العدد 1038 - السبت 09 يوليو 2005م الموافق 02 جمادى الآخرة 1426هـ

الخليج وإفريقيا... علاقة تحتاج إلى تجديد

منيرة أحمد فخرو comments [at] alwasatnews.com

اتجهت أنظار العالم الأسبوع الماضي إلى اسكوتلندا إذ اجتمع رؤساء الدول الثماني الأغنى لبحث القضايا التي تؤرق العالم، وعلى رأسها قضية الفقر وخصوصا في إفريقيا. إن الحال التي انحدر إليها الكثير من الدول الإفريقية تدعو إلى اتخاذ جميع الوسائل الممكنة لتغيير وضعها. ففي كل 3 ثوان يموت طفل في إفريقيا بسبب الجوع أو فقدان الدواء. وما الحفلات التي أقيمت في 10 دول حول العالم "لايف 8" وشاهدها نحو 3 مليارات نسمة إلا تعبير عن صرخة العالم أجمع لوقف الهدر الذي يسببه الفقر سواء على مستوى البشر أو المال العام، وما يتولد من حروب أهلية ذهب ضحيتها الملايين كما حدث في رواندا ودارفور وقبلها في القرن الإفريقي.

وتصل ديون القارة إلى 272 بليون دولار كما يقدر معدل دخل الفرد سنويا بنحو 308 دولارات وهو يعتبر بجميع المقاييس أدنى متوسط دخل في العالم.

ويذكر تقرير الهيئة التي شكلها رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير لتقييم الوضع في افريقيا أنها تحتاج إلى 25 بليون دولار سنويا "أو على مدى 3 إلى 4 سنوات مقبلة" كي تنهض من واقعها الاقتصادي المؤلم. إلا أن بعض الخبراء يؤكدون أن الدول المانحة أنفقت على القارة السوداء منذ العام 1960 حتى 2003 ما قيمته 568 بليون دولار على شكل برامج اقتصادية ومالية كلها فشلت في تحسين وضعها. ويعود السبب إلى كون المشروعات الكبرى يخطط لها في الخارج ولا تحظى بمتابعة مستمرة من الدول المانحة.

وما يزيد الوضع استفحالا أن مجموعة الدول والمنظمات الدولية المانحة تتبرأ من المسئولية ساعة فشل أي مشروع، لذلك ينصح هؤلاء الخبراء بالابتعاد عن الأهداف الكبرى مثل إزالة الفقر كلية من إفريقيا واللجوء إلى المنظمات الفردية التي تعمل في جهات مختلفة من إفريقيا، فهي تركز على قضية معينة واحدة مثل توفير الماء المعقم النظيف أو توزيع الأدوية على طلاب المدارس لإزالة الديدان المعوية أو على برنامج محدد للقضاء على الأمية.

إن تجزئة المشروعات بهذه الصورة تعطي مردودا إيجابيا أكثر مما تعطيه الصورة الضخمة التي لا تذهب إلى التفاصيل ولا إلى حاجة كل بلد على حدة إذ يتفاهم المانحون مع السكان المحليين، وهم أدرى بما يعانون ويحتاجون. ويزيد من استفحال المشكلة فساد بعض الحكومات الإفريقية التي تحول الكثير من تلك المساعدات إلى حسابات سرية في الخارج. ويوجه الكثير من الانتقاد إلى الحكومة الأميركية التي تقدم مساعدة مالية للعالم ما يعادل 0,16 في المئة من دخلها الوطني، بينما تقدم دول أوروبا نسبة أكبر. ولكن المبالغ التي تقدمها الولايات المتحدة أكبر بكثير مما تقدمه أوروبا. كما أن الأوروبيين يقدمون هذه المساعدات عن طريق الحكومات المحلية بينما تعمل أميركا من خلال المؤسسات الخاصة والخيرية والكنائس.

إن أهم التوصيات التي ينادي بها الخبراء تتشكل في عدة أوجه؛ فإلى جانب الدعم المالي للمشروعات المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، يأتي دعم اتفاقات السلام ومحاولة حل المشكلات قبل حدوثها وتحولها إلى صراعات دموية تدمر كل شيء. كما يتطلب من الدول المانحة تطوير الزراعة وتحسين إنتاجها في الدول الإفريقية.

بقيت ملاحظة أخيرة عن مساهمة دول الخليج في إنقاذ إفريقيا، فعلاقتنا مع تلك القارة تمتد أجيالا طويلة، وقد كانت سفن أجدادنا تصل إلى شتى المرافئ الإفريقية وخصوصا ممباسا على الساحل الشرقي من كينيا، وكذلك جزيرة زنجبار التي حكمها العمانيون لفترة طويلة، ولايزال الكثير من الخليجيين يستثمرون أموالهم في تلك الجزيرة. إن العلاقة الثقافية التي تربط الخليج بساحل إفريقيا الشرقي تتمثل في الفنون المحلية التي جلبها الخليجيون من أصل افريقي معهم وخصوصا الرقص الشعبي والموسيقى كالليوة والطنبورة. كما امتزجت اللغة السواحلية بالكثير من الألفاظ العربية. ولا ننكر أن مساعدات كثيرة قد قام بها أفراد من الخليج وعلى سبيل المثال المشروع الذي قدمته الكويتية لولوة القطامي وذلك بجمع التبرعات من الكويتيين وبناء قرية حنان في السودان في عقد الثمانينات. كما قامت سيدة فاضلة أخرى من الكويت هي فاطمة جوهر حياة بجمع التبرعات وتوزيع الغذاء في مناطق المجاعة جنوب السودان. كما يجب ألا نبخس دور الجمعيات الإسلامية الخليجية التي تبرعت ومازالت تتبرع بالكثير لأبناء إفريقيا، إلا أن المؤاخذة الوحيدة عليها اقتصارها على المناطق الإسلامية توزع فيها تبرعاتها وخدماتها. المطلوب حاليا مساهمة الحكومات الخليجية في تلك الحملة لإنقاذ إفريقيا من الفقر. أما المؤسسات الخاصة والأفراد فينبغي عليها التواصل مع منظمات المجتمع المدني في الدول الإفريقية ومعرفة مدى حاجتها، وبالتالي تقدم التبرع المطلوب.

إن شعار هذه المهرجانات الغنائية "أن نجعل الفقر جزءا من الماضي" يبدو كأنه بعيد المنال، إلا أن مساعدة إفريقيا حتما ستغير الأوضاع بصورة أفضل مما كانت عليه سابقا

العدد 1038 - السبت 09 يوليو 2005م الموافق 02 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً