العدد 1037 - الجمعة 08 يوليو 2005م الموافق 01 جمادى الآخرة 1426هـ

سوء استغلال جوانب التميز... بهلوان السهلة مثالا

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

العطلة الصيفية بدأت وبدأ معها الملل والضجر. الأسر ميسورة الحال خططت منذ فترة لبرنامجها الصيفي الذي عادة ما تقضيه في الدول الباردة هربا من فترة الصيف الحارة المزعجة، وكعادتها كل عام لم تبق سوى العوائل المغلوب على أمرها علها تجد خلال فترة بقائها في الصيف برنامجا مناسبا يذهب عنها الملل والفراغ، فقد بدأت المؤسسات المختلفة في إبراز إعلاناتها للبرامج الصيفية، والتي تتسم في غالبيتها العظمى بالخجولة والهزلية نظرا لتواضع الموازنات المخصصة لذلك الغرض. وبدأت شوارع البحرين في نشر الإعلانات الخاصة بمهرجان صيف البحرين الذي لم نسمع عنه شيئا إلى الآن سوى أن هناك مهرجانا حاله كحال المهرجانات في السنوات السابقة: إمكانات متواضعة وأداء ضعيف وإعلام يكاد لا يذكر وسوء استغلال الكفاءات والإمكانات المتوافرة في البحرين والاعتماد بشكل كبير على الخبرات الخارجية، وكأن البحرين تخلو من وجود الخبرات والكفاءات على رغم توافرها، إذ ان البحرين تعج بالكفاءات على جميع المستويات والأصعدة، وأبرز مثال على ذلك جمعية الإسكافي البحرينية التي أشهرت حديثا والتي خطت بيديها لوحات فنية جميلة في مناطق مختلفة من البحرين، واستطاعت أن تحفر اسمها بين أسماء الجمعيات المختصة بالجانب الفني، إذ كان آخر مشروعاتها تزيين سور عين عذاري. ولا ننسى بهذا الصدد ذكر المرسم الحسيني الذي أتحفنا طوال هذا العام بالكثير من الإبداعات... آخرها مجسم الكرة الأرضية في كورنيش الملك فيصل.

هذه جميعا تعبر عن وجود خبرات وكفاءات في البحرين تحتاج فقط إلى تشجيع ودعم، ويبدو إننا لا نستطيع حتى تقديم هذا النوع من المساعدة بدليل إننا لا نشيد بجهود هؤلاء إلا نادرا، وبالتالي لم نقم بالدور المطلوب منا كجمهور مخلص.

على كل حال، نجزم بأننا فشلنا في الإعداد والتخطيط لبرنامج مهرجان صيف البحرين طوال السنوات السابقة ونأمل أن نجد أنفسنا على خريطة المهرجانات من خلال تلافي الأخطاء وتصحيح جوانب التقصير ما أمكن، فدبي على سبيل المثال نموذج يحتذى في التنظيم والإعداد للمهرجانات بأنواعها، وبالتالي نشاط اقتصادي ملموس، والكويت أيضا لديها تجربة جيدة وأيضا مدينة جدة.

أنا لا أستطيع أن أفهم سر الإصرار على عدم استغلال جوانب التميز والبروز لدى المواطن البحريني. شيء محير للغاية، فجميع شعوب العالم تقدر ما لدى مواطنيها بل تعمل على استغلال ما لديها بأقصى قدر ممكن، إلى درجة أن هناك الكثير من الشعوب لا توجد لديها جوانب تميز، ولكنهم يعملون جاهدين على اصطناع ذلك والعمل على الترويج له. ففي بلد مثل تايلند يتباهون لأن بإمكانهم ركوب الفيلة ووضع الثعابين فوق رقبتهم ويروجون له حتى أصبح ذلك للناس هدفا للذهاب إليها ومشاهدة ذلك.

مثال آخر الفتى الباكستاني والملقب بأطول رجل في العالم يتجول من بلد إلى بلد ومن مكان إلى آخر ليلتقط الناس معه صورا، وبالتالي يتخذ ذلك مصدر رزق له. الحال لدينا مختلف تماما، فشخص مثل علي مشيمع والملقب بـ "بهلوان السهلة"، كان يجب على الجهات المسئولة العمل على استغلال جوانب التميز لديه كرجل خارق، أطفالنا الصغار نادرا ما سمعوا عنه، والسبب يكمن في ان الإعلام لم يقم بدوره اتجاهه، فهناك تعتيم إعلامي وتقصير. والرجل يشعر بأنه لم يعط حقه، وهذا شيء صحيح بكل المقاييس، إذ لم نسمع يوما أنه تمت استضافته سواء داخل البحرين أو خارجها، وكيف له أن يمثل البحرين في الخارج والناس داخل البحرين بالكاد تعرف اسمه. رجل كهذا وصل إلى العقد الخامس وإلى الآن لايزال بانتظار فرصة تعطى له، وفي أكثر من مرة أكون متجهة إلى منطقة السهلة، فأجد أن هناك عشرات من أهالي المنطقة يتجمهرون، فأعتقد في البداية أن هناك حادثا قد حصل، ولكن عندما أقترب أكثر أجد بهلوان السهلة يقدم عرضا خطط له بنفسه. الرجل لديه طاقة لذلك يحاول جاهدا تصريفها، فتجده يسحب دراجة نارية برأسه، أو يسحب شاحنة بأسنانه، وما شابه من حركات.

المشكلة إننا في البحرين لا نقدر الفن وأهله، ولا نقدر حتى المواهب والقدرات، ولا الجوانب الإبداعية، فقط نتكلم في المطلق، ونضيع وقتنا ووقت أطفالنا في أمور تافهة لا معنى لها، على سبيل المثال كم مرة تنظم البحرين سيركا إيطاليا أو اسبانيا، وكم مرة تم استقبال فرق مكونة من مهرجين - أناس عاديين - لا يملكون من مهارات الفن إلا قليلا، ونستخف بعقول صغارنا ونأخذهم إلى هناك إذ الوجوه الملونة والحركات البهلوانية الفارغة التي لا ترقى إلى مستوى الفن. فالكثير من أطفالنا يستطيعون القيام بمثلها، ولكن ما يقوم به بهلوان السهلة ينم عن قدرات خارقة، كأن يستلقي على الأرض وتعبر على جسده شاحنة، أو يتمكن من سحبها باستخدام أسنانه فقط، ويتمكن من وضع صخرة كبيرة وثقيلة على صدره من دون أن يتألم، فماذا لو تم احتضان هذه الشخصية والاستفادة منها؟ سيكون ذلك حتما دفعا قويا لغيره من الكفاءات التي تملك جوانب تميز لا نعرف عنها شيئا، وعندما تجد أن هناك من يقدرها سيكون ذلك حافزا لها على العطاء والابداع، فهل لنا أن نحسن استغلال جوانب التميز؟

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1037 - الجمعة 08 يوليو 2005م الموافق 01 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً