مدينة الضباب اختلط خميسها الدامي برائحة الدم والجسد النيئ المتفحم. واستلقى عليها ألف سؤال وسؤال... هل تستحق لندن عاصمة الديمقراطية والحريات الدينية ودولة القانون والمؤسسات ما جرى عليها؟ كثير من الدول العربية الدكتاتورية راحت تهمس في أذن الحكومات البريطانية المتعاقبة حذار من المعارضات العربية الإسلامية وغير الإسلامية إنهم يستغلون مناخك المفتوح لتسميم مناخات بلادهم... ان مدينتك المفتوحة الجميلة ستصبح أشبه بشارع عربي حزبي ملوث... انهم سينقلون لك أمراضهم الحزبية... يوما ما ستدفعين الثمن... كانت مثل هذه الحكومات تحاول خلط الأوراق ما بين المعارضات العربية السلمية والأخرى من دعاة العنف وما كانت بريطانيا لتصغي أو تعطي أذنا صاغية لكل هذا الصراخ العربي. الآن تفيق بريطانيا من غيبوبتها، ولكن السؤال هل ستضع بريطانيا كل الجاليات العربية بشتى أطيافها في سلة واحدة؟
والسؤال: هل يستحق البريطانيون في لندن ان يقتل أبناؤهم والمدنيون منهم هكذا؟ المواطن العربي عاش في بريطانيا أفضل مما عاش في أية دولة عربية... يحتضن... يفتح له الإعلام، يؤسس صحيفة... يعطى سكنا يمنح جواز سفر يمنح تعليما له ولأطفاله... يقول ما يشاء يبني له مسجدا، مركزا.. يقيم مؤتمرات... ينتقد وبقوة سياسة الحكومة... يخرج مظاهرات... يعطى ما لا يعطى في بلاده.
وكيف كانت النتيجة؟ وان بعض من سقطوا ضحايا هم من الذين ربما شاركوا أيضا في مظاهرات مناوئة للحرب على العراق! والآن ماذا نقول لذويهم؟
أنا أعتقد أن التفجيرات - إذا ما ثبت بالبرهان ان تيارا إسلاميا وراءها - ستعزز موقف طوني بلير، ذلك أن الأخير راح يردد في كل حملاته الإعلامية والانتخابية بخطورة الإرهاب وربما يصل حتى إلى لندن. البعض قال: إن خطابه كان خطابا ديماغوجيا انتخابيا الآن البريطانيون سيقرأون الخطاب والدعوة على أنها كانت صحيحة وواقعية.
ان موقف مفتي السعودية الشيخ الفاضل عبدالعزيز آل الشيخ كان سريعا، إذ ندد بتفجيرات لندن وهو موقف ينبغى أن نتخذه.
السؤال: ماذا لو أن الذي حدث في لندن حدث في أية دولة عربية كيف ستكون النتيجة وكيف ستتعاطى المخابرات... التي تأخذ العائلة بكاملها بجريرة الابن؟
بالأمس أدى المسلمون في بريطانيا صلاتهم بأفضل وجه بل تمت حراسة المساجد من قبل رجال الأمن وأنا كنت أشاهد قناة "BBC" فتم إجراء مقابلة مع مفكر عربي أمين عام مركز إسلامي راح يعرض موقف الإسلام والمسلمين عن السلام وعن ادانة المسلمين لما حدث والسؤال: هل بإمكان إلى اقلية عددية أو نوعية في بلداننا ان تدافع عن نفسها في الإعلام وفي سخونة الحادث، أو تقوم الصحافة والإعلام باطلاق رصاص التعميم على الجميع بل الاتهام المسبق الجاهل الموضوع في ثلاجات المخابرات أو الصحافة أو الإعلام؟
يجب أن نفرق بين الحكومات الغربية والمدنيين الغربيين والشعوب الغربية لو أن حكومة عربية أجرمت في حق شعب غربي هل يحق لهذه الشعوب أو لأفراد منها ان ينتقموا منا نحن العرب والمسلمين.
دعونا نعود أنفسنا على أدب الحوار، وعلى روحية الاختلاف ليس هناك شخص يستطيع أن يدعي الفهم الكامل والحقيقة المطلقة في كل أفعاله
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1038 - السبت 09 يوليو 2005م الموافق 02 جمادى الآخرة 1426هـ