ندوة جمعية العمل الوطني الديمقراطي الاربعاء الماضي طرحت رؤية متكاملة لمقترح تنوي الجمعية تقديمه للقوى والفعاليات الوطنية والجهات المسئولة لتشكيل لجنة وطنية للحقيقة والمناصفة على النهج نفسه الذي اتخذته المغرب، التي تتقدم حاليا الدول العربية في الانفتاح السياسي. وبحسب المؤشرات المتعددة، فإن البحرين مع المغرب تمثلان تجربتين متقدمتين "نسبيا" على الدول العربية الأخرى. ولذلك فلا عيب ان ننظر الى ما قدمته المغرب من انموذج في مجال المصالحة الوطنية بهدف طي صفحات الماضي وتأسيس اجماع وطني يدعم مشروع الاصلاح الذي يقوده جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ مطلع العام .2001
الاستعراض الذي قدمه كل من رضي الموسوي وعبدالله جناحي يعتبر الأفضل من نوعه، وعبر عن حرفية متقدمة في العمل السياسي، ونأمل ان تستجيب له الجمعيات السياسية والحقوقية والأهلية المعنية بمثل هذه القضايا الرئيسية التي مازالت تنهك اجندة الساحة السياسية.
لقد طرحت "جمعية العمل" افكارها بشكل منهجي وموضوعي، وتطرقت الى التجارب الناجحة والتجارب الفاشلة، واشارت الى ان من بين اسباب الفشل لبعض التجارب هو إلقاء اللائمة على العوامل الخارجية، بحيث يتم تبرئة جميع المسببات الداخلية ومن يقف وراءها.
الجمعية حذرت من المسار المشوه نحو المصالحة والذي يؤدي الى ذهاب المصالحة الحقيقية في مهب الريح وفشلها. ولعل اشارة الجمعية الى تجارب فاشلة مثل تلك التي حدثت في تشيلي تعطينا درسا في البحرين. فعلى رغم ان ما حدث عندنا لا يقارن بما حدث في تشيلي، فإن الاصلاحات التي حدثت لاحقا تفوق ايضا ما يحدث لدينا، ولكن المتاعب مازالت متواصلة بسبب الفشل في قول الحقيقة واجراء المصالحة الوطنية السليمة. فقد اشارت "جمعية العمل" في دراستها الى قرار الرئيس التشيلي باتريسيو بتشكيل لجنة وطنية للحقيقة والمصالحة العام .1990 ولكن هذه اللجنة لم تمتلك اية صلاحية لمحاكمة وإدانة احد، واقر تقريرها الصادر العام 1991 بعجز اللجنة عن ادارة المسار للمصالحة لان الجيش يرفض تزويدها بمعلومات حساسة.
وبمجرد صدور التقرير نشرت قوات الأمن بيانا تدافع فيه عن افعالها خلال الحرب، ولذلك فإن تشيلي مازالت تصارع تركة الدكتاتور بينوشية الذي ظل قائدا للجيش الى مارس/ آذار ،1998 وعين بعد ذلك سيناتورا مدى الحياة و"هو ما ادى لافلاته من مذكرة التوقيف التي اصدرها بحقه القاضي الاسباني بالثازار غارسون في اكتوبر/ تشرين الأول 1998". اللجنة التشيلية لم تحرز اي تقدم حقيقي في اتجاه المصالحة. وعليه فقد النظام العسكري البوليسي شرعيته ولكن سلطته ونفوذه ظلا قائمين.
"جمعية العمل" أوضحت كيف نجحت دولة عربية "المغرب" في تحقيق المصالحة عبر قول الحقيقية ومن ثم العفو عن الماضي، وبذلك تتقدم المغرب على غيرها من الدول العربية، ونحن لا ينقصنا ذلك في البحرين
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1037 - الجمعة 08 يوليو 2005م الموافق 01 جمادى الآخرة 1426هـ