العدد 1039 - الأحد 10 يوليو 2005م الموافق 03 جمادى الآخرة 1426هـ

الاتحاد مع الهند!

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

ربما يستغرب المراقب لو طرحت فكرة "وحدة اقتصادية" بين الدول الخليجية والهند، ولكن الواقع يقول إن هذه الوحدة قائمة فعلا ولو بصورة مشوهة.

فقبل استقلال الهند في نهاية الأربعينات من القرن الماضي، كانت بريطانيا تدير الشئون السياسية والاقتصادية للدول الخليجية من الهند، وكانت العملة المستخدمة حتى الستينات من القرن الماضي هي "الروبية" الهندية، وقيمتها كانت القيمة التي تحددها الهند، سواء عندما كانت تحت الاستعمار البريطاني أو بعد استقلالها بفترة.

الهنود قبل حقبة النفط كانوا اما من التجار "البونيان" أو انهم كانوا جزءا من الإدارة البريطانية. ففي البحرين، كانت إدارة الدولة يرأسها المستشار البريطاني تشارلز بليغريف ما بين 1926 و،1957 وكان كثير من الهنود يقومون بمهمات ادارية تحت رئاسته.

بعد الاستقلال، وبعد بدء حقبة النفط والمدخول النفطي المرتفع في منتصف السبعينات اتجه الخليجيون إلى التعامل مع نوع آخر من الهنود، وهم الفقراء وعديمو المهارة، وشرعوا في استجلابهم إلى الدرجة التي أصبح وجودهم في أوساطنا "ضرورة حياتية" لا نستطيع أن نعيش من دونها. فالهنود هم الذين يشيدون العمران والشوارع وهم الذين يقومون بالأعمال الشاقة.

مع مطلع القرن الحادي والعشرين أصبحت لدينا في الخليج طبقة عاملة "وفي كثير من الأحيان مستضعفة" من الهنود المقيمين بصورة دائمة معنا في بلداننا. ونشأت أيضا طبقة متوسطة من الهنود الذين يديرون الشئون المالية والإدارية لأكثر شركات القطاع الخاص في كل الدول الخليجية. بل ان إمارة دبي تعتمد الآن على الهنود من الطبقتين العاملة والمتوسطة الهنديتين وستحتاج إلى المزيد منهم مع توسع اقتصاد الإمارة.

غير اننا نتحد مع فقراء الهند بصورة أساسية، وهؤلاء يوجدون في بلادهم بصورة فائضة على الأقل للخمسين سنة المقبلة. وبما أننا أصبحنا نعتمد على الهنود في مختلف شئون حياتنا فإنه سيكون من الواجب علينا أن نعترف بحقوقهم، سواء شئنا ذلك أم أبينا. فهناك اتفاق دولي سيتم فرضه على جميع الدول الخليجية من قبل الأمم المتحدة "بضغط من جمهورية الهند التي تزداد قوتها دوليا" وسيتحتم على حكومات الخليج ضمان حقوق الطبقة العاملة الهندية والطبقة المتوسطة الهندية مدنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، بما في ذلك حقهم في الجنسية بعد أن يعيشوا ويخدموا في بلداننا عشرات السنين.

إذا، اننا في اتحاد "غير معلن" مع الهند، وهذا الاتحاد لم نخطط له على رغم اننا نحاول أن ننكره ونتنصل منه، بينما هو حقيقة واقعة. لكن هذا الاتحاد الاقتصادي بين الخليج والهند انما هو وحدة مع "فقراء الهند المدقعين" وليس مع الهنود الذين ينافسون الأميركان والأوروبيين في مستوى المعيشة... ولذلك فان مستوى المعيشة في بلداننا من المتوقع ان يهبط ويهبط حتى يصل الى مستوى فقراء الهند الذين ربطنا مصيرنا بهم، والدليل ما يحدث في البحرين من هبوط مستمر لمستوى المعيشة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1039 - الأحد 10 يوليو 2005م الموافق 03 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً