرير فقهي لوجوده، ولكن المهمة كانت سهلة لأن هناك حزبين إسلاميين "حزب التحرير والاخوان المسلمين" وقد بررا وجودهما، اذ كانا موجودين على الساحة العراقية وكانا يطرحان المبررات الفقهية والفكرية الإسلامية، وما كان على حزب الدعوة الا ان يجد التبرير الفقهي الشيعي المقابل والقريب للتفسير المطروح من قبل الإسلاميين السنة. ولذلك فإن المواد الفكرية والتنظيمية لحزب الدعوة في بداياته لم تكن مختلفة كثيرا عما كان يطرحه أعضاء حزب التحرير أو الاخوان المسلمين، علما بأن أحد قيادي الحزب "الشيخ عارف البصري" كان عضوا في حزب التحرير.
وعليه فقد طرح حزب الدعوة مبررات فقهية مستمدة من مفاهيم الفقه الشيعي، مثل "مقدمة الواجب واجبة". وشرحوا ذلك بأن "الوضوء ليس واجبا بحد ذاته، ولكن بما ان الصلاة لا تصح إلا مع الوضوء يصبح الوضوء واجبا ايضا". ولذلك فإنه وبما ان اقامة المجتمع الإسلامي القويم واقامة الحكم الإسلامي على هذا المجتمع "واجبة على المسلم الملتزم"، وبما ان وسيلة التنظيم الحزبي "ثبت انها الوسيلة الأفضل لقيادة المجتمعات، فإن التنظيم الحزبي يصبح واجبا. واستخدم الحزب تعبير "داعية" لأعضاء الحزب، وهو شبيه بما كان الاخوان يطرحون في ادبياتهم، وهو تعبير مرادف لمصطلح "رفيق" لدى الاحزاب الشيوعية والاشتراكية.
عندما تأسس حزب الدعوة في النجف الاشرف في نهاية الخمسينات كانت "كلية الفقه" التي انشئت على النهج الاكاديمي الحديث في النجف تستقطب أذكى الشخصيات الشيعية من كل مكان، وكانت واحدة من المصادر الرئيسية التي اعتمد عليها حزب الدعوة لاجتذاب كوادره الأولية. وكان ممن التحقق بتلك الكلية "بالإضافة إلى التحاقه بدراسات الحوزة التقليدية" الشيخ سليمان المدني "رحمه الله"، ولاحقا التحق بها ايضا الشيخ عيسى أحمد قاسم، واخرون.
الحديث مع قدامى أعضاء حزب الدعوة يؤكدون ان الشيخ سليمان المدني كان أول بحريني أنتمى إلى حزب الدعوة الإسلامية، وكان أول من دعا إلى تشكيل فرع للحزب بعد عودته إلى البحرين في منتصف الستينات من القرن الماضي. ولكن تشكيل هيئة قيادية للحزب لم يتم الا في العام 1968 عندما انتظم عدد من الجامعيين الدارسين في بغداد إلى حزب الدعوة، وعادوا إلى البحرين ليضموا يدهم إلى يد الشيخ سليمان المدني ويشرعوا في تأسيس أول نواة لفرع حزب الدعوة الإسلامية في البحرين وذلك في العام .1968
انطلق الحزب بصورة سرية تامة، وضم إلى صفوفه عددا غير قليل من مثقفي الشيعة "مازالوا موجودين وذكر اسمائهم ربما لا يرضيهم".
وعندما حصلت البحرين على استقلالها وبدأت الحياة الدستورية من خلال المجلس التأسيسي "1972" وثم المجلس الوطني "1973" كانت كوادر الحزب الرئيسية تعمل بصورة ذاتية، ان لم تكن بصورة تنظيمية، للدخول في الساحة السياسية والاجتماعية من أوسع أبوابها.
فكوادر الحزب كانوا خلف تأسيس "الكتلة الدينية" في المجلس الوطني. وهذه الكتلة كان لها زعيمان، الشيخ عيسى أحمد قاسم داخل المجلس الوطني، والشيخ سليمان المدني من خارج المجلس، وكانت اجتماعات الكتلة الدينية تعقد دائما بحضور المدني الذي كانت بصماته واضحة على برامج الكتلة، وخصوصا أن أخاه الشهيد عبدالله المدني كان أمين سر المجلس الوطني وكان ايضا عضوا فاعلا في حزب الدعوة.
وعبدالله المدني حصل على رخصة في 1973 لاصدار مجلة "المواقف" الاسبوعية وكانت متنفسا صحافيا متقدما للتيار الذي كان يقوده حزب الدعوة. الشيخ عيسى أحمد قاسم تزعم تأسيس جمعية التوعية الإسلامية في العام 1972 وأصبحت الجمعية مؤسسة كبرى تدير الأنشطة الاجتماعية والمؤتمرات الثقافية والبرامج التعليمية، بما في ذلك انشاء مدارس للبنات.
وهكذا توسع نفوذ حزب الدعوة "السري جدا" في أوساط الاتجاه الإسلامي الشيعي البحريني، وأصبح هو السائد، سواء كان ذلك بمبادرات ذاتية ام انه كانت تنظيمية، فالنتيجة كانت واحدة.
يشار الى ان مطلع السبعينات من القرن الماضي شهدت البحرين هجرة السيدهادي المدرسي "كربلائي المنشأ" إلى البحرين. وبشار المدرسي تأسيس اتجاه آخر داخل الصف الإسلامي الشيعي. فالسيد هادي المدرسي من أتباع مدرسة السيدمحمد الشيرازي التي كانت تنطلق من كربلاء المقدسة، والتي تتعتمد في اساليبها علي الشعائر الحسينية وتنطلق منها بصورة اساسية.
على ان المنافسة بين الاتجاهين ظلت صامتة وخصوصا مع شعور اتجاه حزب الدعوة بثقله من خلال وجوده في المفاصل الأساسية للحياة العامة.
بعد حل المجلس الوطني في 1975 عادت كوادر الحزب الرئيسية لتلعب أدوارا مختلفة. فجمعية التوعية واصلت نشاطاتها و"المواقف" واصلت اصدارها.
ولكن في العام 1975 حدث أمر آخر، ففي ذلك العام أقدم النظام البعثي في العراق على اعدام خمسة من قادة حزب الدعوة، بمن فيهم الشيخ عارف البصري. حينها كان الجميع يخاف من الحكومة العراقية، والأحزاب العربية اما انها متحالفة مع النظام العراقي أو انها خائفة منه.
عندما أعدم القادة الخمسة تحركت مجلة "المواقف" التي يرأس تحريرها أحد الكوادر الرئيسية لحزب الدعوة - فرع البحرين - لتطرح موضوع إعدامهم. اغلقت المجلة ثم عادت للصدور، ولكن الشهيد عبدالله المدني عاود الحديث عن الموضوع نفسه. وكانت "المواقف" هي الوحيدة في كل انحاء العالم التي تحدثت عن اعدام خمسة من قيادة حزب الدعوة بشكل أذهل المراقبين حينها، وخصوصا أنه لا يمكن لأحد أن يتجرأ على الحكومة العراقية آنذاك، كائنا من كان.
تطور الأمر عندما قامت مجموعة من الشباب باختطاف عبدالله المدني في العام 1976 واغتياله عبر طعنه بالسكاكين في أحراش بر "سار" لتنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة أخرى.
اغتيال عبدالله المدني أسدل الستار على الفصل الأول من تاريخ حزب الدعوة الإسلامية. فالشيخ سليمان المدني ابتعد عن الحزب بعد حل المجلس الوطني، وتأكد ابتعاده بعد اغتيال أخيه الذي كان يعتبر من أذكى كوادر الحركة الإسلامية الشيعية آنذاك.
بعد ذلك مباشرة، توجهت كوادر الحزب نحو زعامة الشيخ عيسى أحمد قاسم، واستمر الوضع حتى انتصار الثورة الإسلامية في إيران العام .1979
حدثت حينها نقلات جوهرية في الأطر التنظيمية للحزب على مستوى العراق بعد ان تسلم صدام حسين الحكم وقام باعدام جميع قادة الحزب المعروفين لديه داخل العراق. وانتقلت القيادة إلى من كانوا خارج العراق، في الكويت، وثم في إيران، ولكن الاطار التنظيمي لحزب الدعوة ضرب في العمق، ولملمة القيادة والاتفاق عليها اثبتا صعوبتهما مع الأيام.
في البحرين، حار التنظيم في مجريات الأمور، وخصوصا ان الروابط القديمة مع الحزب في العراق ألغيت بعد اعدام صدام القيادات، وأصبح الارتباط مع بقية فروع التنظيم اما عبر الكويت "لفترة وجيزة جدا" ولاحقا عبر إيران. وفي هذا الوقت بدأت لندن تظهر كمركز قوة للتنظيم، ولكن المشكلات التي حصلت للتنظيم في إيران أدت إلى تفكك كثير من قواعده، ولندن لم تستطع ان تتسلم قيادة الحزب على رغم وجود كثير من الكوادر هناك.
الاشكالية في البحرين ازدادت مع طرح نظرية أخرى في الفكر السياسي الشيعي تعتمد على مفهوم "ولاية الفقيه". وهنا بدأت المشكلة أكثر وضوحا... فمن لديه القدرة على اتخاذ القرار: الفقيه الذي أعلن ان الولاية له من خلال تصديه للشأن السياسي، أم قيادة الحزب السرية؟
بينما الحزب كان يتداول هذه الأفكار كانت أجهزة الأمن البحرينية قد استكملت خطتها لضرب الحزب في نهاية العام 1983 ومطلع العام .1984 وفعلا اعتقلت عددا من قيادات فرع الحزب وتم إغلاق جمعية التوعية الإسلامية، وهرب آخرون إلى خارج البحرين.
عندما أغلقت جمعية التوعية الإسلامية في فبراير/ شباط ،1984 كانت قيادة الحزب "فرع البحرين" في واقع لا يحسد عليه بسبب ما كان يحدث للحزب الأم وبسبب اختلاف وجهات النظر وتضاربها بشأن النظرية السياسية المعتمدة. فحزب الدعوة كان "نسخة شيعية" لما هو متداول من مفهوم حزبي لدى الإسلاميين السنة، ولكن ما طرحته الثورة الإسلامية الإيرانية هو أمر مختلف تماما.
عندما اعتقلت أجهزة الأمن قياديين من الحزب "فرع البحرين" كانت الفرصة مؤاتية لإعلان حله ذاتيا قبل أن تستكمل حله السلطة بالقوة.
كوادر الحزب وقيادته ظلت تعمل بعد ذلك في أنشطتها المختلفة وتخلت عن الاسم وانتظمت في نشاطات أخرى تصب في اتجاه واحد ولكن من دون وجود تنظيم واحد يسودهم جميعا.
قبل أن يتم حل فرع الحزب في 1984 كانت لندن برزت كموقع قوة لكوادر حزب الدعوة. وفي منتصف العام 1981 بدأت الحوادث في البحرين تتجه إلى التصادم بين السلطة والاتجاه الإسلامي الشيعي. حينها كانت كوادر الحزب من الجامعيين البحرينيين في لندن يودون التحرك بشيء من الحرية لإصدار البيانات السياسية والتحرك سياسيا بشأن الوضع البحريني. وعليه تمت الموافقة على أن تتحرك الكوادر في لندن تحت اسم "حركة أحرار البحرين الإسلامية".
وفعلا بدأ النشاط الإعلامي بهذا الاسم. ولكن حل الحزب في العام 1984 أعطى معنى آخر. فحركة احرار البحرين أصبحت هي المجموعة الوحيدة التي مازالت تعمل ولم تتأثر بما حدث في البحرين.
ما بين 1984 و1986 جرت محاولة لطرح حركة أحرار البحرين بديلا تنظيميا عن حزب الدعوة داخل البحرين، ولكن المحاولة فشلت، لأن الأطر الفكرية والتنظيمية تغيرت كثيرا. ولذلك بقيت الحركة تلعب دورها في لندن فقط.
في العام 1986 تخلت أكثرية المجموعة الفاعلة حتى عن فكرة حركة أحرار البحرين، وفي فترة من الفترات لم يبق إلا اثنان أو ثلاثة على الاكثر في لندن يتحركون بهذا الاسم.
ما بين العامين 1986 و1994 ركزت حركة أحرار البحرين على الجوانب الإعلامية والحقوقية والسياسية المنطلقة من لندن، واعتمدت أساسا على نشاطات أقلية متحمسة جدا، وكانت الساحة تستقبلها بحفاوة.
عندما اندلعت الانتفاضة الشعبية في 1994 كانت الفرصة التاريخية قد سنحت لحركة أحرار البحرين لتلعب دورها، ولتعلن متحدثا رسميا باسمها، ولتمارس دورا سياسيا مؤثرا انطلاقا من لندن.
ومع مطلع العام 2001 تغيرت الظروف كثيرا وطرح عاهل البلاد مشروع "ميثاق العمل الوطني" وصوت الشعب بغالبية ساحقة على المشروع، وأفرج عن المعتقلين وعاد المنفيون والمهاجرون إلى البلاد، وتم تأسيس جمعيات أهلية تمثل الاتجاهات المختلفة، وانتظم جمهور الشارع الذي كانت تنشط من خلاله الحركة في جمعية الوفاق الوطني الاسلامية.
وعليه اختلف القائمون على أمر حركة أحرار البحرين بشأن مستقبل الحركة. وفيما خرج منها من اعتبر ان الساحة لها من يمثلها ويقودها بحسب المتغيرات المستجدة، ولم يعد هناك حاجة لاستمرار الحركة، بقي أحد أفرادها الرئيسيين في لندن وواصل نشاطات إعلامية بأسلوب آخر يختلف عن المراحل التي سبقت العام .200
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1043 - الخميس 14 يوليو 2005م الموافق 07 جمادى الآخرة 1426هـ