كتب إلى مسافرة من البحرين: "أتمنى أن تكون الإجازة ممتعة، فلا تفكري في هذه الجزيرة التعيسة مؤقتا، خذي راحة ثلاثة أسابيع، و"لاحقة" على الهم من جديد"! فأجابت تطمئنه من هناك: "ثق إن محاولاتي الاسترخائية باتت جميعها بالفشل الذريع، فأمام سكني مقهي للانترنت. .. إذا لا مفر من المتابعة. أينما ذهبنا، فثمة آثار تذكرنا بالحضارة العربية الإسلامية السالفة، وبالأرض المغتصبة، وأينما ولينا وجوهنا طالعتنا الجبال وبحيرة طبرية والبحر الميت، نتبادل الحديث والوجع، فمن وراء الأفق الذي نشاهده تقبع فلسطين. الهم الثالث هو مجتمع هذا البلد والتشابه بين واقعنا وواقعهم، أقول لك لا مفر. زرت ليلى خالد في دراها القريب من مبنى المخابرات، وقمت بتغطية لمخيم البقعة الفلسطيني".
وتضيف "كان قراري المفاجئ للسفر إلى بيروت برا مرورا بالشام، إذ أنهيت قراءة كتاب "المصرية" لجلبريت سنيويه في الطريق. وفي اليوم الثاني لوصولي زرت مخيم شاتيلا. لا أعتقد أن أيا منا يستطيع مقاومة كل هذه الإغراءات والركون في داره وصومعته من أجل لحظات من الراحة، قد يجدها في اكتشاف الحقيقة... فتلك غاية المتعة".
لا خلاف، فهو أيضا عندما زار بيروت كان همه أن يزور مخيم صبرا وشاتيلا، هناك حيث تذرف الدموع.
وعلى الحدود، حدث لها ما حدث مع غوار قبل عشرين عاما، في إحدى مسرحياته الكوميدية السوداء: "وصلت منذ يومين منهدة القوى بسبب محاسبة مفتش الجوازات "العربية" عندما فتح حقيبتي على آخرها وأخذ يحقق معي عن شرائي أربعة أحذية بيروتية لزوجي وابني، فأخذت أقسم بربي أنني سأصرف بعض النقود حال وصولي في سوق الصالحية بالشام! أحسست أنني أهرب الممنوعات، هل رأيت عالما مقرفا مثل عالمنا العربي؟".
هو أيضا لم ير عالما مقرفا مثل هذا العالم العربي التعيس. قرأ كلماتها وأخذ يفكر وهو يراجع نفسه: هل يمكن فعلا أن ينسى بحريني هذه الجزيرة التعيسة حتى ولو كان سائحا في أجمل أقطار الدنيا؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1036 - الخميس 07 يوليو 2005م الموافق 30 جمادى الأولى 1426هـ