عندما أرسى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة قواعد الحياة السياسية والديمقراطية لمملكة البحرين بدأ جلالته بإرساء هذه القواعد بتأسيس المجالس البلدية الخمسة بمقولة جلالته الشهيرة: "سوف تتمتع مجالسنا البلدية المنتخبة بكامل الصلاحيات المتعارف عليها في العمل البلدي باعتبارها البداية الصحيحة للتمثيل الشعبي على مستوى القاعدة".
ومن هذا المنطلق بدأت المجالس البلدية مهماتها ومسئولياتها في تمثيل المواطنين على مستوى المحافظات، وحصلت هذه المجالس على الدعم الكبير والرعاية الملكية السامية، كما تعاونت أكثر الأجهزة الحكومية مع المجالس البلدية، باعتبار أن أعضاء المجالس هم الممثلون الشرعيون للمواطنين.
وقد رشح هؤلاء الأعضاء أنفسهم مع إخوانهم الذين لم يحالفهم الحظ في الفوز بمقاعد المجالس البلدية، ولابد لنا من الاعتراف بأن أعضاء المجالس البلدية ليسوا هم الأفضل من غيرهم، ولكن هؤلاء الأعضاء توافرت فيهم عدد من الصفات أهلتهم للفوز بثقة الشعب.
لعل من أبرز مهمات التمثيل الشعبي أن يتحلى عضو المجلس البلدي بسعة الصدر والحكمة في اتخاذ القرار المناسب، وأن يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وذلك من أجل نقل مملكة البحرين إلى مملكة دستورية تحكمها القوانين والأنظمة.
وبلا شك، فإن هناك البعض ممن لم يستوعب التغيير الكبير الذي حصل في سياسة المملكة ويشكك في مقدرة الأعضاء المنتخبين، ويجاهد من أجل إفشال التجربة الحديثة لهذا الوطن، ولكن ستثبت الأيام المقبلة حكمة جلالة الملك في هذه النقلة الحضارية التي شهدت لها معظم الدول المتحضرة.
ولهؤلاء البعض نقول: إن المجالس البلدية تعتبر البداية الصحيحة للحكم المحلي، إذ إن ما هو متعارف عليه على مستوى العالم أن تعطى المجالس البلدية حق إدارة نفسها بنفسها، من خلال وضع الأنظمة والقوانين التي تتعلق بمصالح المواطنين اليومية، ولكنها لا تتدخل في التشريعات القانونية التي أعطيت للمجالس النيابية.
وتأكيدا لذلك، فقد تشرف رؤساء المجالس البلدية بلقاء جلالة الملك خلال العام الماضي الذي أكد دعمه الكبير للمجالس البلدية، وتطرق إلى عدة نقاط نوضحها للقارئ:
- إن جلالته حريص على نجاح مشروع البلديات، فالعمل البلدي هو العمل الصحيح الذي يجعل المجتمع متطورا ومتحضرا.
- العمل البلدي مرتبط بالمواطن، وإعطاء المسئولية للأهالي لأن يحكموا أمورهم وأن يطوروا مناطقهم وهم أحرص على ذلك من أي جهاز آخر.
- إن للبحرين عراقة في العمل البلدي منذ عشرينات القرن الماضي، فقد كان الأمير الراحل المغفور له الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة رئيسا لبلدية المنامة.
- إن البحرين في بداية الطريق نحو الأفضل، ونحن نتلمس هذا الطريق وكل مشروع يجب أن يبدأ بالتخطيط.
- أكد جلالته وقوفه ودعمه التام للعمل البلدي أكثر من أي جهاز آخر، كما أكد استقلالية المجالس البلدية في وضع أولويات البرنامج للحكم المحلي وبكل ما يتعلق بالمجالس البلدية ورئاستها وأعضائها، ووجه إلى أن لهذه المجالس العمل على وضع المراسم للعمل البلدي.
- لاحظ جلالته تململ أعضاء المجالس البلدية، وهذا دليل على طموحهم ومحبتهم للعمل البلدي، وأكد أن المشروع الإصلاحي مشروع كبير وضخم من حيث وجود المجالس البلدية والنيابية والنقابات، إذ إن أهل البحرين تجاوبوا مع الخطوات الإصلاحية التي هي هدفه الرئيسي، وذلك مثل طيب أشاد به الجميع.
ومن هذه المنطلقات، فإن أي تمثيل شعبي لا يمثل فيه أعضاء المجالس المنتخبة يعتبر تمثيلا غير قانوني وغير ديمقراطي، ويستهدف الإساءة إلى المشروع الحضاري الذي يقوده جلالة الملك المفدى، كما أن أي تمثيل يعتمد على فئة دون أخرى يعتبر تمثيلا باطلا، ولا يعبر عن وحدة هذا الشعب الكريم
العدد 1042 - الأربعاء 13 يوليو 2005م الموافق 06 جمادى الآخرة 1426هـ