بحسب إحصاءات الحكومة الرسمية فإن معدل الغلاء في البحرين يقترب من الصفر، وان البحرينيين - من دون غيرهم - ليست لديهم مشكلة غلاء في الأسعار. المشكلة أن هذه الإحصاءات الرسمية لا يصدقها المواطن ولا يصدقها المقيم، ولا نعرف لماذا تصر الإحصاءات الرسمية على التصريح بخلو البحرين من مشكلة غلاء الأسعار.
خلال الأيام الماضية ازدادت أسعار كثير من المواد الاستهلاكية، بما فيها الأدوية التي زادت بمعدل 5 إلى 10 في المئة، بينما ازدادت أسعار الخضراوات والفواكه أكثر من ذلك، وفي بعض الأحيان تصل الزيادة إلى 100 في المئة ثم ترجع الى مستوى ادنى.
أما أسعار الأراضي فإن الزيادة فيها مستمرة وتفوق نسبة 100 في المئة، وأصبحت العقارات حاليا فوق متناول المواطن سواء كان من فئة الطبقة دون المتوسطة، أو الطبقة المتوسطة. مع كل ذلك، فإن الإحصاءات الرسمية التي تصدر سنويا تقول، وتكرر القول، ان معدل الغلاء منخفض جدا وفي بعض الأحيان تشير إلى المعدل بالسالب، بمعنى أن الأسعار انخفضت بدلا من أن تصعد.
ولكن كيف تستنتج الإحصاءات الرسمية معدل الغلاء؟ وما هي الأسس؟ وكيف يتم تدقيقها؟ ومن يدققها قبل إصدارها؟ هذه وغيرها من الأسئلة لن تجد لها جوابا شافيا.
من المعروف أن هناك عدة اساليب لقياس معدل الغلاء في هذا البلد أو ذاك، ومن الوسائل الأكثر اتباعا هي قياس سعر السلة الغذائية. ففي كل فترة يتم تحديد متوسط السلة الغذائية لمتوسط العائلة. بمعنى، ماذا تحتاج العائلة المتوسطة من أكل وشرب ومواد تحتاج إليها بصورة أساسية من أجل معيشتها. وبما أن عادات الناس تتغير ومشترياتهم تتغير فإن مراكز الرصد الاحصائي تقوم بتعديل السلة الغذائية، ومن ثم تسعيرها ومقارنتها بالسعر الذي كانت حددته للفترة التي سبقت، وعليه يتم تحديد معدل الغلاء الرئيسي.
ولكن بالنسبة إلينا فإننا لا نعلم ما إذا كانت هناك "سلة غذائية" للعائلة البحرينية يتم قياسها. والحكومة بإمكانها أن تدعي ما تشاء من معدل للغلاء مع انعدام مفهوم السلة الغذائية أو من يحددها.
فاذا كانت الحكومة تعتبر السلة الغذائية هي "الخبز العجمي" الذي ينتجه التنور التقليدي، وتضيف اليه بعض المواد التي لا يتغير سعرها كثيرا، مثل السمك المجفف، فإن الأسعار لا تتغير وربما تنزل أيضا، ويصبح المعدل الرسمي للغلاء "المنشور حاليا" صحيحا. ولكن صحته قائمة على أسس افتراضية ووهمية غير موجودة على أرض الواقع.
فالبحريني اليوم يصرف الكثير من المال في المطاعم والمقاهي ويشتري كثيرا من حاجياته من المجمعات التجارية المكيفة، وقلما تجد بحرينيا يتجول في أسواق المنامة القديمة، و"خبز الرقاق" ليس هو الغذاء الرئيسي للعائلة البحرينية.
معدل الغلاء في البحرين لا يقل عن 7 في المئة بالنسبة إلى المواد الاستهلاكية التي يحتاج إليها من يعيش في البحرين، والغلاء في سوق العقار هو 100 في المئة أو يزيد، والغلاء في نمط المعيشة "المقاهي الكباتشينو...إلخ" أكثر من المعدل الاعتيادي بسبب ازدياد الإقبال عليها.
آن الأوان للحكومة أن تطرح تعريفا حقيقيا لمعدل الغلاء، وأن توضح الأسلوب المتبع لتحديده، لأنه ومن دون هذه المعلومات فإن من يعيش في البحرين لن يصدق المعدل الرسمي الذي تنشره وزارة المالية
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1038 - السبت 09 يوليو 2005م الموافق 02 جمادى الآخرة 1426هـ