العدد 1037 - الجمعة 08 يوليو 2005م الموافق 01 جمادى الآخرة 1426هـ

شفافية الموازنة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

مجلس النواب انتهى الاسبوع الماضي من مناقشة "الموازنة العامة". وعلى رغم أنها طالت كثيرا، فإنها المرة الأولى منذ ثلاثين عاما تتعرض فيها الموازنة العامة للمساءلة. ومهما اختلفنا بشأن جذرية هذه المساءلة، فإن ما لا يمكن التشكيك فيه هو أن النواب شعروا أن عليهم أن يثبتوا وجودهم، حتى ولو في جوانب محددة فقط.

مازال كثير من المداولات أقل مما هو مطروح في دول متقدمة ديمقراطيا، ولكن بالنسبة إلى البحرين فإن ما حدث يعتبر إنجازا عندما نقارنه بما كان يحدث خلال ثلاثة عقود مضت.

الموازنة وتفاصيلها مازالت "سرية"، وهو أمر نأمل أن ينتهي العام المقبل. فالصحافة من حقها أن تطلع على الموازنة لكي تعرضها على الناس بعد تحليلها. ولقد كانت واحدة من أهم النشاطات التي اضطلعت بها "الوسط" منذ تأسيسها هي تطبيق مفهوم الشفافية على الموازنة. وكانت "الوسط" أول من تحدث عن مدخول البلاد من نفط "أبوسعفة"، كما كانت الصحيفة أول من طرح عدة تفاصيل للرأي العام بما في ذلك انقطاع الهدية السعودية "50 ألف برميل يوميا" والكلفة المرتفعة لتطوير حقل أبوسعفة.

مردودات النفط من حقل أبوسعفة كانت واحدة من المحرمات التي لا يجرؤ أحد على التطرق إليها قبل المشروع الإصلاحي، ولكنها أصبحت الآن تطرح بشكل علني بفضل ازدياد الشفافية.

النواب استطاعوا لأول مرة التحدث عن "بابكو" و"ألبا"، فهما الشركتان الكبيرتان اللتان تمثلان جزءا كبيرا من الناتج القومي. وكانت هاتان الشركتان خارج الموازنة الرسمية، أو أننا لم نكن نعرف عنهما أي شيء، لا عن مدخولاتهما ولا عن أرباحهما ولا عن مصروفاتهما. ولكن النواب طرحوا أسئلة حرجة وفرضوا واقعا آخر، وعرفنا للمرة الأولى أن "بابكو" كانت تحصل على النفط الذي ينتجه حقل البحرين "نحو 35 ألف برميل يوميا" بصورة مجانية. ومن خلال الردود الرسمية من "بابكو" ووزارة المالية بدت الصورة تتضح أكثر.

النواب طرحوا بشكل واضح أن بابكو وألبا والبتروكيماويات وغيرها من الشركات الكبرى التي تملكها الدولة أو تملك جزءا من أسهمها لم تعد تعيش في عالمها السري، وأن الموازنة العامة يجب أن تشمل ثروات البلد كلها ويجب أن يطلع النواب على تفاصيل الثروة التي تحصل عليها بلادنا من مختلف المصادر.

النواب لم يكونوا محترفين في بداية المناقشات، ولكن خبراتهم تطورت مع مرور الأيام وبدأوا يتعلمون كيف يسألون الأسئلة وكيف يحصلون على الأجوبة. وهكذا، فقد ازداد مدخول النفط رسميا وبدأنا نعرف بعض ما يدور في الشركات الكبرى.

إن هذه خطوة إيجابية تحسب للنواب، ولكننا نطالبهم بمزيد من الاحتراف ومزيد من القوة في طرح الأسئلة، كما نطالبهم بأن ينشروا كل ما لديهم على الشعب من خلال الصحافة. فلم يعد الناس يرضون بالنقاشات المغلقة داخل اللجان البرلمانية، ولدينا من الاختصاصيين في مختلف القطاعات من يستطيع تشريح الموازنة ومساعدة النواب في طرح مزيد من الأسئلة فيما لو توافرت المعلومات للجميع.

انها خطوة إلى الأمام، ونأمل أن يتم استكمالها، كما نأمل من الحكومة أن تنشر تقريرها عن واقع المصروفات والمدخول للعام 2004 مقارنة بموازنة العام الماضي لكي نعرف دقة التخطيط ونستطيع أن نطرح الأسئلة المناسبة لمعرفة كيف تتم ادارة المال العام، ولكي نساهم جميعا في تطوير وتعزيز ممارسات الحكم الصالح

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1037 - الجمعة 08 يوليو 2005م الموافق 01 جمادى الآخرة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً