كنت أراقب تصويت النواب على صرف المكافأة الشهرية لهم بعد انتهاء مدتهم في المجلس فكنت أدقق في تلك الوجوه التي كانت تتبادل النظرات فيما بينها على استحياء، وكل منهم ينتظر تصويت الآخر والمجلس يخيم عليه صمت غريب، إذ لا مداخلات ولا نقطة نظام، ولا تعليق كما يجري عادة عندما يطرح أي ملف للمناقشة أو للتصويت، بل هدوء وسكون وأنامل تضغط زر الموافقة، وأخرى تضغط زر الرفض، وأيضا أخرى غلبت عليها الحيرة والخجل معا فضغطت على زر الامتناع، إلا أن الموافقين غلبوا على أمر غيرهم فتمت الموافقة على تقاعد النواب.
ما جعلني أسبح في بحر من العجب العجاب أن بعضا من النواب الموافقين على تقاعد النواب، كانوا يعترضون على زيادة رواتب الموظفين بحجة إنهاك الموازنة العامة للدولة، بل إن بعضا منهم رفض اقتراحا برغبة لبناء وحدات سكنية في إحدى القرى البائسة، بحجة أن ذلك "تمييز" وأن المشروعات الإسكانية يجب أن تشمل مختلف المدن والقرى وليس قرية واحدة فقط.
هؤلاء هم النواب الذين سيحسنون من مستوى المعيشة للشعب، وهؤلاء هم النواب الذين سيبعدون الشعب عن خط الفقر والبؤس والحاجة، والسؤال، هؤلاء هم النواب الذين أقسموا بالقرآن المجيد، وبالتوراة والإنجيل والزبور، عندما أرادوا الترشح على أن يكونوا العين الساهرة التي ترصد آلام الفقراء والبؤساء والضعفاء من الشعب، وأن يحققوا لهم الحياة الرغيدة السعيدة.
لا يمكن النكران بأن في مجلس النواب قلة لم يترددوا في الضغط على زر الرفض لهذا المقترح، ولكن هناك أيضا من لم يتردد في الضغط على زر الموافقة، فأمن مستقبله، باستخدام قبة البرلمان، وباستخدام صوت النيابة عن الشعب الذي أوصل أولئك النواب إلى تلك المقاعد، وأتمنى أن يتجرأ النواب عندما يعدون إنجازاتهم أمام ناخبيهم أن يكون الإنجاز الأكبر وهو "تقاعد النواب" على رأس القائمة
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1042 - الأربعاء 13 يوليو 2005م الموافق 06 جمادى الآخرة 1426هـ